الحرية – بشرى سمير:
في أغلب عروض السيرك التي كنا نحضرها ونحن صغاراً كان يلفت نظرنا فقرة ذالك القزم الذي يرتدي ملابس ملونة، عريض الجبهة وأطرافه قصيرة جداً ويقوم بحركات بهلوانية تظهر خفته وبراعته هذا الساحر قصير القامة ما هو إلّا اضطراب جيني نادر يؤثر على نمو مختلف أجزاء الجسم يعرف بمتلازمة نونان أو القزامة، يتميز بمجموعة من العلامات والأعراض مثل قصر القامة، سمات وجه مميزة، عيوب خلقية في القلب، وصعوبات تعلم في بعض الحالات وأشارت الاختصاصية النفسية منيرة رحمون في تصريح للحرية إلى أن أعراض متلازمة نونان تختلف من شخص لآخر ومن أبرزها تغير في الصفات الشكلية التي تشمل مظهر الوجه هو أحد السمات السريرية الرئيسة التي تؤدي إلى تشخيص متلازمة نونان، قد تكون هذه السمات أكثر وضوحاً عند الرضع والأطفال الصغار ولكنها تتغير مع تقدم العمر، ولكن في مرحلة البلوغ تُصبح هذه السمات أكثر دقة.
صفات شكلية
من أبرز الصفات الشكلية عيون واسعة مائلة لأسفل مع جفون متدلية، وتكون قزحية العين زرقاء شاحبة، رمادية و الآذان تكون منخفضة ومتجهة للخلف.
أنف منضغط من الأعلى مع قاعدة عريضة وطرف بصلي الشكل. ويوجد فراغ عميق بين الأنف والفم وقمة واسعة في الشفة العليا، قد تكون الأسنان معوجة، وقد يكون السقف الداخلي للفم شديد التقوس وقد يكون الفك السفلي صغيرًا.
وقد تبدو ملامح الوجه خشنة، لكنها تبدو أكثر حدة مع تقدم العمر، كما قد يبدو الوجه متهدلًا وخاليًا من التعابير مع جبهة بارزة وخط رفيع من الشعر في أسفل الرأس و جلد رقيق ويبدو شفافًا مع تقدم العمر، وأضافت؛ هناك منهم من تكون لديه عيوب خلقية في القلب ولكنها قد ترتبط ببعض أمراض القلب الأخرى، مثل: أمراض الصمامات و تضيق الصمام الرئوي، والتي قد تحدث وحدها أو إلى جانب أمراض خلقية أخرى.أو سماكة في عضلة القلب: نمو غير طبيعي أو سميك في عضلة القلب تُصيب الأشخاص المصابين بمتلازمة نونان أو قد يكون مصاباً بثقب في الجدار الذي يفصل بين الحجرتين السفليتين للقلب، أو تضيّق الأوعية الدموية الرئيسة أو عدم انتظام ضربات القلب و يُمكن أن يحدث مع أو من دون تشوهات أخرى مشيرة إلى أنه قد يحدث عدم انتظام ضربات القلب لدى غالبية الأشخاص المصابين بمتلازمة نونان. وأشارت إلى وجود تشوهات في العمود الفقري مثل صدر ذي شكل غير عادي في كثير من الأحيان مع عظمة غائرة.
عنق قصير غالبًا يكون مع وجود طيات إضافية من الجلد، أو عضلات رقبة بارزة. ولفتت إلى أن هؤلاء لديهم قدرات إبداعية كبيرة و تعدّ متلازمة نونان من المتلازمات النادرة، وتقدّر نسب الإصابة عالمياً كالتالي نسبة الانتشار: 1 من كل 1000 إلى 1 من كل 2500 مولود حي ويُعتقد أن المتلازمة تصيب ما بين 1 إلى 5 أفراد من كل 10,000 فرد في العموم.
تشخيص خاطىء
بعض التقارير تشير إلى أنه قد يكون المرض أكثر شيوعًا، لكن التشخيص الخاطئ أو عدم التشخيص يجعل من الصعب تحديد الانتشار الحقيقي له.
خبيرة اجتماعية : فرصة لإدماجهم في المجتمع واستقلالهم ماديًا
استقلال مادي
من جهتها سوسن السهلي ماجستير في علم الاجتماع وتنمية الموارد البشرية أشارت إلى أنه في ظل التوجه العالمي نحو إدماج ذوي الاحتياجات الخاصة في سوق العمل،شهدت السنوات الأخيرة ظهور فرق سيرك متخصصة في دمج ذوي الاحتياجات الخاصة، وكانت هناك مبادرات محلية في عدة دول عربية تدمج ذوي الهمم في العروض الفنية وردًا على سؤالنا حول: هل تشغيل المصابين بمتلازمة نونان في مجالات التهريج والسرك يمثل فرصة حقيقية للإدماج أم شكل من أشكال الاستغلال؟ أشارت السهلي في تصريح للحرية إلى أن العديد من المصابين بمتلازمة نونان يتمتعون بقدرات فريدة يمكن توظيفها في المجال الفني ولدى الكثيرين منهم • مهارات اجتماعية جيدة و• قدرات إبداعية وفنية ملحوظة إضافة إلى ما يملكونه من • إصرار ومثابرة نتيجة التحديات اليومية التي يواجهونها ناهيك بقدرتهم على العمل ضمن فريق، ولفتت السهلي إلى أن عملهم في السيرك أو الأعمال الفنية يعزز ثقتهم بأنفسهم وينمّي المهارات الاجتماعية و العمل في فرق فنية يساعد في تطوير مهارات التواصل ويحقق لهم الاستقلالية المالية و يوفر مصدر دخل يضمن حياة كريمة والأهم حسب السهلي هو تغيير الصورة النمطية عن متلازمة يونان و تقديم صورة إيجابية عن قدرات ذوي المتلازمة.
التحديات والمخاطر
حذرت السهلي من استغلال هؤلاء ومن خطر تحول العروض إلى استعراض للاختلافات الجسدية بدوافع تجارية أو أن تكون الأعمال الموكلة إليهم متعبة وتسبب لهم الإرهاق البدني اذ قد تكون متطلبات العمل مرهقة جسدياً لبعض المصابين، وهنا لابد من دعوة الأهالي وأصحاب العمل أن يكون هناك التزام بالمعايير الأخلاقية لتشغيل هؤلاء من خلال الالتزام بـ:
- موافقة حرة ومستنيرة من العامل من ذوي الاحتياجات الخاصة
- توفير بيئة عمل داعمة ومتكيفة
وإن تركز العروض سواء أكانت في السيرك أو في المسرح والفن على المهارات والقدرات وليس على الاختلافات الجسدية وإنصافهم من خلال إعطائهم أجوراً عادلة ومناسبة مراعية للظروف الصحية والفردية
وختمت السهلي بالقول: يمكن أن يمثل العمل في مجال التهريج والسرك فرصة قيمة للمصابين بمتلازمة نونان، شريطة أن يتم في إطار أخلاقي يحترم كرامتهم الإنسانية، ويقدمهم كفنانين موهوبين وليس كظاهرة استثنائية. النجاح في هذا المجال يتطلب توفير الدعم المناسب، والتدريب المهني المتخصص، وبيئة عمل شاملة تمكنهم من تطوير مواهبهم وتحقيق ذواتهم. وإن الإدماج الحقيقي لا يعني مجرد توظيف الأشخاص ذوي الإعاقات، بل تمكينهم من المشاركة الفاعلة في المجتمع مع الحفاظ على كرامتهم وإنسانيتهم.