الحرية – بشرى سمير:
في قلب كل نهضة حضارية، تُرسم الطرق كبصمة من بصمات التقدّم، فهي ليست مجرد مسارات إسفلتية بل شرايين نابضة تنقل الناس والأفكار والبضائع وتختصر المسافات نحو التنمية، فالطرقات هي العمود الفقري لأي بنية تحتية متقدمة، وصورتها تعكس واقع المجتمعات اقتصادياً واجتماعياً.
لكن حين تُصمم الطرق بلا رؤية أو معايير سلامة تصبح المفارقة أن تتحول وسائل الأمان نفسها إلى مصدر أذى.. نموذج صارخ على ذلك المطبات الصناعية.
بين ضرورة التنظيم وأخطاء التنفيذ
المطبات بمفهومها الحضاري ليست عدواً للسيارات بل صديق للإنسان، إنها أدوات تنظيمية تهدف لضبط السرعة وحماية الأرواح وتوفير بيئة أكثر أماناً للمشاة خاصة في المناطق السكنية والمدارس والتقاطعات المعقدة.
لكن في كثير من شوارعنا وخاصة في الريف والمناطق المحيطة بالعاصمة تحوّلت هذه المطبات من وسيلة للحماية إلى فخاخٍ إسفلتية تُهدد المركبات وتُربك السائقين بل وتثير السخرية الشعبية .
أحد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي علّق بمرارة لاذعة قائلاً: في ألمانيا تقاس المطبات بالسنتيمترات أما في جديدة عرطوز فالمطب يُريك ساحة قطنا من شدته وارتفاعه .
مهندس ميكانيكي: الحل بتحويلها من عقوبات عشوائية إلى أدوات حضارية تحترم السيارة وتحمي الإنسان
في منطقة جديدة عرطوز وضواحيها من القنيطرة إلى قطنا وجديدة الفضل يشكو الأهالي يومياً من ارتفاع غير مدروس للمطبات.
يقول محمود الكردي هذا الطريق الحيوي الذي يسلكه يومياً قرابة ألف مركبة نحو دمشق أصبح محفوفاً بالمطبات التي تُعرقل السير وتُتلف السيارات، الطريق الذي يُفترض أنه “شريان بديل للحياة أضحى طريقاً محفوفاً بالمطبات والمخاطر الميكانيكية .
الأذى مؤكد
المهندس الميكانيكي طارق المصري أوضح أنّ بعض المطبات العشوائية تُلحق أضراراً بالغة بالسيارات، تتراوح من تكسّر المقصات وتلف الإطارات والجنوط، إلى تضرر ناقل الحركة أو علبة القيادة بل إنّ الارتجاج المفاجئ قد يؤدي إلى فكّ الصواميل والمسامير وكسر المساعدين أو الشدادات أو حتى انحراف زوايا اتزان السيارة، كل ذلك بسبب غياب أدنى درجات التصميم الهندسي السليم.
الشاخصات التحذيرية… الغائب الأكبر
يشير المصري إلى أن وضع شاخصات تنبيه قبل المطبّات أمر في غاية الأهمية ليس فقط لتفادي الأضرار المادية بل لزيادة الوعي المروري، هذه العلامات البصرية تنبه السائق قبل وقوع الضرر وتسهِم في تقليل الحوادث وتُنظم تدفق المرور بسلاسة في المدن الذكية، تُوظف الشاخصات كوسائل تواصل مرئي مع السائقين وليس كمجرد ملحقات جانبية.
وأضاف: قد حان الوقت لإعادة التفكير في فلسفة الطرق والمطبات في بلادنا يجب ألا تكون المطبات ردّ فعل على تهوّر بعض السائقين بل جزء من منظومة هندسية متكاملة توازن بين السلامة والانسيابية، المطبات ليست مشكلة في ذاتها بل تكمن المشكلة في غياب التصميم المدروس، وانعدام الصيانة والأهم تجاهل دور اللافتات التوعوية.
وختم بالقول إننا لا نطالب بإلغاء المطبات بل بتحويلها من عقوبات عشوائية إلى أدوات حضارية تحترم السيارة، وتحمي الإنسان.