الفنان التشكيلي سليمان دكدوك ابن مدينة طرطوس: “التضامن والكرامة” رحلة طويلة في إثبات الوجود للاجئين السوريين في اليونان

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – وداد محفوض:
أقيم ظهر اليوم بطرطوس لقاء مع الفنان التشكيلي ابن مدينة طرطوس سليمان دكدوك، المغترب في اليونان منذ 37 عاما”، وهو الذي اضطر لترك وطنه، ليدفع ثمن مواقفه ومبادئه ضد النظام البائد، وقد أراد من خلال هذا اللقاء الحديث عن تجربته الطويلة في الغربة، وتحديداً حول تجربته في استقبال اللاجئين السوريين الذين كانوا يصلون إلى شواطىء اليونان، وكيفية جعلهم يتأقلمون مع الأجواء الجديدة، ويتماهون مع المجتمع اليوناني بعملهم.
وفي تصريح خاص لصحيفة “الحرية” بين دكدوك أنه من خلال عمله مديراً لرابطة المغتربين السوريين في اليونان استطاع مساعدة الكثيرين في محاولة منه جعل اللاجئين العيش بكرامة بتجربة الاكتفاء الذاتي “الزراعية” التي كان لها تأثير كبير على تقوية اللاجئين ودعمهم نفسياً وإصرارهم على التحدي والبقاء.
وتحدث دكدوك عن غربته التي بدأت مذ  وطأت أقدام الواصلين عبر القوارب والبالغ عددهم 12500 لاجىء بين عامي 2015-2016 لجزيرة ليزيوس اليونانية، فاستقبلوا الواصلين بتأمين الألبسة والبطانيات لأن الطقس كان بارداً وتدفئتهم وتأمين وسائل نقل لأماكن الإيواء الأولى، ليس للسوريين فقط بل لكل من كان واصلاً فمجموعتهم المسماة “حقول التضامن” ليست عرقية ولا طائفية.
ويتابع دكدوك، أنهم تضامنوا مع أي محتاج مع بداية فتح الحدود من قبل الحكومة اليونانية لكن بعد إغلاق الحدود قررت الحكومة وضع اللاجئين في مخيمات خارج المدن وهذا يعني شل اللاجئبن وإبقاءهم عاجزين غير فاعلين، وكل ذلك يصب في خدمة النازية، فأصر هو ومجموعته على العيش في قلب المجتمع  لدمج الوافدين مع المجتمع اليوناني، كعودة الأطفال إلى المدارس بتسهيلات من مديري المدارس اليونانية لاستيعاب الأطفال من دون أوراق ثبوتية، وهذا يعتبر انجازاً كبيراً حسب تعبيره، مضيفاً أنهم طرحوا على البلديات ترميم سبعة مبان واستخدامها، لكنهم رفضوا، ما اضطرهم للاستيلاء عليها فرمموها  وأحدثوا فيها مدرسة لتعليم اللغات ومنها العربية وعيادات يعمل بها أطباء وممرضون ومعالجون فيزيائيون متبرعون لمعالحة المرضى، وبدؤوا العمل في المباني كمجتمع صغير وفق لجان تشاركية تشاورية من أكبر مسؤول إلى أصغر طفل فيها،  وتقسيم العمل ضمن لجان متخصصة كل حسب ساعات عمله التي ينجزها من رجال ونساء، لافتاً أن المشروع بدأ بـ10 دونومات لأراض مهجورة وأخرى مستأجرة ليصل إلى 167 دونماً زرعت بخضار وفاكهة موسمية كالبندورة والباذنجان والفليفلة والكوسا والحبس والعنب والتفاح وغيرها والحبوب كالقمح الذي كان يبدل بالخبز من الأفران ليغطي احتياجات القاطنين وحبوب أخرى كالحمص والعدس والشعير وغيرها.
وبين دكدوك أن المشاريع توسعت كقطاف المحاصيل وبيعها في الأسواق وصناعة المربيات والعصائر وأيضاً تربية المواشي وصناعة الألبان والأجبان، وتوفير السماد الطبيعي من روث الحيوانات اللازم للأراضي،  شارحاً أن هذه المشاريع لم تعد فقط للاكتفاء الذاتي للأسر فحسب بل أصبحت للادخار المالي أيضاً.
وبجهوده وجهود فريقه استطاع أيضاً امتلاك مقبرة خاصة للسوريين وهذا كان من الصعب الحصول عليها.
وذكر أنه كفنان تشكيلي كان يقيم المعارض لبيع لوحاته ويضع تحتها صوراً لأراض أو مواشي أو آلات ليعلم من سيشتريها أن ريعها ذاهب لدعم اللاحئين.
وخلص بالقول: إن هذا المشروع جعل اللاجئين يشعرون بالكرامة والإحساس العالي بالوجود.
ولم ينس ذكر انسانية العائلات اليونانية في تقديم العون والمساعدة كل حسب استطاعته للعوائل السورية.
وأكد دكدوك أنه بعد عودته لوطنه سوريا زار دمشق وريفها وطرح فكرة مشروع الاكتفاء الذاتي وفعلاً بدأ في ريف دمشق بالتنسيق مع المجتمع المحلي بشراء أرض لتتم زراعتها وتوسيعها، وأمل بأن تلقى فكرته اقبالاً في مدينته طرطوس، وأن تعمم هذه المشاريع لتغطي مساحات واسعة من سوريا لتصبح مجدية وفعالة.
تخلل اللقاء عرض  فيلم قصير عبارة عن مقطتفات أسماها “التضامن والكرامة” الذي يطرح معاناة الهاربين من الظلم والقتل والنزوح ووصولهم لبر الأمان، ومن ثم ٱلية التشارك والتضامن فيما بينهم لإثبات وجودهم على أرض غير أرضهم.
وعن مشاريعه الفنية والأدبية بين دكدوك  أنه حالياً في صدد إصدار كتابه الجديد “إعادة التوطين” لم يحدد موعد إطلاقه بعد.

Leave a Comment
آخر الأخبار