الرئيس أحمد الشرع يشارك في مبادرة مستقبل الاستثمار بالرياض.. انطلاقة جديدة لانخراط سوريا في النهضة الاقتصادية الإقليمية

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية – آلاء هشام عقدة:
انطلقت اليوم في العاصمة السعودية الرياض أعمال النسخة التاسعة من مبادرة مستقبل الاستثمار (FII)، بمشاركة قادة ورؤساء دول وصنّاع قرار من مختلف أنحاء العالم، تحت شعار «مفتاح الازدهار»، حيث يترأس فخامة الرئيس أحمد الشرع وفد الجمهورية العربية السورية رفيع المستوى، وبدعوة من المملكة العربية السعودية.
وتأتي هذه المشاركة السورية لتشكل محطة مفصلية في مسار الانفتاح الاقتصادي الإقليمي، إذ تمثل دخول سوريا الرسمي إلى مشروعات النهضة والتنمية المستدامة، وبدء مرحلة جديدة من التعاون الاستثماري مع العالم العربي والعالم، بعد أعوام من التحديات التي واجهت الاقتصاد الوطني.

تعزيز الشراكة العربية والمصير المشترك بين دمشق والرياض

كما يجري الوفد السوري المرافق، الذي يضم عدداً من الوزراء وكبار المسؤولين، سلسلة لقاءات مع شركات استثمارية عالمية ومؤسسات مالية واقتصادية كبرى، في إطار جهود الحكومة السورية لجذب رؤوس الأموال والمشروعات النوعية إلى الداخل السوري، بما يسهم في دعم خطط الإعمار وتحريك عجلة التنمية والإنتاج.
وفي تصريح لـ” الحرية” ، قال الدكتور ذو الفقار عبود، أستاذ العلاقات الدولية في كلية الاقتصاد بجامعة اللاذقية: تعكس زيارة السيد الرئيس أحمد الشرع إلى المملكة العربية السعودية والمشاركة في مبادرة (مستقبل الاستثمار) المقامة في المملكة، والتي هي واحدة من أبرز المنصات العالمية للابتكار والإبداع والاستثمار والتعاون بين الدول، بدء انخراط سوريا رسمياً في مشروعات النهضة الاقتصادية، على المستوى الإقليمي، وقريباً على المستوى الدولي.
فمشاركة سوريا في هذه المبادرة هي ليست انعكاساً للعلاقات الممتازة بين البلدين الشقيقين سوريا والسعودية فحسب، بل هي أيضاً فرصة للاطلاع على آفاق الاستثمار في المملكة والتعاون المشترك بين البلدين الشقيقين، وبما يعزز آفاق تفعيل التعاون الاقتصادي وبدء العمل في مجالات الاستثمار والمشروعات المشتركة وكذلك زيادة التبادل التجاري بين البلدين وفتح أسواق جديدة لمنتجاتهما، بما يحقق النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة في البلدين وبما ينعكس إيجاباً على شعبي البلدين.
وتُعدّ مشاركة سوريا في المبادرة فرصة واعدة لتعريف الإخوة في المملكة العربية السعودية ، بالفرص الاستثمارية الكبيرة في سوريا، واستقطاب رؤوس الأموال والشركات العالمية للمساهمة في مشروعات البنية التحتية السورية وعمليات إعادة الإعمار وإطلاق مشروعات استراتيجية جديدة ورائدة، وهذا ما سوف يؤدي إلى زيادة معدلات الإنتاج وتحقيق نمو اقتصادي وخلق فرص عمل كبيرة، ومن ثم زيادة الصادرات السورية نحو المملكة ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بشكل عام، كما يمكن زيادة التركيز على الصناعات التحويلية السورية التي يمتلك المنتجون السوريون خبرة طويلة في هذا المجال.
وتمتلك المملكة العربية السعودية وزناً استراتيجياً على المستوى الدولي، كما تمتلك التأثير الواسع، والقدرة على مساعدة القيادة السورية الجديدة في تحقيق وحدة الأراضي السورية واستقرارها في المرحلة الانتقالية، كما أن الحراك والجهد اللذين تبذلهما المملكة العربية السعودية لرفع العقوبات الأحادية والأممية عن سوريا أفضيا في مرحلتهما الأولى إلى رفع بعضها، والعمل متواصل مع الأطراف الدولية للرفع الكامل للعقوبات.
وبالنظر إلى التطلّعات المستقبلية للاقتصاد السوري، يلعب النمو الاقتصادي السعودي والاستثمارات السعودية دوراً في هذه الزيارة، فالسوريون ينظرون بإعجاب إلى (رؤية السعودية 2030) على أنها مثال يُحتذى به لتحقيق التنمية والتطور في سوريا على غرار ما تحقق في السعودية، وهم يأملون في استمرارية الدعم السعودي السياسي والاقتصادي والإغاثي علاوةً على التجربة السعودية في الإصلاح الاقتصادي والإداري ومكافحة الفساد.
من جانب آخر، تعمل المملكة العربية السعودية على تمكين القيادة السورية الجديدة من توحيد الأراضي السورية واستقرارها، والمرحلة الانتقالية يجب أن تكون مرحلة تحقق إعادة البناء السياسي والاقتصادي والتنموي الذي يشمل جميع مكونات الشعب السوري من دون إقصاء لأي طرف، وألّا تكون سوريا مصدر قلق لأيٍّ من جيرانها أو للمنطقة، وأن تكون دمشق ركيزة أساسية من ركائز الأمن القومي العربي.

سوريا سوف تبقى حجر أساس في الاستراتيجية التي تقودها المملكة العربية السعودية في المنطقة، وهي بحاجة إلى وقوف السعودية إلى جانبها في الخروج من آثار حقبة الدمار التي تسببت بها الحرب، ولطالما عدّت السعودية سوريا على أنها حليف مهم في التوازن والاعتدال واستقرار الأمن القومي، ويأمل السوريون أن يتجاوز الاستثمار السعودي في سوريا الجوانب المالية والاقتصادية، إلى الموارد البشرية والطبيعية والصناعية، وصولاً نحو الاقتصاد التكنولوجي الجديد، فالقيادة السعودية ترى في الحالة السورية نموذجاً واعداً للنمو وإعادة البناء على كل المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
وتؤكد الأوساط الاقتصادية أن مشاركة سوريا في مبادرة مستقبل الاستثمار 2025 تمثل خطوة عملية نحو الاندماج الإقليمي وإعادة بناء الثقة الدولية بالاقتصاد السوري، مشددة على أن دمشق تدخل هذه المرحلة كشريك فاعل في مسيرة التطور والابتكار لا كمجرد متلقٍ للدعم، بل كمحرك إقليمي في مسار التنمية المشتركة.

Leave a Comment
آخر الأخبار