العنب بين التقاليد الغذائية والجدوى الصحية: فاكهة صيفية تحت مجهر العلم والتجربة

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – لوريس عمران:

في الوقت الذي يزداد فيه الإقبال على الأنظمة الغذائية الصحية، تتجه الأنظار مجدداً إلى الأغذية الطبيعية الموسمية التي تحمل في طياتها إرثاً طبياً وزراعياً غنياً، ويأتي العنب في صدارة هذه الأغذية، بوصفه فاكهة صيفية غنية بالمركبات الحيوية والمضادة للأمراض. وبما أنّ الأسواق السورية تغص حالياً بكميات كبيرة من العنب الأحمر والأخضر والأسود لاسيما في الساحل السوري، تطرح “الحرية” في هذا التقرير أسئلة متعددة حول الجدوى الصحية والغذائية والاقتصادية لهذا المحصول.

مركبات فعالة ومضادة للشيخوخة

الدكتور وسيم خضور طبيب مختص في الأمراض الباطنية بمدينة اللاذقية أكد أن العنب الأحمر تحديداً يحتوي على نسبة عالية من مضادات الأكسدة، أبرزها مركب الريسفيراترول، الذي أظهرت عدة دراسات دوره في تأخير التلف الخلوي وتقليل معدلات الالتهاب داخل الجسم. لافتاً إلى أن الفلافونويدات تسهم في الوقاية من أمراض القلب وبعض أنواع السرطان، أيضاً وجود الميلاتونين يشير إلى دور غير مباشر في تحسين جودة النوم وتنظيم الساعة البيولوجية.

وأوضح خضور لصحيفتنا الحرية أنّ العنب الأحمر يمكن أن يكون جزءاً من نمط وقائي، خاصة عند فئة المسنين، إذ يحتوي على مواد طبيعية تؤثر إيجاباً في وظائف الدماغ والذاكرة. مشيراً إلى أنّ استهلاك العنب باعتدال لا يغني عن المتابعة الطبية، لكنه يقدّم دعماً غذائياً حقيقياً في مواجهة التدهور المعرفي.

العنب الأخضر… غذاء مناعي وهضمي

في المقابل المهندس الزراعي حسن بشارة أحد العاملين في مشروع التنمية الزراعية الأسرية في ريف جبلة أشار إلى أنّ العنب الأخضر يتمتع بخصائص مقوية للمناعة، كما يحتوي على مركبات نباتية تساعد في تنظيم حركة الجهاز الهضمي وتحسين امتصاص العناصر الغذائية، مبيناً أنّ استخدام المبيدات المدروسة ومواعيد القطاف الدقيقة تلعب دوراً كبيراً في جودة الثمار وفائدتها الصحية.

زراعة تقليدية تواجه تحديات السوق

المزارع أبو رياض من قرية بشيلي بريف جبلة أكد أنّ العنب في الساحل السوري ليس فقط سلعة استهلاكية بل جزء من تقاليد الزراعة الصيفية، موضحاً أنّ العديد من الأسر تعتمد عليه كمصدر دخل موسمي، سواء عبر بيعه طازجاً أو تحويله إلى زبيب منزلي. مبيناً أن تراجع الطلب عليه في بعض الأسواق ضعف القدرة الشرائية، رغم وفرة الإنتاج هذا الموسم.

تنبيهات طبية

رغم ما يحمله العنب من فوائد مؤكدة، أشارت الدكتورة هناء سلمان المختصة بالتغذية الإكلينيكية في اللاذقية،إلى أنّ المرضى الذين يتناولون أدوية مميعة للدم عليهم الحذر، لأن بعض مكونات العنب قد تتداخل مع تأثير تلك الأدوية. كما أنّ مرضى السكري بحاجة إلى تنظيم الكميات المتناولة، نظراً لاحتوائه على سكريات طبيعية قد تؤدي إلى ارتفاع مفاجئ في مستوى الغلوكوز في الدم.

فاكهة لذيذة ومرتبطة بالذاكرة

في جولة قامت بها “الحرية” على بعض أسواق مدينة اللاذقية أجمع عدد من المواطنين على أنّ العنب جزء من الذكريات العائلية المرتبطة بطفولتهم، لاسيما في الأرياف حيث قالت السيدة رائدة من سكان حي الزقزقانية إنّها تفضّل العنب الأسود بسبب كثافة نكهته وسهولة حفظه. في حين أوضح الشاب أحمد وهو في العقد الثالث من العمر أنّه يعتمد على العنب كبديل عن الحلويات الاصطناعية، بسبب مذاقه الحلو وفوائده.

متعة الطعم وحكمة التوازن

ما بين الأحمر والأسود والأخضر، لا تزال عناقيد العنب تتدلّى بثقة على واجهات البسطات والمزارع، شاهدة على القيمة الغذائية والصحية المتجددة، وعلى علاقة مستمرة بين الأرض والإنسان.
ومع تصاعد الاهتمام بالأنماط الغذائية الوقائية، يبدو العنب مرشحاً دائماً للبقاء ضمن قائمة الأغذية الموسمية الفعالة، شرط الاعتدال في الاستهلاك، والانتباه إلى الفروقات الصحية بين الأجسام والاحتياجات الفردية.

Leave a Comment
آخر الأخبار