الحرّية-هبا علي أحمد:
تحوّلات في الرؤية السورية تجاه الانفتاح، وإعادة التموضع الإقليمي، وتفعيل أدوات الاستثمار كرافعة للتعافي الوطني.. مشهدٌ تكامليّ يخطه الوفد الاقتصادي السوري من خلال مشاركته في اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين، إلى جانب الاجتماعات واللقاءات التي عقدها والتي وصلتنا أخبارها عبر تصريحات وزير الاقتصاد وحاكم مصرف سوريا المركزي ووزير المالية.
-منظور اقتصادي استراتيجي
و يُمكن تحليل هذه الاجتماعات من منظور اقتصادي استراتيجي في السياق العام من الانكماش إلى الانفتاح، كما يرى الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي، إذ تأتي هذه الاجتماعات في لحظة دقيقة من التاريخ الاقتصادي السوري، حيث تسعى البلاد إلى تجاوز آثار الحرب والعقوبات، والانتقال من اقتصاد مركزي منهك إلى نموذج أكثر انفتاحاً وتفاعلاً مع الأسواق الإقليمية والدولية.
مباحثات الوفد الاقتصادي في واشنطن تأتي في إطار السعي الانتقال من اقتصاد مركزي منهك إلى نموذج أكثر انفتاحاً
وقال الدكتور قوشجي في تصريح ل”الحرّية”: زيارة واشنطن، بما تحمله من رمزية سياسية واقتصادية، تشير إلى رغبة في إعادة تعريف موقع سوريا في النظام الاقتصادي العالمي، عبر أدوات التعاون، والاستثمار، والتكامل الإقليمي.
– رسائل اقتصادية
كما تحمل الزيارة رسائل الاقتصادية قائمة على ثلاثية الانفتاح، الشراكة، والشفافية، وفقاً لقوشجي الذي يشرح هذه الثلاثية على النحو التالي
1.الانفتاح المدروس إذ يجب التركيز على ضرورة بناء بيئة أعمال جاذبة، من خلال إصلاحات تشريعية ومؤسساتية تشمل قوانين الاستثمار، وحماية الملكية، وتسهيل الإجراءات الجمركية، وهذا يُشير إلى إدراك الحكومة السورية بأن الانفتاح لا يعني فقط فتح الحدود، بل يتطلب إعادة هيكلة الداخل ليكون قابلاً للتفاعل الخارجي.
2.الشراكة الخليجية – الأميركية: ركّزت الاجتماعات على تفعيل دور دول الخليج كممولين وشركاء في إعادة الإعمار، مع الاستفادة من الخبرات الأميركية في التكنولوجيا، والحوكمة، وتمويل المشاريع الكبرى، وهذا التوّجه يعكس استراتيجية “التمويل الخليجي – التكنولوجيا الغربية” كصيغة متوازنة لتجاوز العقوبات وتفعيل التنمية.
رغبة في إعادة تعريف موقع سوريا في النظام الاقتصادي العالمي عبر أدوات التعاون والاستثمار والتكامل الإقليمي
3.الشفافية كشرط للثقة: تبرز أهمية بناء الثقة مع المستثمرين من خلال ضمانات قانونية، وآليات فض النزاعات، وتفعيل دور القطاع الخاص، فلا بدّ من تحوّل في الخطاب الرسمي نحو الاعتراف بأن الثقة الاقتصادية لا تُبنى بالشعارات، بل بالمؤسسات.
– إعادة التموضع
بالمحصلة تسعى سوريا إلى إعادة التموضع في خارطة الشرق الأوسط عبر بوابة الاقتصاد، كما يرى الخبير الاقتصادي من خلال فتح قنوات مع الولايات المتحدة، وتفعيل العلاقات الخليجية، يهدف إلى كسر العزلة، وتقديم سوريا كشريك استثماري لا كملف أمني.
ويعتمد هذا التموضع الجديد على خطاب اقتصادي عقلاني يربط بين الاستقرار السياسي والتنمية، ويقدم سوريا كمنصة إقليمية تربط بين آسيا، والمتوسط، والخليج، ويُظهر قدرتها على تحويل الاقتصاد من عبء إلى أداة، ومن أزمة إلى فرصة، ومن عزلة إلى شراكة.