القراءة في زمن الشاشات.. هل نحن أمام جيل لا يقرأ؟ الفيس بوك وتويتر وسائل الثقافة الأولى

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية- سناء عبد الرحمن:

أصبح العالم اليوم أسرع من أي وقت مضى، حيث تكتسح الشاشات حياتنا اليومية وتغزو الأجهزة الذكية كل لحظة من لحظاتنا، وفي هذا الفضاء الرقمي الواسع، يبرز سؤال جوهري: هل لا تزال القراءة تحظى بمكانتها في حياتنا؟ أم إننا أمام جيل بدأ يبتعد عن الكتاب الورقي لصالح الصور السريعة والمحتوى الذي لا يتطلب تفكيراً أو تأملاً؟ هل نحن فعلاً أمام جيل لا يقرأ؟ أم إن طريقة قراءتهم قد تغيرت وأصبحت أكثر سطحية؟
تقول الدكتورة لميس عبد الرازق، أستاذة في كلية التربية بجامعة طرطوس، في حديث لـ”الحرية”: إن القراءة لم تختفِ، بل أخذت شكلاً مختلفاً تماماً.
وتوضح: التغيير ليس في اختفاء فعل القراءة، بل في تحول شكلها، في الماضي، كان الكتاب هو الرفيق الأول للمثقف، حيث كان القارئ يغرق في صفحات الروايات والكتب العلمية لفترات طويلة.
اليوم، ومع الانغماس في الشاشات والتقنيات الحديثة، أصبح الشاب يقفز بين التغريدات والمقالات القصيرة، ويتنقل بسرعة بين المحتوى دون أن يتوقف للتأمل أو التحقق من صحة ما يقرأ.
وتؤكد أنه لا يمكن القول إننا أمام جيل لا يقرأ، الشباب اليوم يقرؤون، ولكن بطريقة مختلفة، فهم يطالعون كميات ضخمة من المحتوى، لكن هذا المحتوى عادة ما يكون سطحياً وقصيراً.
ففي الماضي، كان القارئ يغوص في أعماق الكتاب، بينما اليوم يمر بين العناوين المثيرة والقصص السريعة التي لا تمنحه الوقت الكافي للتركيز أو التحليل.
نعم، نحن نعيش في عصر السرعة، لكن لا يجب أن ننسى أن القراءة العميقة ما زالت ضرورة.
وتضيف د.عبد الرازق: الجيل الحالي يعاني صراعاً داخلياً بين العادات القديمة والحديثة، حيث يجد نفسه أمام اختيارات متعددة للمحتوى، لكنه لا يملك الوقت الكافي للاندماج في قراءة موسعة.
الجميع يطالعون محتوى متنوعاً على الإنترنت، لكنهم لا يملكون القدرة على التفاعل مع هذا المحتوى بعمق.

القراءة في عصر الشاشات

من وجهة نظر د.عبد الرازق إن التحدي الأكبر يكمن في كيفية إعادة تعريف القراءة لتناسب متطلبات العصر الرقمي. القراءة اليوم تحتاج إلى مهارات جديدة مثل التحليل النقدي، والتفكير التأملي، والتحقق من صحة المعلومات.
قائلة: علينا أن نعلم الجيل الجديد كيفية التمييز بين الحقيقة والتضليل، بين المحتوى المفيد والمحتوى السطحي.
وفي هذا السياق، تؤكد أن التعليم يجب أن يواكب هذا التحول الرقمي، وأن يتجاوز مجرد حشو المعلومات إلى تعليم مهارات فكرية تساعد الشباب على استخدام الأدوات الرقمية بطريقة واعية. التفكير النقدي والتفاعل الإيجابي مع المحتوى الرقمي هما الطريق الأمثل لمواجهة تحديات هذا العصر.

جيل لا يقرأ

من جانبها، ترى الكاتبة والصحفية سعاد سليمان أن هناك تراجعاً كبيراً في حب القراءة بين الشباب، مشيرة إلى أن الاهتمام بالكتب والمجلات كان جزءاً أساسياً من حياتنا في الماضي. كنا نجمع مصروفنا لشراء مجلة للأطفال أو رواية في مرحلة المراهقة. اليوم، يفضل الأطفال اللعب على هواتفهم المحمولة أو التفاعل على منصات التواصل الاجتماعي بدلاً من الغوص في صفحات كتاب .
وتؤكد أن الإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي أصبحت المسيطرة على الثقافة العامة، لم تعد المجلات تهتم بالقضايا الثقافية أو الأدبية كما كان في الماضي. أصبح الفيسبوك وتويتر هما وسائل الثقافة الأولى، بينما اختفت الكثير من الكتب والمجلات التي كانت تساهم في تطوير الوعي الثقافي لدى الشباب .
وتضيف سليمان: هذه التغيرات كانت لها تأثيرات سلبية أخرى على التعليم، خاصة فيما يتعلق بالاعتماد المفرط على الدروس الخصوصية.
الطلاب اليوم أصبحوا يعتمدون بشكل كبير على الدروس الخصوصية، حيث يعتقد الأهل أن الحل الوحيد لنجاح أبنائهم هو أن يتلقوا تعليماً خاصاً خارج الصفوف الدراسية.
وتؤكد أن هذا يضعف قدرة الطلاب على التفكير الذاتي والابتكار. الطلاب لم يعودوا يجهدون أنفسهم في البحث والتعلم المستقل. أصبحوا يعتمدون على الدروس الخصوصية في كل شيء، ما يؤثر سلباً على نموهم الشخصي وتطوير مهاراتهم الفردية .
كما تجد أن مجتمعنا أصبح يركز أكثر على النتيجة النهائية، في العلامات الدراسية، بدلاً من الاهتمام بالتعلم الحقيقي وتنمية المهارات. الأهل اليوم أصبحوا يضعون أبناءهم في دروس خصوصية حتى لو كانوا في حالات مادية صعبة، لأنهم يريدون فقط أن يحصلوا على درجات مرتفعة. لم يعد الموضوع يتعلق بتطوير مهاراتهم أو الاهتمام بهواياتهم. كل ما يهم هو المعدلات والنتائج التي يمكن أن تفتح لهم الأبواب في المستقبل .

الوسوم:
Leave a Comment
آخر الأخبار