«المسحِّراتي» طقس رمضاني جميل اعتاده السوريون منذ عقود 

مدة القراءة 2 دقيقة/دقائق

الحرية – بشرى سمير :

مع بزوغ فجر أول أيام شهر رمضان المبارك ، أطربت مسامعنا دقات طبل المسحّراتي، تتردّد في أزقة وأحياء دمشق العتيقة، حاملةً معها نداءً اعتاده السوريون لقرون: “اصحَ يا نايم وحّد الدايم”.

محمد الأمين 28 عاماً «عامل»، قرّر إحياء مهنة المسحِّراتي بعد غياب 14 عاماً، مُعيداً إلى الأحياء الشعبية روحانية الشهر الفضيل التي طمستها سنوات الحرب.

ويقول محمد شرف الدين «72 عاماً» من سكان حي المزة: كان جدي مسحّراتي الحي في الخمسينيات، وكنا ننتظر طلته كالعيد، يضرب طبلته وينشد: « اصحوا يا نيام .. قوموا تسحروا.. السحور بركة»

يبين الباحث في التاريخ من جامعة دمشق الدكتور أيمن شعبان لصحيفة الحرية، أن جذور مهنة المسحراتي تعود إلى العصر الفاطمي في مصر بالقرن العاشر الميلادي، حيث كان يُنادى على الناس لتناول السحور بضرب الطبل أو الدفّ، قبل أن تنتشر في بلاد الشام مع توسع الدولة العثمانية، وتحوّلت إلى طقس اجتماعي وديني لا ينفصل عن رمضان.

وأضاف شعبان: لم يكن المسحراتي في سوريا مجرّد مؤذن أو منادٍ، بل كان سجلاً حياً لنسيج الحي الاجتماعي، يحفظ أسماء العائلات، وينظم نداءاته الشعرية وفقاً لطباعهم، ويُكافئه الأطفال بقطع الحلوى، والكبار بالدعاء أو النقود.

ويضيف شعبان: بدأت المهنة بالتراجع مع انتشار الساعات المنبّهة في الثمانينيات، لكن الضربة القاضية، جاءت مع اندلاع الحرب في سوريا عام 2011، حيث حدّت الظروف الأمنية القاسية التي فرضها النظام البائد بشكل كبير من هذا الطقس الرمضاني الجميل.

ويرى الدكتور شعبان أن إحياء هذه العادة جزء من محاولات المجتمع السوري استعادة ملامحه بعد التحرير، و المسحراتي ليس مُنبّهاً للسحور فقط، بل جسر بين الأجيال، وصوته يذكّرنا بأننا ما زلنا قادرين على الفرح رغم الجراح.

مضيفاً: لكن التحديات قائمة، فالبعض يرى أن الهواتف الذكية حلّت محل الطبل.

ولفت إلى أنه في ظل كل الدمار الذي سببه نظام الطاغية، يبدو أن دقّات طبل المسحّر أو المسحراتي تقول للسوريين:

“لا يزال لديكم ما يستحق الاستيقاظ من أجله”.

الوسوم:
Leave a Comment
آخر الأخبار