الحرية- لوريس عمران:
في خطوة تجسد رؤية إستراتيجية حاسمة لتعزيز صلابة الاقتصاد الوطني، صدر المرسوم الرئاسي رقم 263 لعام 2025 عن الرئيس أحمد الشرع، ليشكل منعطفاً مهماً في إدارة السياسة التجارية.
هذا المرسوم لم يأتِ لتشكيل لجنة عادية، بل لإطلاق يد “اللجنة الوطنية للاستيراد والتصدير” لتكون المرجعية العليا والوحيدة التي تمتلك سلطة إقرار سياسات السماح والمنع، وبذلك يرسخ المرسوم هيكلاً تنظيمياً جديداً يتسم بالكفاءة والمركزية.
إن إلحاق تبعية هذه اللجنة مباشرة بـ رئاسة الجمهورية يرسل إشارة لا تقبل التأويل حول الأهمية القصوى لهذا الملف، ويُعبّر عن التزام الدولة بتوحيد القرارات وتوجيه دفة التجارة نحو خدمة هدفين رئيسيين: ترشيد فاتورة الاستيراد، ودعم ومساندة الإنتاج المحلي بقوة غير مسبوقة.
تأكيد الأولوية الإستراتيجية
وهنا يبرز رأي الخبير الاقتصادي الدكتور حسام عيسى خليلو، إذ يرى أن تشكيل هذه اللجنة يُمثل “إعادة هيكلة عميقة وشاملة” لمنظومة التجارة الخارجية، مبيناً أن هذا الإجراء يمنح الحكومة القدرة على إدارة أكثر كفاءة لـمنحنى العرض والطلب، وهو ما يتوقع أن ينعكس إيجاباً على تحسين استقرار الأسعار والحد من التقلبات السوقية الحادة التي تؤثر على المؤشر المعيشي للمواطنين.
وأشار خليلو خلال حديثه لـ” الحرية ” إلى أن توحيد جهة اتخاذ القرارات في مرجعية مركزية يقلل من تضارب السياسات الوزارية ويسرّع من استجابة السوق للمتغيرات الاقتصادية، ما يتيح سرعة التدخل لـتقييد الاستيراد عند تعرض الصناعة الوطنية لمنافسة غير عادلة أو السماح الفوري باستيراد مادة عند نشوء نقص حاد، مضيفاً أنه يعزز الأمن السلعي واستدامة السوق.
بالإضافة لضبط القطع الأجنبي ودعم الميزان التجاري.
منهجية اللجنة وأسس عملها
وعلى صعيد الآثار المالية، أكد الدكتور خليلو أنّ المرسوم الجديد سيمكن من ضبط حركة القطع الأجنبي عبر ترشيد فاتورة الاستيراد، خصوصاً فيما يتعلق بالمواد غير الأساسية والكمالية. وأوضح أنّ الهدف يكمن في توجيه الاستيراد نحو المدخلات والمواد الأولية الضرورية لقطاعي الصناعة والزراعة، مشيراً إلى أنّ هذه الإجراءات تمثل خطوة ضرورية نحو خلق بيئة اقتصادية أكثر استدامة، حيث يتوقع أن تسفر الفترة القادمة عن تحسنٍ تدريجي في الميزان التجاري، وتراجع في حدة الضغط على العملة الوطنية.
وفي سياق متصل نوه خليلو بأن أحد أبرز المكاسب يكمن في تنشيط قطاع التصدير، حيث ستعمل اللجنة على إزالة القيود غير المبررة وتوضيح السياسات المتعلقة بنقل المنتجات إلى الأسواق الخارجية، الأمر الذي يعزز عوائد القطع الأجنبي. بالإضافة إلى أن القرارات التفسيرية للجنة ستسهم في تحديد حدود الإجراءات المسموح بها بوضوح، ما يقلل من الاجتهادات ويعزز من الشفافية وبيئة العمل للتجار والمستثمرين.
وفي ختام حديثه أشار الدكتور خليلو إلى أن عمل اللجنة يرتكز على ثلاث دعائم أساسية لا يمكن تجاوزها، تتمثل في الاعتماد على بيانات دقيقة ومحدثة للإنتاج والاستهلاك والأسعار، وتعزيز التنسيق المؤسسي المستمر مع مختلف الفعاليات الاقتصادية، إلى جانب تبني سياسة تجارية تتسم بالمرونة الكافية للتكيّف مع المتغيرات الاقتصادية العالمية.