الحرّية- هبا علي أحمد:
كثر الحديث في العقد الأخير عن قطاع النقل الأخضر باعتباره صديقاً للبيئة،
وبما يوفره من مساهمة إيجابية للاستدامة البيئية الاجتماعية الاقتصادية والمجتمعات المحلية، كما إنه خيار تلجأ إليه الدول لتخفيف الانبعاثات الكربونية في ظل الخطر الذي يُحدق في المناخ.
ومع التغييرات التي شهدها المشهد السوري سياسياً واقتصادياً عاد الحديث عن النقل الأخضر رغم إن سوريا لم تكن بعيدة عن الموضوع سابقاً، وعاد التساؤل عن الجدوى الاقتصادية، لاسيما أنه يحتاج استثمارات كبيرة في البنى التحتية مع غياب أي رؤية اقتصادية أو مستقبل استثماري في سوريا ومغادرة رؤوس الأموال؟
– قطاع النقل الأخضر يحتاج استثمارات كبيرة في البنية التحتية
– النقل الأخضر والحرب التجارية
يُقدم الخبير الاقتصادي ورئيس مجلس النهضة السوري، الباحث عامر ديب رؤيته في مجال النقل الأخضر موسعاً دائرة الشرح لتطول الصراع التجاري الأمريكي الصيني- المُتسع عالمياً في السياق- في تصريحه لصحيفة «الحرّية» قائلاً: لم يصبح قطاع السيارات الكهربائية أو قطاع النقل الأخضر بمفهومه الأشمل مجرد ثورة في النقل استطاعت تغيير مفاهيم المستهلك، فشكلت مبيعات السيارات الكهربائية عام ٢٠٢٣ نسبة تصل إلى ٤٩% من مبيعات السيارات العالمية، و شكلت السيارات الصينية 51% ، وهو ما أشعل الحرب الاقتصادية العالمية والتي تدرجت بعدة جولات كان أولها في أواخر عام 2023 وتسمى (حرب الأسعار) والتي بدأت بين «تسلا» و«بي واي دي» واستعرت لتصل إلى شركات صينية وشركات غربية وأمريكية استطاعت الصين الانتصار بها (حرب سلاسل التوريدات) والتي بدأت بإقامة مصانع في تركيا وغزو أسواق أمريكا اللاتينية ومنها المكسيك. واستعر الصراع الصيني- الأمريكي في المكسيك حتى أصدرت قراراً بإيقاف إقامة مصانع لصينيين، حتى لا تحسر الاستثمارات الأمريكية في المكسيك، واليوم توجت بحرب (التعرفة الجمركية) ووصلت أوجها في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
– القطاع مجدٍ اقتصادياً لكن بنسب مختلفة عن السابق ومع فتح الاستيراد غير المنظم انخفض إلى ٦٠%
– سوريا ليست بعيدة
وأضاف ديب: لم تكن سوريا بعيدة عن التحول للسيارات الكهربائية، حيث صدر أول قرار في عام ٢٠١٣ وكان قد حدد جمرك السيارات الكهربائية بـ ٣٠% المجمعة محلياً، وتم تجديده بقرار 2024 (المرسوم 240) من خلال تحديد جمرك السيارات الكهربائية المستوردة بـ10% والمجمعة بـ20%.
وتابع: اليوم بعد تغيير المشهد السياسي في سوريا، أصبحنا نرى عدداً من السيارات الكهربائية مع فتح الاستيراد غير المنظم، مُتسائلاً عن الآلية التي يُعتمد عليها في بيع السيارات الكهربائية أم إنه تسويق غير مدرك أن قطاع النقل الأخضر هو عبارة عن آلية متكاملة؟.. لافتاً إلى أن الموضوع يحتاج استثمارات كبيرة في البنية التحتية.
– وزير النقل من الداعمين إلى التحول للنقل الأخضر لآثاره الإيجابية على الفرد والمجتمع والاقتصاد
– جدوى اقتصادية
ويتحدّث ديب عن الجدوى الاقتصادية لقطاع النقل الأخضر، موضحاً أنه مجدٍ ولكن بنسب مختلفة عن السابق حيث كان الاستثمار في قطاع النقل الأخضر/١٥٠%/ . اليوم مع فتح الاستيراد غير المنظم وانخفاض أسعار المحروقات وتوفرها تنخفض الجدوى لـ60% وكلف تشغيل أعلى، صحيح أن العائد يغطي الكلف التشغيلية ولكن على المدى الطويل، وهذا يحتاج بناء الثقة الاقتصادية والاستثمارية، وإلى الآن الأمر غير متوفر، فالرؤية الاستثمارية هي على «ربع سنوي» وهكذا استثمار يحتاج ستة أشهر للانطلاق ولسنتين للبدء بالأرباح.
وبيّن ديب أننا نعاني اليوم تحدّيات كبيرة في هذا القطاع خاصة في قطاع النقل التجاري والشعبي المجدي أكثر والذي يضمن الإيراد الدائم والانسيابية النقدية في هذا القطاع، منوّهاً بأن وزير النقل، الدكتور يعرب بدر، من الداعمين إلى التحول للنقل الأخضر لآثاره الإيجابية على الفرد والمجتمع والاقتصاد، ولكننا بحاجة إلى رؤوس الأموال التي تخشى الاقتراب في ظل الإجراءات النقدية والمالية السلبية.