الحرية ـ أنطوان بصمه جي:
يبرز القطن كأحد الركائز الزراعية والصناعية التاريخية، وخاصةً في الاقتصاد السوري، حيث لا تقتصر أهميته على كونه محصولاً زراعياً، بل يشكل ركيزة أساسية لسلسة صناعية متكاملة تبدأ من الحقل مروراً بمعامل الغزل والنسيج وتكرير الزيوت، لتنتهي في الأسواق المحلية والعالمية.
ويشكل “الذهب الأبيض” القطن مصدراً حيوياً للدخل الآلاف من الفلاحين والعمال، ومدراً للعملة الأجنبية من خلال تصديره، مما يجعله مقياساً لا يخلو من دلالة على صحة القطاع الإنتاجي بشكل عام.
أرقام مثيرة للقلق
كشف الدكتور محمد معري مدير مكتب القطن خلال تصريح لصحيفتنا “الحرية” عن أرقام مثيرة للقلق بشأن المساحات المزروعة بمحصول القطن في محافظة حلب، التي كانت تعد القلب النابض لزراعة القطن والصناعات النسيجية في سوريا.
وبحسب تصريحات الدكتور معري، فإن المساحة المزروعة لموسم 2025 في محافظة حلب لم تتجاوز 268 هكتاراً فقط، موضحاً أن هذه النسبة “متدنية جداً” إذا تمت مقارنتها بالإمكانيات التاريخية والطاقة الاستيعابية للمحافظة، متوقعاً أن يبلغ حجم الإنتاج من هذه المساحة المحدودة ما يزيد على 800 طن.
تحسين نوعية القطن
وعلى الرغم من ضآلة المساحة المزروعة لهذا العام، أشار مدير مكتب القطن إلى أن الجهود منصبة على تعظيم الإنتاجية وتحسين نوعية المحصول. وذكر أن الزراعة لهذا الموسم تتركز في “مناطق الري مثل مسكنة، ودير حافر، والسفيرة، ومن جديد في مناطق منبج”.
ولمواجهة التحديات، أكد معري أن “إدارة بحوث القطن تعمل مع مكتب القطن على استنباط أصناف جديدة من القطن تناسب كل منطقة بيئية لتحقيق أفضل إنتاجية ممكنة”، في محاولة لتعويض النقص في المساحة بزيادة الغلة لكل هكتار.
الحاجة لسياسات داعمة
ومن خلال أرقام المساحات المزروعة في حلب لهذا العام تُظهر أرقام هذا الموسم تحدياً كبيراً يواجه واحدة من أهم الزراعات الاستراتيجية في سوريا، والتي تمس بشكل مباشر سلة من الصناعات وسبل عيش الآلاف من العائلات وبالتالي يجسد هذا التراجع الحاجة الملحة إلى سياسات داعمة ومحفزة تعيد للقطن ألقه، وتضمن تأمين المدخلات الأساسية للإنتاج الصناعي، وتحافظ على مكانة سوريا التقليدية في تصدير هذه المادة الحيوية، والتي تساهم بشكل فاعل في تأمين القطع الأجنبي.
تصوير: صهيب عمراية