الحرية- سامي عيسى:
واقع مؤلم لقطاع الطاقة الكهربائية في سورية فرضته سنوات الحرب الماضية، حيث شهد اعتداءات كبيرة، تخللها تخريب وتدمير وسرقة وحرق لما تبقى منه، حتى وصل إلى مرحلة الشلل، وانعكاس ذلك بصورة سلبية ليس على مستوى الاقتصاد والإنتاج والخدمات، بل على مستوى المواطن في تأمين القليل من مستلزماته، وبالتالي عودة هذا الشريان الاقتصادي والاجتماعي ليتصدر مشهد الإنتاج وتحسن الأحوال يحتاج إلى مصادر دعم كبيرة، هي خارجة عن قدرة الدولة في الوقت الحاضر، من هنا نجد أن المبادرة القطرية هي خطوة أولى من حلقات الدعم لهذا القطاع ووضعه على سكة الإنتاج الصحيحة التي يتم من خلالها البدء بعودة الحياة الى مفاصل العمل اليومية في كافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها..
حديث الخبير الاقتصادي الدكتور فادي عياش لصحيفة”الحرية” عن أهمية المبادرة القطرية في دعم قطاع الطاقة بالغاز لزيادة إنتاجية محطات التوليد والتخفيف من أعباء التقنين جاء ضمن هذا الإطار، مؤكداً أهميتها في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها الدولة، وأضاف أن قطاع الطاقة الكهربائية يحتاج لإمكانات وموارد وتمويل ضخمة، ليتمكن من تأمين حاجات البلد من الطاقة الكهربائية، “وحسب تصريحات سابقة لوزير الكهرباء فإن هذا القطاع يحتاج قرابة 40 مليار دولار ولفترة لا تقل عن 3 سنوات حتى يتمكن من التعافي وتأمين الكهرباء بشكل مقبول وليس تام، وتقدر الحاجة من الكهرباء يومياً بحدود 6500 ميغا واط، والمتاح فعلياً لا يتجاوز 30% منها”.
وبالتالي لدينا عجز كبير في حوامل الطاقة، نتيجة الدمار الكبير في محطات التوليد وشبكات التوزيع، والنقص الشديد في التجهيزات وقطع التبديل، والحاجة الكبيرة للصيانات الشاملة، لرفع كفاءة التوليد التي لا تتجاوز 40% كمكافئ لوحدة الوقود المستعمل، مع نسبة فاقد كبيرة لا تقل عن 30%.
ومن هنا تأتي أهمية المبادرة القطرية في دعم قطاع الكهرباء في سورية، وهي أحد أهم حوامل الطاقة الضرورية للإنتاج والتعافي الاقتصادي، وتأمين الخدمات الأساسية للمجتمع.
فحسب المعلومات المتداولة ستزود قطر سوريا بقرابة 2 مليون م3 من الغاز يومياً، عبر خط الغاز العربي عن طريق الأردن بالتعاون بين صندوق قطر للتنمية ووزارة الطاقة الأردنية، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وبتوجيهات مباشرة من أمير قطر بما يضمن التكامل الفني، واللوجستي وسرعة الإنجاز وجودته، ويتوقع أن يتم ذلك خلال الفترة القريبة القادمة.
هذه الكمية ستكون كافية لرفد الشبكة السورية بقرابة 400 ميغا واط يومياً، وتشكل قرابة 20 % من طاقة التوليد المتاحة حالياً، وبالتالي يمكن أن تحسن من فترات التغذية الكهربائية للقطاعات الإنتاجية والاستهلاك المنزلي ولكن بنسبة لا تتجاوز 20% أيضاً، ولذلك قد يكون من الأنسب تخصيص هذه الزيادة للقطاعات الإنتاجية كأولوية على قطاع الاستهلاك المنزلي.
وبالتالي ورغم أهمية هذه المبادرة إلا أنها لن تكون كافية لتحقيق تحسين كبير في واقع الكهرباء الحالي، ويلاحظ غياب أي حديث عن مشروع سفن توليد الكهرباء الذي جرى التحضير له سابقاً والمقدر له تأمين 800 ميغا واط يومياً.
ما يستوجب العمل على استعادة حقول الطاقة السورية والتوسع في مشاريع الطاقات المتجددة، وتطوير البيئة الاستثمارية في مجال التوليد من مختلف المصادر، والنقل والتوزيع لتكون جاذبة للاستثمارات المحلية والخارجية، فحوامل الطاقة المختلفة عصب الاقتصاد والإنتاج والنمو، والتحديات كبيرة فنياً وتقنياً وتمويلياً وزمانياً.
الغاية تخفيف التقنين وزيادة الإنتاجية وتحسين الخدمات.. المبادرة القطرية تحمل أبعاداً إنسانية واقتصادية

Leave a Comment
Leave a Comment