الحرية- سامي عيسى:
لعل الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة، التي نمر بها هذه الأيام، تفرض علينا التفكير بجدية أكثر للخروج بحلول مساعدة وسريعة تنعش الحالة الاقتصادية للأسرة بالدرجة الأولى، باعتبارها أولى ركائز القوة للاقتصاد الوطني، فكلما كانت الأسرة قوية ومنيعة، كلما كان الاقتصاد أكثر مناعة وقوة، وهذه حقيقة لا يستطيع كائن من كان تجاهلها، في كافة المجتمعات، مهما تلونت وتعددت أنظمتها الاقتصادية..ِ
واليوم اقتصاد الأسرة يعاني حالة من السوء كبيرة جداً، نتيجة سنوات الحرب الطويلة، والعقوبات الاقتصادية التي مازالت مفروضة والتي استهدفت المواطن السوري، قبل أي مكونات أخرى، وهذه مسألة بحاجة لعملية إنعاش فوري، يمكن للمصارف العامة والخاصة القيام بها، من خلال تأسيس “مصارف تمويل” مهمتها استهداف المشاريع الأسرية، وإطلاق عمليات التمويل لها، مهما كبر حجمها أو صغر، نظراً لفاعليتها التي لا يختلف حولها “إثنان”، من حيث الأهمية، أو من حيث مكون الاستهداف ذاته, وحتى الحالة الاجتماعية والاقتصادية التي يبنى عليها الكثير من مقومات اقتصاد يسعى لتحقيق تنمية شاملة مستدامة، تبدأ أولى خطواتها بإنعاش المكون الأساسي في المجتمع ألا وهو “الاقتصاد الأسري”، وأقصد هنا كل العائلات صاحبة الدخل المحدود..!
وبالتالي فإن الحالة الاجتماعية التي يستهدفها “التمويل المصرفي” تحت أي مسميات “أصغر، متناهٍ في الصغر، أو تمويل أكبر..” لا يهم بقدر ما تهم الحالة التي يستهدفها والتي يركز الجميع على استهدافها، سواء أكانوا خبراء، أم رجال أعمال، أم مكونات اقتصادية كبيرة ومتعددة، لأنها بوابة عبور لكل أسرة تحاول الانطلاق بخطوات جادة لتحسين مستواها الاقتصادي، ليس على المستوى الأفراد، فحسب بل على المستوى الكلي، على اعتبار أن أي مشروع يحتاج لأيدٍ عاملة مساعدة سواء بالعمل المنتج، أو بالعملية التسويقية المرتبطة بنجاح القاعدة الإنتاجية لها، وبالتالي هذه الترجمة لا تستهدف فقط أسرة بعينها, أو مشروعاً بحد ذاته، بل تستهدف حالة اجتماعية واقتصادية، قوامها مجموعة أسر تشكل قوة ترابط، ومكوناً استثمارياً، يتصف بديمومة العمل، إلى جانب عائد مادي كبير، يساهم في تحسين مداخيل معيشية لمجموعات أسرية، مستمرة في الدخول إلى هذه التجربة، والتي نسعى من خلالها لتحقيق تنمية مستدامة تعكس صورتها الإيجابية على المجتمع بكل مفرداته الاقتصادية والاجتماعية، والخدمية وغيرها..
وبالتالي مشكلتنا الحقيقية في دعم اقتصاد الأسرة، تكمن في مسألة هي الأساس لنجاح أي مشروع، وهذه تكمن في “التمويل” وحلها لا يحتاج لكثير من التفكير، والجهد، بل يحتاج لإرادة في التنفيذ، علماً أنه صدرت قوانين، وكثير من الإجراءات تحت مسميات مختلفة تتضمن إحداث مصارف وصناديق لتمويل المشروعات الصغيرة، والأسروية، إلا أن ترجمتها على أرض الواقع، لا تتعدى حدود الأحاديث المغلقة، واجتماعات الغرف..!
وما نتمناه اليوم جدية أكبر من الحكومة والجهات المسؤولة، باتجاه دعم المشروعات “الأسرية” من خلالها خطة تنموية شاملة تنظم فيها هذا التمويل الذي يستهدف أساس مكونات الاقتصاد الوطني، والقاعدة الأساس في استقراره، فلا استقرار، من دون استقرار لمكون الأسرة في كافة المجتمعات واقتصادات العالم..
ونجاح اقتصادنا اليوم ينطلق من الأخذ بعين الاعتبار هذا المكون الذي يعاني الكثير من المشكلات، في مقدمتها، تدني مستوى الدخل، وهذا الموضوع في ذمة الحكومة ومجتمع رجال الأعمال، فهل يفعلونها بخطوات ترمم وتقوي دخل الأسرة..؟
قادمات الأيام لديها الجواب المطلوب..
Issa.samy68@gmail.com