‏«الغارديان»: على المحكمة الجنائية الدولية أن تحاكم الأسد في ‏سوريا

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

ترجمة وتحرير: لمى سليمان:

تحدثت صحيفة «الغارديان» البريطانية بلسان كاتبها كينيث روث، ‏المدير التنفيذي السابق لمنظمة حقوق الإنسان  «‏Human Rights ‎Watch‏» عن وجوب محاكمة الرئيس المخلوع بشار الأسد من قبل ‏المحكمة الجنائية الدولية.‏

وقال روث في مقاله: هناك أنظمة قليلة في العالم تتسم بقسوة حكومة ‏بشار الأسد، اذ لم يكن هناك حد لما كانت ستفعله تلك الحكومة  ‏للحفاظ على قبضته على السلطة، بما في ذلك إلقاء الأسلحة الكيميائية ‏والبراميل المتفجرة على المدنيين في الأراضي التي تسيطر عليها ‏المعارضة المسلحة، وتجويع وتعذيب و«إخفاء» وإعدام من كان ‏يُنظر إليهم على أنهم معارضون وقد تجاوز عدد الضحايا مئات ‏الآلاف.‏

ويتابع روث مؤكداً أنه ومنذ رحل الأسد في شهر كانون الأول ‏الماضي بعد أن أطاحت به هيئة تحرير الشام التي استلمت الآن ‏مقاليد السلطة في دمشق وعد الرئيس أحمد الشرع بحكم أكثر شمولاً ‏واحتراماً للحقوق «ولا يزال الجدل محتدماً حول ما إذا كان سيفي ‏بهذه الوعود».‏

لكن هروب الأسد إلى موسكو لم يضعف الرغبة في العدالة، ولا ‏ينبغي أن يُضعفها/ فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكبر سناً بكثير ‏من الأسد، ولن يبقى رئيساً لروسيا إلى الأبد، وكما أرسلت الحكومة ‏الصربية الرئيس السابق سلوبودان ميلوسيفيتش إلى لاهاي في عام ‌‏2001 مقابل تخفيف العقوبات، فقد تقتنع الحكومة الروسية المستقبلية ‏بتسليم الأسد وأتباعه الذين انضموا إليه في المنفى كثمن لرفع ‏العقوبات أو حتى الحفاظ على القواعد العسكرية الروسية في سوريا.‏

وبرأي روث فالعدالة تكون دائماً أفضل إذا أمكن تحقيقها محلياً، لكن ‏في الوقت الحالي، لا يستطيع النظام القضائي السوري تحقيق ذلك. ‏فقد سهّلت المحاكم السورية في عهد الأسد بشكل رئيسي قمعه ‏الاستثنائي، وهي لا تُقدّم حالياً سوى أملاً ضئيلاً في محاكمات عادلة ‏وشفافة، ولكنها ضرورية لتحقيق العدالة، إن إجبار الناس على ‏الإدانة لن يؤدي إلا إلى تفاقم ظلم نظام الأسد، بدلاً من معالجته، اذ ‏يحتاج معظم النظام القضائي السوري إلى إعادة بناء من الصفر.‏

في المستقبل المنظور، تُمثّل المحاكم الدولية الأمل الواقعي الوحيد ‏لتحقيق العدالة، وأحد السبل الممكنة هو أن تمارس المحاكم الوطنية ‏الولاية القضائية العالمية أو الولاية القضائية خارج الإقليم, وبالطبع ‏هذا ممكن لأن جرائم الأسد شنيعة لدرجة أنها تندرج ضمن فئة ‏الجرائم الخاضعة للملاحقة القضائية العالمية.‏

وقد اتُخذت بالفعل خطوات متواضعة في هذا الاتجاه، وكان معظمها ‏يتعلق بجناة سوريين هربوا إلى الخارج وتم اكتشافهم، أبرزها ‏القضية التي رفعها المدعون العامون الألمان في كوبلنز ضد ضابط ‏مخابرات سوري كان يدير مركزاً للتعذيب، أُدين وحُكم عليه بالسجن ‏المؤبد بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، ولكن حتى الآن لم يتم ‏اعتقال الجناة الأعلى رتبة، على الرغم من أنهم أصبحوا أكثر ‏عرضة لذلك منذ سقوط الأسد.‏

وقد خطت فرنسا خطوات أبعد من ذلك واتهمت الأسد نفسه بارتكاب ‏جريمة شنيعة للغاية، وهي استخدام غاز الأعصاب، السارين، لقتل ‏أكثر من 1000 شخص عام 2013 في منطقة الغوطة بالقرب من ‏دمشق، ولكن من الأفضل تجنب المحاكمات الغيابية، كونها لا تُسهم ‏كثيراً في تعزيز العدالة بغياب المشتبه به للدفاع عن نفسه، لكن هذه ‏التهم الغيابية والتي تهدف إلى الضغط من أجل الاعتقال، جديرة ‏بالثناء وينبغي على المزيد من الحكومات أن تحذو حذو فرنسا.‏

وحسب روث فإن الملاحقات القضائية الوطنية تتطلب استثماراً كبيراً ‏من الدولة المدّعية، حتى مع افتراض المساعدة من الهيئة التي أنشأتها ‏الجمعية العامة للأمم المتحدة لجمع الأدلة لدعم مثل هذه الملاحقات ‏القضائية، وهي الآلية الدولية المحايدة والمستقلة، سيكون المنتدى ‏الأكثر منطقية هو المحكمة الجنائية الدولية، حيث يمكن للحكومات ‏تجميع الموارد لدعم الملاحقة القضائية.‏

وقد غابت المحكمة الجنائية الدولية عن سوريا في عهد الأسد، ‏وعرقلت روسيا والصين مساعي مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ‏لمنح السلطة القضائية عام ٢٠١٤، ومع تضاؤل احتمالات القبض ‏على المسؤولين الأكثر إجراماً في ظل بقاء الأسد في السلطة، لم يُبدِ ‏المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أي اهتمام يُذكر بمتابعة ‏مسارات أخرى محتملة للقضية.‏

Leave a Comment
آخر الأخبار