الحرية – نورما الشيباني:
العرس السّاحلي تقليد تراثي اجتماعي، يرسخ روح المحبة والألفة والتّعاون بكل طقوسه غابت ملامحه الجميلة في عصرنا الحالي.
يؤكد الباحث في التراث الشعبي نبيل عجمية لصحيفة “الحرية” أن الأجداد امتلكوا تقاليدهم الخاصة في إقامة الأعراس، حيث كان العرس في تلك الأيام يبهج الجميع صغاراً وكباراً ويستمر لثلاثة أيام متواصلة، واصفاً كذلك الطعام الشّهي الذي كان يقدم لجميع المعازيم والحضور فيدعوهم أهل العروسين للطعام منشدين:
كلوا ولا تغصوا… وشفافكن من السّمن عم يبصوا
ولا تقولوا نحنا بخيلين … طبخنا دست والتاني فيه نصو.
كما كانت تعقد حلقات الدبكة على إيقاع دق الطّبل وخبطة الأقدام بإيقاع منتظم ومنسجم على الأرض، بينما يتابع عازف المزمار نغماته متنقلاً من أول صف الدبيكة إلى آخره، وتنطلق الزغاريد المجلجلة في أرجاء الحي، وخاصة بعد مشاركة وجهاء القرية في الدبكة إكراماً للعرسان، ويعلو صوت الطبال بالشوباش لفلان وفلان من الحضور، ويتابع عجمية أنه ومن ذاكرتنا الشّعبية الأوصاف الجميلة لحمام العروس:
حمام طافح بجرنو ………..كيِّس غسل البنيا
يا عين عيني يا سميرا …حورا وربيت عالميّا
والتوب توب النعامي …..وخدود يا تفاح شامي
وريحة عطر وخزامي ..والصوف خرج الشّتوية
يا عين عيني يا سميرا ..الزنار داير ع خصيرا
ومنديل شغل السنيرا …….وطرحة حرير صينيا
وعيون صلّوا عنبينا …تسبي غزال البريا
وفي المساء يكون الناس في أوج سرورهم وهم يغنون ويرقصون ويتبدلون على رأس الدبكة ويشق صوت سرورهم وغنائهم وموسيقى المزمار (المجوز) ودق الطبل عنان السماء.
سهرة العرس
وتضيف السيدة ربيحة منصور المهتمة بالتراث: كان يقوم أهل العريس بعزيمة أهل القرية والقرى المجاورة على السهرة التي تسبق يوم العرس، وهي عبارة عن حفلة صغيرة يشارك فيها جميع أهالي القرية.
حيث تقوم كل عائلة بإحضار حملة حطب تسمى “حماية” لإشعال النار ليحتفلوا على ضوئها مساءً في ساحة الضّيعة المخصصة للتجمعات والأفراح ويوم السّهرة يجتمع الناس، وتحضر فرقة الشّعار عصراً وهي عبارة عن ثلاثة أشخاص صاحب الطّبل والزّمر والشبوش إلى القرية ليبدأ قرع الطّبل وتعقد حلقات الدبكة والغناء استعداداً ليوم العرس في الغد.
وتتابع منصور في السهرة يتفق أهالي القرية على تجهيز الطعام، وتتحول الضّيعة إلى مطعم لأهل العريس وضيوفه، ومن الأكلات المعروفة الذبائح والبرغل بحمص…
العرّاسة
وفي يوم العرس يذهب أهل القرية مع أهل العريس لإحضار العروس من منزل والدها، ويسمون العرّاسة وهم يغنون:
نحنا لحقنا لحقة العرسانة
والصّوت عقد بجبل رسلانة
قولوا ل بيّ العروس يسن ويدبح ويطعمي الخطار لحم الضّاني.
تجهيزالعروس
وتبدأ الفتيات بتجهيز العروس، وتحضر الفتيات فستان العرس على طبق من القش مع الجلوة الشفافة وحذاء أبيض ومشط، وكل ما يتعلق بلباس وزينة العروس و يبدأ أقرباء العريس بالغناء والرقص:
يا رفقاتا غنولا وقناني المسك رشولا
جبنا الفستان للعروس ياريتو يلبق ل طولا.
وتبدأ طقوس تزيين العروس على وقع أغنية:
يا ماشطة مشطيها
بلله لا توجعيها
بلله عليكي سميرة
ساويها بعد عيني سميرة
بلله عليكي ساويها
طلعة العروس
تخرج العروس من منزل ذويها وهي ممسكة بيد والدها وأخوها، وأهل العريس ينشدون فرحين:
شبوش ليكم كتر الله خيركم
ما عيني شافت بالأوادم غيركم
شبوش ليكم عطيتونا بنيتكون
إنتو الأمارة وما بالدنيا غيركم
ثم تبدأ طقوس الوداع مبللة بالدموع فتودع العروس والدتها وإخوتها لينطلق موكب العرس باتجاه بيت العريس بقيادة عقيد الموكب يختاره أهل العريس والعروس ليسير في مقدمة الموكب.
نقطة العروس
وأردفت منصور ثم تأتي مرحلة النّقطة حيث يبدأ والد العريس بتقديم النّقطة والمشوبش يقول: شبوش يا بيّ العريس مئة ليرة للعروس وهكذا حتى تنتهي مرحلة النّقطة ويتم جمعها وبعدها تبدأ طقوس حفل الغداء.
اختتام العرس
وعند العصر يعود إلى السّاحة الطّبل، والزّمر والشٌبوش، ويجتمع الناس من جديد ليغنوا، ويدبكوا حتى يعلن الشّعار انتهاء العرس.
ويأخذ العريس عروسه إلى منزلهما حيث جهز أهل العريس قطعة خميرة طرية تقوم العروس بوضعها على عتبة باب البيت وهذا يرمز إلى الخير والخصب فمن القمح يصنع الخبز والعروس تشبه الخميرة وستعطي في المستقبل عائلة صالحة.