الفواكه الاستوائية لازالت رمزاً للتفاوت الطبقي.. وزراعتها وافدٌ جديد على أراضينا

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – بشرى سمير :

تشهد أسواق دمشق تنوعاً ملحوظاً في أصناف الفواكه الاستوائية التي تخطف الأنظار بألوانها الزاهية وأشكالها الغريبة، من فاكهة التنين والأفوكادو إلى الكيوي الإيطالي والمانغو المصري والموز الاستوائي، مروراً بأصناف فاخرة، مثل التفاح  التركي “غولدن” والعنب البرازيلي والبابايا، وفاكهة القشطة، والأناناس  النيوزيلندي. ورغم جاذبية هذه الفواكه ومظهرها المثير للشهية، إلا أن أسعارها المرتفعة تجعل منها وجبة بصرية فقط ورفاهية بعيدة المنال لمعظم السوريين، أو يمكن وصفها بأنها فاكهة الأغنياء  في ظل أسعار تُقدَّر بعشرات الآلاف من الليرات للكيلوغرام الواحد.

تتراوح أسعار الكيلوغرام من الفواكه الاستوائية بين 15 ألف ليرة لجوز الهند و40 ألفا لحبة فاكهة “التنين”، بينما يُباع كيلو الكيوي بـ30 ألفاً، والمانغو بـ35 ألفاً. حتى التفاح التركي الفاخر يُباع  الكغ بـ20 ألف ليرة، وتباع الحبة الواحدة من الأناناس بـ27ألف ليرة.

وفقاً لسلمى، إحدى الزبائن التي قالت: “نكتفي بالنظر، فاليد قصيرة عن الشراء. ما الفائدة من وجود كل هذه الأصناف إن كانت حكراً على الأغنياء لقلّة وضعف القدرة الشرائية لدى الأغلبية العظمى من المواطنين؟

يوضح البائع عمر الذي افترش مساحة واسعة على أحد الأرصفة  لعرض البضاعة، أن معظم هذه المنتجات تستورد عبر تركيا، وأن كلفة النقل أساساً مرتفعة.

من جانبه، يشير المهندس الزراعي منصور عتمة إلى تحول لافت في الزراعة السورية، حيث إن مساحات من الساحل السوري، وخاصة في اللاذقية وطرطوس، خصصت لزراعة الفواكه الاستوائية، والتي تشغل حالياً 10% من الأراضي القابلة للزراعة.

ويبين عتمة أن هذه الزراعة تحقق عوائد سريعة مقارنة بالحمضيات التقليدية، وهي فرصة اقتصادية جيدة للمزارعين الذين يبحثون عن مصادر دخل جديدة، وخاصة مع نجاح زراعة الموز وأصناف أخرى.

تفاوت طبقي

يرى الخبير الاقتصادي  محمد صالح إبراهيم أن توافر هذه السلع ليس مؤشراً على انتعاش الاقتصاد، بل يعكس حالة من التفاوت الطبقي المتزايد. موضحاً أن الأسعار المرتفعة لهذه الفواكه ليست مؤشراً على الرفاهية، بل على التضخم الذي يضرب الأسواق السورية بشكل عام.

وأضاف: إن القوة الشرائية للمواطن السوري تدهورت بشكل كبير، ما يجعل هذه الفواكه وغيرها من المنتجات الفاخرة محصورة بفئة قليلة من المقتدرين مادياً.

ويشير إبراهيم إلى أن السوق السورية أمام تحدٍّ كبير لتوفير هذه الأصناف بأسعار تناسب شريحة أوسع من المواطنين. معتقداً أن تعزيز الزراعة المحلية، قد يسهم في تخفيض الأسعار تدريجياً، لكنه شدّد على أن تحسين القدرة الشرائية للمواطن هو الحل الأساسي الذي يجب أن تسعى إليه السياسات الاقتصادية.

وأضاف: إن تكاليف الإنتاج المحلي للفواكه الاستوائية ما زالت مرتفعة بسبب نقص البنية التحتية الزراعية الملائمة، ما يجعل أسعارها قريبة من المستوردة. وإن الاعتماد على الاستيراد عبر وسطاء يرفع الأسعار أيضاً، وخاصة مع انخفاض قيمة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية. وبيّن أنه بحسب بيانات البنك المركزي السوري، فقدت الليرة أكثر من 98% من قيمتها منذ 2011، بينما تقدّر نسبة الفقر بـ90%. إذاً لا معنى لوجود سلع فاخرة في سوق يعاني معظم أفراده لتأمين الخبز اليومي. فمعدل الراتب الشهري لموظف حكومي، طبعاً لبعض الفئات، لا يتجاوز 700 ألف ليرة، أي إن سعر كيلو الكيوي يعادل 4% من دخله، فما بالك بمن راتبه حوالي 400 إلى 500 ألف ليرة؟  بينما تحتاج الأسرة المتوسطة إلى ملايين الليرات لتغطية احتياجاتها الأساسية.

ولفت إلى أنه رغم محاولات تعزيز الإنتاج المحلي، يبقى التحدي الأكبر  هو وضع سياسات داعمة لخفض التكاليف، وتحسين التسويق، وتوجيه جزء من الإنتاج للسوق المحلي بأسعار معقولة، لكن الواقع الحالي يظهر أن الفواكه الاستوائية، سواء المستوردة أو المزروعة محلياً، تتحول إلى رمز للتناقضات في  اقتصاد يعاني من اختلالات هيكلية، حيث تتعايش الرفاهية مع الحرمان في السوق نفسه.

Leave a Comment
آخر الأخبار