الحرية- مركزان الخليل:
من الضروري جداً في هذه المرحلة، وضع رؤية حكومية جديدة متفق عليها مع القطاع الخاص، تتضمن الحالة الإنعاشية والبناء على مؤشراتها في التخطيط لمرحلة قادمة، ستشهد نوعاً من الاستقرار الصناعي والاقتصادي، وفق إستراتيجية شاملة، تتماشى مع توجهات الاقتصاد الجديد.
خبير: الانتهاء من تقييم واقع كل من صناعة الخميرة والورق والإطارات وتحديد السياسات والإجراءات اللازمة وبانتظار تقييمات النسيجية والأدوية قريباً
أسئلة مشروعة
لكن ثمة أسئلة كثيرة تدور حول الاهتمام الحكومي، رغم الإجراءات الحكومية، وخاصة في ظل الظروف الحالية، كيف يمكن إعادة هذا الملف الى واجهة الاهتمام وإعادة تفعيله..؟
والأهم كيفية توفير البيئة المناسبة، وتشجيع رأس المال في تطوير هذا القطاع، وخاصة أن الاتجاه الحكومي يسير نحو تطبيق اقتصاد السوق الحر، إلا أن رؤوس الأموال مازالت خجولة جداً باتجاه المشروعات الصغيرة..؟!
الانتقال من ثقافة العينات الى الانتشار الأفقي
الخبير الاقتصادي الدكتور “إيهاب اسمندر” يقدم إحاطة خاصة في إجابته للأسئلة المطروحة من “الحرية”، ويؤكد فيها أن قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، احتل مكانة أساسية في تطوير السياسات الاقتصادية المقترحة، حيث ركز البيان الحكومي على تقديم الدعم للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، كونها المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي والحرفي، في المراحل الأولى من عملية التعافي المبكر، والخروج أخيراً من ثقافة “العينات” إلى ثقافة الانتشار الأفقي الصحيح .
لأن توفير التشغيل هو الذي يحصن الاقتصاد ومعيشة الناس من جديد، ويرفع من قدرتهم على مواجهة ظروف المعيشة الصعبة وارتفاع تكاليفها، واستجابة لهذا التوجه تم إحداث مؤسسة ضمان مخاطر القروض لمساعدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في البلاد، على تحسين قدراتها الإدارية وزيادة قدراتها التنافسية محلياً وعالمياً، وتحسين أداء مؤسسات القطاع الخاص الصغيرة والمتوسطة من خلال رفع كفاءتها وزيادة قدرتها التنافسية محلياً وعالمياً، وذلك عن طريق تقديم الدعم لها ومساندتها حين التعثر، وتحفيز القطاع المصرفي على تقديم التمويل اللازم للمشروعات الصغيرة و المتوسطة.
اسمندر: توفير التشغيل من جديد يرفع قدرة الأسرة على مواجهة ظروف المعيشة الصعبة وارتفاع تكاليفها
توطين الصناعة المحلية وتنشيطها
ويرى اسمندر أن تفعيل إحداث هذه المؤسسة يدعم الصناعة المحلية، خاصة أن غالبية البنوك ترفض تقديم التمويل للصناعي من دون ضمانات كبيرة، وهو أمر يصعب تحقيقه من غالبية الصناعيين، وخاصة في الظروف الحالية.
علماً أن إحلال بدائل المستوردات قد تكون إعادة توطين الصناعة المحلية، وتنشيطها خلال المرحلة الراهنة “مشروعاً وطنياً” يفرض ثقله كحامل للتنمية الاقتصادية، لكن انتهاج سياسات صناعية محددة ودقيقة، هي التي تشكل ركيزة أساسية لهذه الانطلاقة.
تقليص فاتورة المستوردات
والحكومة تبنت موضوع إحلال بدائل المستوردات كأولوية عمل في القطاع الصناعي، لأهمية دوره في تقليص فاتورة الاستيراد، ووقف استنزاف القطع الأجنبي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في عدد من المواد، وذلك وفقاً لمجموعة من الاعتبارات الاقتصادية، المتعلقة بـ:
كفاءة استخدام الموارد، والتركيز على قضايا الجودة.
– بالإضافة الى التوجه نحو الصناعات التي تشكل حوامل للنمو، والتي تحمل قيمة مضافة مرتفعة، مع مراعاة الميزة النسبية للاقتصاد السوري، وبالتالي عدم التوجه لإنتاج سلع لا يمكنها المنافسة، ولهذا الغرض فقد تم بناء برنامج متكامل لإحلال المستوردات يتم تنفيذه عبر القطاع الخاص بشكل كامل حيث تم بشكل مبدئي اختيار مجموعة من السلع (40 سلعة) استناداً إلى وزنها النسبي في المستوردات، بحيث يتم دراسة كل سلعة من هذه السلع بشكل منفصل لناحية واقع إنتاج هذه السلعة، والمعامل التي تقوم بإنتاجها، سواء العاملة أو المتوقفة وأماكن تواجدها، وطاقتها الإنتاجية وحجم الاحتياجات، وإمكانية المنافسة.
ويتم بناء عليه تحديد أولويات التدخل على مستوى كل سلعة وتصميم السياسات الحمائية والإجراءات الضرورية بما فيها تقديم الدعم اللازم وبالشكل الذي يتفق مع احتياجاتها الفعلية المبنية على تقييم دقيق للواقع.
نتائج بعض حالات التقييم
وحتى الآن تم الانتهاء من تقييم واقع كل من صناعة الخميرة والورق والإطارات وتحديد السياسات والإجراءات اللازمة للنهوض بهذه الصناعات (سياسات جمركية- التشاركية مع القطاع الخاص- تأمين الأراضي لإقامة المشاريع- توفير البنى التحتية)، وتم إقرارها في مجلس الوزراء وإحالتها إلى الوزارات المعنية بالتنفيذ كما يتم العمل الآن على تقييم واقع واحتياجات كل من الصناعة النسيجية وصناعة الأدوية النوعية وغيرها.
يذكر أن الحكومة وضعت في برنامجها إستراتيجية لتطوير هذا القطاع واتخذت جملة من الإجراءات والقرارات المشجعة منذ بدء التحرير وحتى تاريخه من أجل وضع قطاع المشروعات الصغيرة على السكة الصحيحة للمساهمة في أعمال التنمية المستدامة، وتوفير فرص عمالة للشباب القادم إلى سوق العمل، وصولاً إلى الغاية والهدف في تحسين مستوى معيشة الأسر السورية.