الحرية – ميسون شباني :
انطلقت اليوم في دمشق فعاليات «المؤتمر التشاوري لإعداد الهوية الاستراتيجية للمكتبة الوطنية»، الذي تنظمه وزارة الثقافة السورية في مبنى المكتبة الوطنية، ويمثل المؤتمر خطوة هامة نحو تطوير المكتبة الوطنية وتحويلها إلى مؤسسة معرفية معاصرة، تواكب التطورات العالمية في مجالات البحث العلمي، الثقافة الرقمية، وحفظ التراث.
المكتبة الوطنية رمز حضاري..
في كلمته الافتتاحية، أكد وزير الثقافة محمد ياسين الصالح أن المكتبة الوطنية تعد رمزاً حضارياً ووطنياً يعكس حضارات الشعوب ورقيها، وأشار إلى أن المكتبة الوطنية ليست مجرد مساحة لحفظ الكتب والمراجع، بل هي حاضنة فكرية وثقافية تشكل امتداداً لإرث سوريا الثقافي الممتد لقرون طويلة، حيث كانت سوريا عبر تاريخها مهداً لحركات الترجمة والتأليف.
وأضاف الصالح إن المكتبة الوطنية تلعب دوراً محورياً في إغناء الوعي الإنساني وتعزيز الحضور الثقافي السوري في المحافل العلمية والبحثية الدولية.

كما كشف الوزير عن إقامة معرض دمشق الدولي للكتاب في الخامس من شباط المقبل تحت شعار «تاريخ نقرؤه وتاريخ نكتبه»، وأعلن عن إطلاق «مسابقة المكتبة الوطنية» التي تهدف إلى تحفيز الإبداع وتشجيع الكتاب والباحثين السوريين في مختلف المجالات.
خطوة استراتيجية نحو مكتبة معاصرة…
من جانبه، أوضح معاون وزير التعليم العالي والبحث العلمي عبد الحميد الخالد أن هذا المؤتمر يمثل خطوة استراتيجية نحو إعادة بناء الهوية الاستراتيجية للمكتبة الوطنية. وقال الخالد إن المؤتمر يسعى إلى تحويل المكتبة الوطنية من مجرد مكتبة تقليدية إلى مؤسسة وطنية معرفية تواكب التحولات الرقمية وتستجيب لمتطلبات العصر، بما يضمن تكامل دورها كمؤسسة ثقافية وفكرية تعمل على حفظ ذاكرة سوريا وتعزيز مكانتها العلمية والثقافية على المستويين العربي والدولي.
وأكد الخالد أن التعاون مع شركة الاستشارات الإماراتية «إثر بلس» يسهم في دعم هذا التحول، حيث سيقوم المتخصصون بتقديم استراتيجيات وأفكار مبتكرة للانتقال بالمكتبة الوطنية إلى مستوى جديد يتوافق مع الاحتياجات الثقافية والمعرفية الحديثة.
المكتبة الوطنية حصن الثقافة…
وفي السياق ذاته، شدد مدير المكتبة الوطنية سعيد حجازي على أن المكتبات الوطنية تمثل الخزائن الثقافية والفكرية لأي دولة.
وأضاف إن المكتبة الوطنية في سوريا تمثل واجهة علمية وفكرية للبلاد، حيث تظل مكانًا لاستقرار النتاج الفكري ومرجعية للأبحاث والدراسات، وأوضح حجازي أن المكتبة ليست مجرد مكان لحفظ الكتب، بل هي محور رئيسي في تطوير الحياة الثقافية والفكرية في المجتمع السوري.
ودعا حجازي جميع الجهات الحكومية والأهلية إلى المساهمة الفاعلة في إنجاح الخطة الوطنية لتطوير المكتبة الوطنية، مؤكداً أن هذا المشروع يمثل مشروعاً وطنياً يهدف إلى إعادة سوريا إلى مكانتها الثقافية في العالمين العربي والدولي.
من الهوية الاستراتيجية إلى التحول الرقمي
ويشمل المؤتمر ثلاث جلسات نقاشية، ركزت الأولى منها على الهوية الاستراتيجية للمكتبة الوطنية من خلال تحديد الرؤية والرسالة والقيم التي تمثلها المكتبة أمام مختلف فئات الجمهور، وتم خلال الجلسة بلورة أفكار تسهم في إيجاد بوصلة مشتركة لتحديد الأهداف الاستراتيجية للمكتبة في المستقبل.
أما الجلسة الثانية فتركزت على العمارة والديكور، حيث تم بحث تصاميم المكتبة الداخلية وكيفية تخصيص المساحات لتلبية احتياجات الزوار والباحثين، وتهدف هذه الجلسة إلى وضع ميثاق مبادئ لتصميم المكتبة وضمان تجربة مكانية ملهمة تناسب المستخدمين كافة.
فيما تناولت الجلسة الثالثة التحول الرقمي في المكتبة الوطنية، وبحثت كيفية تطوير الخدمات الرقمية لتحسين تجربة المستخدم، ودراسة طرق تعزيز التحول الرقمي من خلال تقديم خدمات إلكترونية متكاملة تسهم في تسهيل الوصول إلى المحتوى المعرفي، إضافة إلى تحديد قنوات الوصول التي تتيح للمستخدمين التفاعل مع المكتبة بشكل فعال.
حضور بارز في الافتتاح…
حضر حفل الافتتاح مستشار رئاسة الجمهورية للشؤون الإعلامية الدكتور أحمد زيدان، إلى جانب عدد من مديري المؤسسات الثقافية والمثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي.
وأكد الحضور أهمية هذا المؤتمر في دعم الثقافة السورية وتنميتها، معربين عن دعمهم الكامل لمشروع تحديث المكتبة الوطنية في دمشق.
الجدير بالذكر أن هذا المؤتمر يعتبر بداية مشروع استراتيجي طويل الأمد يهدف إلى تطوير المكتبة الوطنية بما يتناسب مع التحديات المعاصرة والمتطلبات الثقافية والمعرفية الحديثة، ويعد هذا التحول جزءًا من الجهود الوطنية لإعادة تعزيز مكانة سوريا في الحياة الثقافية العربية والعالمية، بما يسهم في تطوير وتعزيز الفضاء المعرفي والثقافي في سوريا بشكل عام.