الحرية: فادية مجد:
اختارت الفنانة التشكيلية جوليا سعيد أن تجعل من التراب والرماد لغة فنية تعبّر بها عن حبها لوطنها، وتوثق من خلالها ذاكرة الطفولة، وملامح الطبيعة، ووجع الفقد، وأمل البقاء.
ومن قلب البيئة السورية، ولدت لوحاتها التي لا تحتاج إلى ألوان مصنّعة، بل تستمد دفئها من الأرض، وصدقها من الحنين.

البداية والانطلاقة
تقول سعيد: إن علاقتها بالفن بدأت منذ الطفولة، حيث ورثت موهبتها عن والدها رحمه الله الذي كان يتمتع بحس فني، كما أن نشأتها في بيئة طبيعية غنية بالجبال والأنهار والوديان أسهمت في تغذية هذه الموهبة، وتحويلها إلى شغف حقيقي.
وأشارت إلى أن رحلتها إلى مدينة الرقة وما رافقها من فقدان وذكريات مؤلمة، جعلتها تفكر في التوقف عن الرسم مؤقتاً، إلى أن عادت بذاكرتها إلى أيام الطفولة، حيث كان التراب مصدر سعادتها، ومن هنا قررت أن تبدأ بالرسم باستخدام التراب، فكانت البداية مع التراب الأحمر، الذي منحها إحساساً دافئاً ونتائج مدهشة.
ألوان الطبيعة
وأوضحت سعيد أنها بدأت بجمع أنواع شتى من التراب من أغلب المحافظات السورية، مثل الأسود، الأصفر، الأبيض، البني، البنفسجي، وحتى الأزرق المخضر من ضفاف الأنهار، مشيرة إلى أنها تمكنت من استخراج درجات لونية نادرة من خلال مزج التراب بالماء، مثل لون البشرة، لافتة إلى أن كل نوع من التراب يحمل رمزية خاصة من الطبيعة، ويمنح اللوحة طابعاً متجانساً.
تقنيات وصعوبات
الرسم بالتراب كما أفادت سعيد يتطلب دقة وهدوءاً، لأنه يعتمد على مادة خام دون أي تعديل أو صبغات ، حيث بدأت باستخدامه بأصابع اليد، ثم انتقلت إلى الريشة، وتمكنت بفضله من إنجاز لوحات تحاكي البيئة الريفية، وتُجسد المرأة في مختلف أدوارها، فالمرأة أينما كانت، يوجد الجمال.
رسم بالرماد
وبخصوص تقنية رسمها بالرماد أوضحت سعيد أن حرائق الجبال التي شهدتها سوريا تركت أثراً عميقاً في نفسها، ما دفعها إلى استخدام الرماد في لوحاتها، تعبيراً عن الحزن والأمل في آنٍ معاً ، فالرسم بالرماد يرمز إلى صمود الإنسان السوري رغم الحروب والحرائق، بينما يبقى التراب الأقرب إلى قلبها، لأنه يمثل الدفء والحنان والانتماء.
نقل التجربة
حرصت الفنانة التشكيلية سعيد على نقل تجربتها إلى الأطفال واليافعين من خلال ورش فنية أقامتها في أغلب المحافظات السورية، بالتعاون مع عدد من الجمعيات الخيرية، لافتة إلى أن هذه الورش قد لاقت تفاعلاً كبيراً، وخاصة أن التراب مادة متوفرة، صحية، وآمنة على البشرة.

رسالة الفن
وختمت سعيد حديثها، الشعب السوري يحب الحياة والفرح، و الظروف مهما كانت قاسية لا تمنع الإبداع، ولوحاتها المصنوعة من التراب تمثل جواز سفر تعبر بها إلى العالم، حاملة رسالة سوريا الحرة، المفعمة بالأمل والجمال.