الحرّية- هبا علي أحمد:
أعطى مُقترح تقديم قروض حسنة من دون فوائد للمزارعين، بارقة أمل لتحسين الوضع الاقتصادي للمزارعين وإمكانية تحسين وصولهم إلى التمويل وبالتالي تحسين الأمن الغذائي وتحسين شروط الإنتاج، لكن في الوقت عينه يُثير الكثير من التساؤلات حول آليات التنفيذ، وكيف يُمكن ضمان عدم استغلال هذه القروض وتحقيق الفائدة المرجوة منها، بمعنى ما الخطوات التي يجب اتخاذها لتأسيس نظام فاعل لتوزيع القروض الحسنة؟
وبموجب المقترح السابق الذكر تُعد وزارة الزراعة دراسة تفصيلية حول المستفيدين وآليات التوزيع، تُعرض لاحقاً على الجهات المعنية، في الوقت عينه أبدى وزير المالية محمد يسر برنيه استعداد وزارته لتخصيص التمويل اللازم فور استلام الدراسة، فيما أكد وزير الطاقة المهندس محمد البشير جهوزية الوزارة لتوفير مصادر الطاقة الممكنة.
الأهمية في موضوع القرض الحسن للمزارعين تكمن في أن يتم تأمينه بشكل كامل ويراعي المخاطر بما ينعكس إيجاباً على المستهلكين
تأمين العملية الإنتاجية
ومن المتعارف عليه أن المفهوم العام للقرض الحسن، هو قرض بلا فوائد وبالتالي فالموضوع تشريعي له علاقة بالشرع الإسلامي وحرمانية الفائدة، وعند هذه النقطة يُشير الخبير التنموي أكرم العفيف مؤسس مبادرة المشاريع الأسرية السورية التنموية والمجموعات المتفرعة عنها، إلى أنه لا توجد بنوك تستطيع أن تعمل من دون أرباح لأن لديها أجور عاملين ونفقات إدارية وقيمة محروقات وتدفئة وتبريد، ورواتب، أما إذا تم العمل على تغطية الفائدة من مؤسسات خيرية فهذا جيد جداً.
وأضاف العفيف في تصريح لـ«الحرّية»: في حال وجود عمل تعتبر الفائدة بسيطة، أما في حال عدم وجود عمل، فالديّن بحد ذاته ليس بسيطاً، فشرط القروض أن يكون هناك عمل أو مؤسسات تعمل، فمثلاً في حال القروض متناهية الصغر وجدنا أن قسماً من الناس لم يعمل أو تعثر إنتاجه، لذلك فالأولوية تأمين العملية الإنتاجية بالموازاة مع القرض الحسن.
ضرورة وجود نظام تأميني دقيق يعمل على منع انهيار قطاعات الإنتاج سواء صناعية أو تجارية أو زراعية بشقيها الحيواني والنباتي
نظام تأميني
فالأهمية في موضوع القرض الحسن للمزارعين، تكمن في أن يتم تأمينه بشكل كامل وأن يراعي المخاطر، وبالتالي إذا تم تجاوز هذه المخاطر سيؤدي إلى استقرار سعري وسينعكس إيجاباً على المستهلكين، ويرى العفيف أن وجود نظام تأميني دقيق يعمل على منع انهيار قطاعات الإنتاج سواء صناعية أو تجارية أو زراعية بشقيها الحيواني والنباتي، سيؤدي إلى استقرار العملية الإنتاجية والاستقرار السعري وقدرة المنتجات المحلية على المنافسة الداخلية والخارجية، وفي حال لم يستطع المقترض العمل سيكون الخاسر الأول في القرض، من هنا يجب التأسيس لمنظومة ثقة بين المقترض وجهات الإقراض حكومية كانت أم خاصة، في سبيل السير بالعملية الإنتاجية، مشيراً إلى أن تجربة قرض الإبداع تجربة رائعة في هذا المجال ويُمكن الاستفادة منها.
ضمانات
ونوّه العفيف بضرورة العمل على أن يكون المُنتَج مداراً بشكل فاعل، أي إدارة العملية التنموية بشكل جيد ومن بينها التسويق، مُستعرضاً أحد المقترحات ضمن مبادرة المشاريع الأسرية السورية التنموية المؤسس لها مثل زيادة عدد قطيع الأبقار، عن طريق تأسيس شراكة عبر إحدى الشركات، بحيث تعطي البقرة للمربي على أن تقدّم بنوك القرض الحسن ثمن هذه الأبقار، والشركة بدورها تأخذ المُنتج من الأبقار، وتوجد مشاريع متعددة من خلال منتجات الألبان والاستفادة من روث الحيوانات لتحويله إلى سماد عضوي وغاز حيوي وغيره من الاستخدامات التي تعمل عليها أساساً مبادرة المشاريع الأسرية.
ما سبق ذكره يُوفر سنوات ومليارات ويُمكن إطلاقه في غضون فترة قليلة جداً فقط، بحيث يكون هناك تأمين حسن يتوافق مع القرض الحسن، مُقترحاً أن يكون هناك نظام تأمين على مستوى القرية الواحدة والبلدة الواحدة ويضم المعامل الصغيرة والمعامل الكبيرة.
منظومة إلكترونية
من جهته أشار أديب شرف مدير بنك الإبداع للتمويل الصغير، أن المصرف راهناً لا يمنح قروضاً حسنة، لكن بالاتفاق مع بعض الموردين ممكن منح قروض من دون فائدة، وبالتالي لا يتحمل العملاء أعباء إضافية، وهذا يمكن تطبيقه على المزارعين، وبحاجة لقبول من قبل الموردين الأساسيين من المشاتل وموردي البذار وكافة الموردين المرتبطين بالزراعة.
وحول آليات التنفيذ الواجب اتباعها لضمان تحقيق عملية منح القروض الحسنة غايتها، يرى شرف أن آليات العمل يجب أن تكون من خلال منظومة عمل إلكترونية ومؤتمتة متكاملة من الموردين مع المصرف، بحيث لا يحتاج العميل لزيارة المصرف، مُشيراً في الوقت ذاته إلى أن تحدّيات العملية هي محدودية الوصول للنقد والاعتماد على الكاش من قبل الموردين أكثر من التحويلات المصرفية.