انتخابات مجلس الشعب.. الاستعدادات اكتملت.. صمت انتخابي اليوم والتصويت غداً

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحرية – مها سلطان:

مع دخول سوريا اليوم السبت مرحلة الصمت الانتخابي، تكون الاستعدادات لانتخابات مجلس الشعب قد انتهت، لتبدأ- غداً الأحد- عملية التصويت، بحضور وسائل إعلام محلية وعربية ودولية، وفق تصريح المتحدث باسم اللجنة العليا للانتخابات نوار نجمة أمس الجمعة.
وأوضح نجمة أن عملية فرز الأصوات ستبدأ مباشرة بعد انتهاء التصويت، ثم ستظهر النتائج الأولية تباعاً على مستوى كل مناطق سوريا.
ويتنافس في هذه الانتخابات 1578 مرشحاً، 14 % منهم من النساء، على ثلثي مقاعد المجلس البالغ عددها 210 مقاعد، في حين يُعيّن الثلث الآخر من قبل رئيس الجمهورية، وفق الإعلان الدستوري الصادر في آذار الماضي.
ويتم التصويت من هيئات انتخابية في جميع أنحاء البلاد، مع توزيع عدد مقاعد كل منطقة حسب عدد السكان.

6000 عضو و50 منطقة

نظرياً، من المفترض أن يصوّت نحو 7000 عضو من أعضاء الهيئة الانتخابية في 60 منطقة، جرى اختيارهم من بين مجموعة من المتقدمين في كل منطقة من قبل لجان معينة لهذا الغرض، على 140 مقعداً.
عملياً ومع تأجيل الانتخابات في محافظة السويداء وفي شمال شرقي سوريا، من المقرر أن يصوت نحو 6000 عضو من أعضاء الهيئة الانتخابية في 50 منطقة لنحو 120 مقعداً.
هذه الانتخابات هي الأولى ما بعد سقوط النظام السابق في 8 كانون الأول الماضي، حيث كانت تجري انتخابات دورية في ظاهرها، صورية في باطنها، وذلك على مدى خمسة عقود من حكم آل الأسد، كان السوريون خلالها يشاركون في الانتخابات رغم معرفتهم النتائج مسبقاً، وأن حزب البعث سيُهيمن، كما كل مرة، على مقاعد مجلس الشعب، لكن المشاركة كانت «فرض عين».. وإلا.
هذه الـ «إلا» انتفت اليوم. صحيح أن العملية الانتخابية ستتم بالتصويت غير المباشر، إلا أن الأمر استدعته الظروف القائمة عبر جملة عوامل فرضت نفسها ودفعت القائمين على العملية الانتخابية إلى اختيار مسار يتناسب مع ظروف سوريا والسوريين في مرحلة انتقالية هي الأشد تعقيداً وحساسية.
وعليه لا بد من الحذر والحيطة وأخذ كل التفاصيل بعين الاعتبار فلا تخرج العملية الانتخابية عن مسارها الصحيح وأهدافها النهائية باتجاه سوريا أكثر استقراراً وأمناً.

إرادة شعبية حاضرة

ولأن هذا المسار تم العمل عليه بحرص شديد، وبعزيمة وعمل دؤوب، فإن العملية الانتخابية وصلت إلى خواتيمها المرجوة، لتكون عملية التصويت غداً فاتحة مبشرة لمسار ديمقراطي حقيقي، ولانتخابات برلمانية مقبلة – بالتصويت المباشر- (بعد انتهاء المرحلة الانتقالية وولاية المجلس المقبلة التي تستمر 30 شهراً).
..علماً أن العملية الانتخابية الحالية حققت إلى حد كبير الجانب الشعبي، بمعنى إرادة شعبية كانت حاضرة بوضوح. السوريون بلا شك يريدون استقراراً سياسياً يؤسس لدولة القانون والمؤسسات، وهذا ما تمثله انتخابات مجلس الشعب الحالية.
السوريون بالعموم متفائلون، صحيح أن هناك من لا يزال ينعق بعدوانية ضد إرادة السوريين ويسعى لبث الفرقة والتشاؤم واليأس (وهو سيستمر بذلك ما بعد الانتخابات ربما) إلا أن السوريين يمضون قدماً ليكونوا عوناً للدولة وحصناً لها، وليس أداة بيد من يريدون تقسيم الوطن وأهله.

– مرة أخرى.. لماذا التصويت غير مباشر؟

لقد سبق للجنة الانتخابية العليا أن أوضحت لماذا هذه الانتخابات تجري بالتصويت غير المباشر. عملياً لا يمكن الوصول إلى سجل دقيق لعدد الناخبين، بسبب النزوح الداخلي واللجوء الخارجي. هذا عدا عن فقدان الكثير منهم لوثائقهم الشخصية خلال 14 عاماً من الحرب التي نتج عنها خراب كبير ودمار طال الكثير من المؤسسات ومنها السجل المدني. هذا يعني أنه لا يمكن وضع قوائم انتخابية نهائية وموثوقة، كما أنه من غير الممكن وضع الترتيبات اللوجستية اللازمة لتحقيق وتأمين عملية التصويت.
مدة ولاية مجلس الشعب المقبل ستكون 30 شهراً، ومن المفترض أن تمهد الحكومة خلالها الطريق لإجراء انتخابات برلمانية بالتصويت الشعبي المباشر. وعليه فإن السوريين بالعموم لا يجدون ضيراً في أن تجري الانتخابات الحالية بالتصويت غير المباشر، ويرون أن ضرورات المرحلة تفرض أن تكون كذلك، وبالتالي يتوجب أن يكون الجميع يداً واحدة مع الدولة لتيسير العملية من جهة.. ومن جهة أخرى التأسيس لمسار انتخابي بأركان متكاملة في المرحلة المقبلة.

– حسابات وترتيبات سياسية

لا شك أن يوم الغد يمثل منعطفاً تاريخياً وبما يتجاوز سوريا نحو الجوار، ومن نافل القول إن انتخابات الغد تستقطب حالة تركيز شديد إقليمي ودولي كونها تدخل ضمن حسابات وترتيبات سياسية أوسع وأشمل من مجرد انتخابات محلية.
جميع السوريين يدركون أن «العين عليهم» وأنهم في مرحلة استحقاقات صعبة، وهم إذ يتفاءلون بمسار انتخابي بدأ ومضى بسلاسة دون عوائق تذكر، لكنهم في ذات الوقت يخشون على بلادهم من هذه الاستحقاقات الصعبة وما تفرضه من تدخلات وضغوط .

– المحطة النهائية

من هنا فإن انتخابات الغد هي بنظر السوريين خطوة واسعة جداً باتجاه تحصين سوريا وتعزيز جبهتها الداخلية. لذلك- وفي مجمل المسار الانتخابي منذ بدئه ما بعد الإعلان الدستوري في آذار الماضي- كانوا عوناً للجهات المنظمة، ثم للجنة العليا والهيئات الانتخابية، في سبيل أن تمضي العملية الانتخابية قدماً إلى محطتها النهائية، وهذا ما كان، وما سيتم ترجمته عملياً غداً الأحد .

Leave a Comment
آخر الأخبار