العقاب الذهبي.. حين تعانق الدولة شعبها من جديد

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية – أمين سليم الدريوسي:

في لحظةٍ فارقة من تاريخ سوريا، أُطلقت بالأمس الهوية البصرية الجديدة للجمهورية العربية السورية، معلنةً بداية عهدٍ سياسي واجتماعي جديد، تتجسد فيه الدولة لا كسلطة فوقية، بل كحارسةٍ لشعبها، منبثقةٍ من إرادته، خادمةٍ له، وفي قلب هذه الهوية، يحلّ العقاب الذهبي، لا كرمزٍ زخرفي، بل كحكايةٍ بصريةٍ تختصر قرناً من النضال، وتفتح بوابة المستقبل.

لم تكن الشعارات يوماً مجرد رسوم، بل رواياتٌ تختزل هوية الشعوب والدول، وقد أدركت سوريا، في لحظتها التأسيسية الجديدة، أن العودة إلى شعار الاستقلال الأول لم تعد ممكنة، كما أن استمرار الإرث العفن للنظام السابق لم يعد مقبولاً، فكان لا بدّ من شعارٍ جديدٍ يقطع مع الماضي السلطوي، ويستحضر جذور الدولة، ويعيد تعريف العلاقة بين الشعب والدولة.

العقاب الذهبي من القوة إلى الحماية..

اختيار العقاب الذهبي لم يكن اعتباطياً، فهو طائرٌ جليل الحضور في التاريخ السوري والإسلامي، من رايات الفتح إلى رمزية الشمس والقمح، لكنه في نسخته الجديدة، تحرر من «الترس» ومن رمزية القتال، ليصبح رمزاً لدولةٍ حارسة، لا متسلطة؛ راعية، لا متغولة.

ففي التصميم الجديد، تحررت النجوم الثلاث التي ترمز إلى الشعب، وارتفعت فوق العقاب، في دلالةٍ بصريةٍ على أن الشعب هو من يمنح الدولة شرعيتها، لا العكس، أما العقاب، فقد بسط جناحيه على كامل الجغرافيا السورية، بـ14 ريشة تمثل المحافظات، وذيلٍ متوازن بخمس ريشات ترمز للمناطق الكبرى، في تأكيدٍ على وحدة الأرض وتكاملها.

من الدولة الأمنية إلى الدولة الحارسة..

التحول الأهم من الدولة الأمنية إلى الدولة الحارسة الذي يعكسه الشعار الجديد هو الانتقال من «الدولة الأمنية» إلى «الدولة الحارسة»، فالدولة لم تعد تتدخل في كل شيء لتفشل في كل شيء، بل تركز على ما لا يُستغنى عنه، التعليم، الصحة، البنية التحتية، والتشريعات التي تطلق طاقات الشعب السوري.

حتى مخالب العقاب الثلاثة، التي ترمز إلى القوات البرية والبحرية والجوية، لم تُصوَّر كأدوات قمع، بل كرمزيةٍ للجاهزية الدفاعية، في توازنٍ بين السكون والحركة، بين الحماية والانفتاح.

خمس رسائل في شعار واحد

يحمل العقاب الذهبي في طيّاته خمس رسائل جوهرية، وهي:

•  الاستمرارية التاريخية: أي امتداد لشعار 1945، لا قطيعة معه.

•  تمثيل الدولة الجديدة: دولة منبثقة من الشعب، لا مفروضة عليه.

•  تحرر الشعب وتمكينه: النجوم فوق العقاب، لا داخله.

•  وحدة الأرض السورية، لا تفاضل بين المحافظات، بل تكامل.

•  عقد وطني جديد: علاقة متوازنة بين الدولة والمواطن.

سوريا تنهض.. لا تعود إلى الوراء

إن الهوية البصرية الجديدة ليست مجرد تغيير في الشكل، بل إعلان نوايا، إنها وعدٌ بأن سوريا لن تعود إلى الوراء، بل ستنهض من رمادها، بشعبها، ومن أجل شعبها، العقاب الذهبي لا يحلّق وحده، بل تحلّق معه آمال السوريين، في وطنٍ يستحقهم، ويستحقونه.

Leave a Comment
آخر الأخبار