الحرية – رحاب الإبراهيم:
شهدت أسعار الفروج في مدينة حماة انخفاضاً ملحوظاً، يعزز قدرة العائلات الفقيرة ومحدودة الدخل على شرائه بعد وصوله إلى ١٤ ألف ليرة للكيلو الواحد، لكن ابتهاج المواطنين قابله تذمر وشكاوى من المربين بداعي الخسائر التي يتعرّضون لها جراء ارتفاع تكاليف الإنتاج والسماح بدخول الفروج المستورد ومنافسة المحلي في عقر داره رغم صعوبات ومعوقات الإنتاج الكثيرة، وسط مطالبات بمعاودة دعم قطاع الدواجن، الذي يشكل أحد ركائز الأمن الغذائي وتمكين دعائم الاقتصاد المحلي.
“الحرية” تواصلت مع عدد من المربين، الذين رفعوا الصوت عالياً للمطالبة باتخاذ إجراءات عاجلة لإنقاذ قطاع الدواجن وخاصة مع توالي خروج بعض المداجن عن الخدمة نتيجة الخسائر المستمرة الناجمة عن غلاء مستلزمات التربية ودخول الفروج المجمّد المستورد بلا حسيب ولا رقيب، ولا يمكن للمربي مجاراته ومنافسته، وهو أمر ينتج عنه نفوق مشاريع الإنتاج وخروج آلاف المربين من السوق، وتراجع الأمن الغذائي، مطالبين باتخاذ قرارات تدعم وتنقذ قطاع الدواجن المهم قبل انهياره، وخاصة وقف استيراد الفروج المجمّد، ودعم المربين على نحو يسهم في تخفيف الكلف عليهم ويمنع خروج مداجن جديدة عن الخدمة، وهذا من شأنه تحسين واقع الإنتاج وحماية قطاع الدواجن وتوفير منتجاته بأسعار مقبولة للمواطنين والمربين.
خسائر كبيرة
الطبيب البيطري عبد العزيز شومل نقيب الأطباء البيطريين السابق في حماة، والذي يعد من أشد المدافعين عن قطاع الدواجن، لكونه يعد من أهم القطاعات المنتجة والداعمة للاقتصاد المحلي والأمن الغذائي، بيّن لصحيفتنا “الحرية” التحديات والمخاطر التي تواجه هذا القطاع الحيوي والخسائر التي يتعرض لها المربون وخاصة الصغار منهم، ما يتسبب في خروجهم تدريجياً من هذه المهنة وخاصة مؤخراً بعد الانخفاض الكبير في أسعار الفروج ليصل سعر الكيلو الحي إلى ١٣,٥ ألف ليرة، وهو رقم قد يبهج المواطنين لتمكينهم من شراء هذه المادة الأساسية، لكنه بالوقت ذاته يلحق خسائر بالمربين، الذين لم يحققوا أي ربح منذ التحرير باستثناء خلال فترة عيد الأضحى.
خطر فعلي
ولفت د. شومل أن المربين رغم خسائرهم يسعون بكل إمكاناتهم للمحافظة على هذا القطاع ومنعه من الانهيار، الذي قد يحصل رغم كل محاولات إنقاذه ما لم يتخذ قرارات جريئة تحميه وتدعمه من منافسة الفروج المستورد بشكله الكامل والمقطع، والذي يعد مصدر خطر فعلياً على صحة المواطنين وخاصة بعد ذوبانه، فالمفروض الفروج المثلج يعتمد في تغذيته على العلف الحيواني وهذا يشكل عامل خطورة مضاعفاً، عدا عدم التأكد من خضوعه للرقابة الصحية وعدم معرفة مصادره الأساسية، حيث تجمع بقايا الحاويات القادمة من البرازيل وغيرها وترسل إلينا بعد إعادة تغليفها .
واستغرب د. شومل السماح باستيراد الفروج المثلج والذي يؤثر في المنتج المحلي الذي يعد الأفضل من كل الجوانب، وخاصة صحياً واقتصادياً، علماً أن المنتجين المحليين قادرون حالياً على تغطية السوق وبأسعار مقبولة تناسب المواطنين وتحقق هامش ربح للمربين، مشيراً إلى أنه حتى نهاية العام الحالي سيكون هناك فائض إنتاج من منتجات الدواجن، وهذا يستلزم تقديم كل الإمكانات اللازمة لدعم نهوض هذا القطاع المهم والتوجه الى تصدير منتجاته لرفد الخزينة بالقطع الأجنبي، بدل الاتجاه نحو السماح بهذا المنتج المستورد، الذي يخدم مصالح من يستورده على حساب الاقتصاد المحلي وقطاعاته المنتجة.
قادرون على النهوض
وشدّد نقيب الأطباء البيطريين السابق في حماة على أهمية اتخاذ الحكومة وعلى رأسها وزارتا الزراعة والاقتصاد قرارات نوعية تخدم قطاع الدواجن وتمنع خروج المداجن عن الخدمة وتوقف مسلسل الخسائر المتواصل، وأهم هذه القرارات إيقاف استيراد الفروج المجمّد فوراً، نظراً لضرره الكبير على كل الصعد، علماً أن المربين لا يطلبون الدعم المادي، فهم قادرون على النهوض بقطاعهم وتنميته وتطويره، لكن جلّ ما يطلبونه إيقاف استيراد الفروج المستورد، الذي سيؤدي في حال استمرار السماح بدخوله إلى السوق المحلي في إلحاق خسائر بالمربين تقدر بمليارات الليرات، حيث يخسر المربي بحدود ٣ آلاف ليرة في كل كيلو غرام.
غش
وحذر شومل من استغلال بعض المسالخ ومحلات بيع الفروج وجود الفروج المستورد لمضاعفة أرباحهم عبر خلطه مع الفروج المحلي عند بيعه مفروماً، وهذه نقطة على درجة عالية من الخطورة في ظل الضرر الصحي الذي يلحق بالمواطنين من المنتج المستورد، بدليل تسجيل حالات تسمم جراء تناول الفروج المجمّد المستورد.
إيقاف فوري
وطالب نقيب الأطباء البيطريين السابق في حماة بالعمل فوراً على إيقاف استنزاف قطاع الدواجن عبر وقف استيراد الفروج المجمد، وهو جل ما يطلبه المربون حالياً، وهو أمر على غاية من الأهمية لحماية قطاع الدواجن المهم، الذي يشغل أكثر من ٢٠ بالمئة من العمالة في سوريا سواء في تربية المداجن أو المطاعم ومحال بيع الفروج ومعامل الأدوية والأعلاف وغيرها، عدا حجم الاستثمارات الضخم في هذا القطاع الحيوي، المطلوب إنصافه اليوم عبر حزمة قرارات جريئة وإجراءات وقوانين تضع اليد على الجرح وتعالج الخلل ونقاط الضعف التي أصابت هذا القطاع المهم وتنقذه من واقعه الحالي وصولاً إلى معاودة تحقيق الاكتفاء الذاتي وتصدير منتجاته إلى الأسواق الخارجية خلال فترة قريبة، وهو ما يأمله المربون في سوريا الجديدة الحرة.