المتة السورية.. زراعتها حل محلي لتوفير 100 مليون دولار

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – حسام قره باش:

ارتفعت أسعار المتة في الأسواق المحلية كغيرها من السلع التي لا يمكن الاستغناء عنها في الحياة اليومية للمواطن السوري، لِيُضاف إلى قائمة مشترياته عبءٌ آخر عليه نتيجة الغلاء المتصاعد، حيث سجل سعر العبوة وزن 200 غرام حسب الماركة حوالي 13 ألف ليرة، وعبوة 400 غرام بسعر وسطي 25 ألف ليرة، ودائماً يكون تبرير هذا الارتفاع بأنه مُعَلَّب وجاهز عند التجار والباعة، وذلك بتوجيه الاتهام إلى ارتفاع سعر الصرف وكون المادة مستوردة.

لماذا لا نزرعها؟

من المعلوم أن سوريا ليست من الدول المنتجة للمتة، ويتم استيرادها من دول أمريكا اللاتينية كالأرجنتين، حيث نستورد من المتة وسطيّاً ما بين 20-30 ألف طن سنويّاً، ورغم نجاح تجربة زراعتها في الساحل السوري على نطاق ضيق، يدفعنا الفضول إلى التساؤل حول إمكانية زراعتها لِنوفر على أنفسنا عبء استيرادها، وتوفير فاتورتها من القطع الأجنبي، وَسَدِّ احتياجاتنا من المتة محليّاً.
وفي هذا السياق، أوضح خبير الدراسات والجدوى الاقتصادية المهندس حسام القصار لصحيفتنا “الحرية” أن كثيراً من خبراء الزراعة أكدوا نجاح زراعتها في البيئة السورية وخاصة المناطق الساحلية وإنتاج كميات مقبولة منها، وبالتالي إمكانية توفير ما قيمته حوالي 100 مليون دولار كتكاليف استيراد سنويّاً حال تطبيقها بشكل حقيقي.
ونوّه القصار في تصريحه لـ”الحرية” إلى أن تجربة زراعتها لم تنجح من خلال زراعة البذور، إنما نجحت من خلال استخدام العُقَل النباتية التي تُجلب من الأرجنتين، إضافة إلى أنها نبات استوائي تحتاج شروط زراعتها إلى مناخ معتدل ورطوبة جيدة ومياه وفيرة وتربة صالحة، ولا تحتاج إلى التسميد بشكل كبير، وحمايتها من الظروف الجوية كالصقيع، ليكون الحصاد الأول لأوراق المتة بعد سنتين من زراعتها، وهي عبارة عن شجيرة أو شجرة دائمة الخضرة يصل ارتفاعها لأكثر من 5 أمتار.

الجدوى الاقتصادية

في هذا المجال، ووفقاً لرؤيته الاقتصادية، يشدد القصار على تحقيق جدوى اقتصادية جيدة من زراعة المتة في سوريا، أبرزها أنها تُقلل من فاتورة الاستيراد المقدرة بقيمة 100 مليون دولار سنويّاً بكميات تقدر بحوالي 25 ألف طن، وبالتالي توفير القطع الأجنبي على الخزينة العامة، كما أنها تحقق الاكتفاء الذاتي في المناطق التي تزرع فيها مع إمكانية التصدير مستقبلاً، والأهم أيضاً أن توفر فرص عمل من خلال زراعتها والعمل على تجفيفها وتصنيعها وتعبئتها وتوزيعها.
وأضاف القصار: «رغم وجود معمل للمتة في منطقة يبرود ينتجها ويوفرها للسوق المحلية، إلا أن أسعارها تعتبر مرتفعة قياساً للعرض والطلب، ولعدم وجود إنتاج محلي من نبات المتة، والاحتكار، والتوزيع المحدود، والتلاعب من قبل بعض التجار باحتكار بعض الكميات لرفع أسعارها لاحقاً بشكل غير منطقي، إضافة إلى ارتفاع تكاليف التعبئة وأجور النقل».
وهنا يقترح الخبير الزراعي حسام القصار في حديثه لـ «الحرية» توسيع زراعة المتة محليّاً في المناطق الساحلية، ودعم المزارعين بالشتول، وتوفير الإرشاد الزراعي للمزارعين، وإنشاء معامل جديدة للتجفيف والتعبئة والتغليف.

وأخيراً..

باتت المتة طقساً اجتماعيّاً ومشروباً شعبيّاً منعشاً كالزهورات، ومفضلاً للكثيرين، تعبّر عن الود الزائد وكرم الضيافة وحلاوة الاستقبال كما في المناطق الجبلية والساحلية في سوريا، وأصبحت من المشروبات المفضلة لدى الشعب السوري كالشاي والقهوة، وعادة يومية لا يمكن إلغاؤها، بل على العكس توسعت جغرافيّاً لمناطق أخرى، وانتقلت عدوى تناولها من خلال سوريا لدول مجاورة كانت تجهلها تماماً.
كما يشير القصار إلى فوائدها التي تتلخص في مساعدتها على تحسين التركيز وتنشيط الجهاز العصبي ومساهمتها في عملية الهضم، كما أنها مفيدة للكلى كونها تعد مدرّاً طبيعيّاً للبول، وتفيد في علاج آلام الأعصاب والاكتئاب والوهن، ولاحتوائها على عدة فيتامينات ومضادات أكسدة، في حين يقتصر ضررها على احتوائها على الكافيين وتسببها بالتوتر والأرق وبعض التأثيرات الجانبية حال الإفراط في تناولها.

Leave a Comment
آخر الأخبار