المجاملات الرقمية.. هل أفقدت المشاعر صدقها وباتت مجرد ممارسات شكلية؟

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية- دينا عبد:
يؤمن بعض الأشخاص بأن المجاملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لا تعبّر عن المشاعر الحقيقية التي يكنها الأشخاص لبعضهم، إذ يفضل الكثيرون أن يكون التعبير عن هذه المشاعر وجهاً لوجه لأنها تكون أصدق ويبدو التعبير أوضح عبر قسمات الوجه.

لوم وعتب

هذا ما تعيشه أريج في كل مناسبة تخص عائلتها يلومها أقرباؤها باستمرار، لأنها لا تشاركهم في مناسباتهم عبر منصات التواصل الاجتماعي ولا تعلق عليها، مبينة أنها لا تحب التفاعل بهذه الطريقة، حيث تفضل تبادل الزيارات والتعبير وجهاً لوجه مهما كانت المناسبة سواء الفرح أو الحزن.
وتوضح بأن المجاملة عبر السوشال ميديا لا تعبّر عن مشاعرها الحقيقية، إذ تفضل التعبير وجهاً لوجه، لكنها مع ذلك تجد أن البعض لا يتفهم هذا الأسلوب، ويعتبر عدم تفاعلها على المنشورات نوعاً من التقصير.
وتقول بلهجتها: (إذا ما علقت أو شاركت، يعتقدون أنني لا أتبادل معهم مشاعر الفرح أو أنني غيرانة منهم، وهذا الشيء خلاني عيش بتوتر إنهم يأخذوا عني فكرة غير صحيحة.

تأثير في العلاقات الاجتماعية

وفي هذا السياق يقول إبراهيم (موظف) أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت جزءاً أساسياً من حياة الفرد، وأثرت في العلاقات الاجتماعية والعادات، حتى باتت هذه العلاقات نفسها تدار رقمياً ما أضاف مزيداً من الضغط على علاقاتنا مع من حولنا.
فالمجاملة سلوك اجتماعي نمارسه في حياتنا اليومية، لكن اليوم أصبحنا نلجأ إلى “المجاملة الرقمية” التي فقدت معناها الحقيقي، وأضحت بلا مشاعر، وكأنها التزام وواجب يجب أداؤه.

تعد التزاماً أكثر منها تعبيراً

الاستشارية التربوية صبا حميشة ترى من وجهة نظرها أن المجاملة الرقمية تبدو التزاماً أكثر منها تعبيراً عن المحبة.
وتضيف: كثيراً من السلوكيات التي كنا نقوم بها على أرض الواقع، انتقلت إلى العالم الرقمي ، فالقيم والسلوكيات هي انعكاس للمجتمع، وحين تصبح العلاقات افتراضية، فإن السلوكيات والقيم تصبح افتراضية أيضاً.
وتشير إلى أن المجاملة أصبحت واقعاً نعيشه بوضوح عبر مواقع التواصل الاجتماعي وباتت تأخذ أشكالاً مختلفة. فـ”اللايك باللايك”، و”الشير بالشير”، و”الكومنت بالكومنت” وهذه كلها باتت أنماطاً سائدة نتعامل بها في حياتنا اليومية، وانطلاقاً من ذلك أصبحت المجاملة معياراً أساسياً في العلاقات الاجتماعية، وذلك لأننا انتقلنا من الواقع الفعلي القائم على اللقاء المباشر، إلى واقع رقمي تتحكم فيه التكنولوجيا، وهو تطور طبيعي يتماشى مع نمط حياتنا الحديثة واقترابنا أكثر من المجتمعات الافتراضية.
لذا من الطبيعي أن تنتقل إلينا هذه السلوكيات ومنها المجاملة.
وختمت حميشة حديثها بالإشارة إلى أن المجاملة الرقمية فقدت الكثير من إحساسها ومشاعرها الإنسانية، وابتعدت عن الحميمية، لتتحول إلى ممارسة شكلية في كثير من الأحيان، ففي كثير من الحالات نجامل عبر وسائل التواصل أشخاصاً لا نعرفهم، ولم نلتق بهم ولا مرة في حياتنا.
وهنا يظهر الفرق بين المجاملة كسلوك إنساني كنا نمارسه ضمن علاقاتنا الواقعية، والمجاملة الرقمية التي تفتقد إلى الصدق ومشاعر الحب وصلة الأرحام.
ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه: أيهما أصدق؟ والجواب، بحسب حميشة أن المجاملة في الواقع بعيداً عن المجتمعات الافتراضية، تبقى الأصدق، لأنها تحمل مشاعر حقيقية وقيماً واضحة، بعكس المجاملة من خلف شاشات الأجهزة المحمولة والتي قد لا تعبّر عن أي إحساس حقيقي.

Leave a Comment
آخر الأخبار