انتعاش الأسواق السورية قبل العيد يُعيد الأمل بعد سنوات من القمع

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية – بشرى سمير:

في مشهدٍ يعكس تنفّس السوريين هواء الحرية بعد سنوات من القهر، اشتعلت الأسواق في الأيام الأخيرة من رمضان بحركة شرائية استثنائية، حملت عبق الفرح الذي طال انتظاره. فمن أزقة دمشق القديمة إلى أسواقها، تحوّلت طوابير الشراء إلى لوحة تعيد إحياء تقاليد العيد التي كادت أن تختفي تحت وطأة الأزمات وسياسات النظام السابق.

إقبالٌ غير مسبوق 

لم أعد أخاف على أطفالي من صوت القصف، ولا أعجز عن تلبية طلباتهم، بهذه الكلمات عبّرت نور مريش، وهي أم لأربعة أطفال، عن فرحتها وهي تشتري ملابس العيد لأول مرة منذ عشر سنوات. قصتها ليست استثناءً، فالشوارع المكتظة والمحال المزدحمة حتى ما بعد منتصف الليل تؤكد أن السوريين، رغم جراحهم، يعيدون اكتشاف متعة الاستعداد للعيد دون خوف.

القوة الشرائية

ويشير محمد تاجر إلى أن صرف المنحة الرئاسية ساهم في إنعاش القوة الشرائية للمواطنين، لكن العامل الأهم كان انخفاض أسعار السلع بنسبة وصلت إلى 50% مقارنة بالعام الماضي.
محمد، بائع ملابس أطفال، بين أن الإقبال هذا العام جنوني، وخاصة مع عروض وصلت إلى 60% على بعض التشكيلات، وصار باستطاعة الناس شراء 3 قطع بثمن قطعة واحدة من زمن النظام البائد.

ألعاب مستعملة وحلويات منزلية

لم تكن الملابس وحدها محور الانتعاش، فقد شهدت أقسام ألعاب الأطفال إقبالاً لافتاً، وخاصة على الألعاب المستعملة التي تُباع بأسعار رمزية (حوالي 10 آلاف ليرة للقطعة). فقد امتلأت البسطات بمختلف البضائع من ألعاب وحلويات ومواد غذائية وبأسعار مقبولة، فيما اتجه كثيرون لشراء مستلزمات صناعة المعمول والكعك في المنزل، بحثاً عن فرحةٍ منزلية قليلة التكلفة.

وسيم تنبكجي، بائع في محل لمواد الحلويات، يصف المشهد: الناس تريد أن تعوّض سنوات الحرمان، البعض يشتري كيلو الشوكولا لضيافة العيد، وآخرون يفضلون شراء المواد الخام لصنع الحلويات بأنفسهم، لكن الجميع يشعر أن العيد هذه المرة لهم حقاً.

من سوق الخوف إلى سوق الحرية
ويربط كثيرون بين زوال النظام السابق وبدء انفراج الأزمات.. علي، صاحب محل ألبسة في دمشق، يوضح: “قبل سنة، كنا نرفع الأسعار خوفاً من تقلبات العملة وفساد المؤسسات. اليوم، ننافس بتقديم عروض تتناسب مع دخل المواطن، لأننا نشعر بتحسنٍ حقيقي.  فيما يرجع التجار الفضل لتحسن سعر الليرة وانخفاض تكاليف الاستيراد بعد فتح المعابر الحدودية.
ويرى الأستاذ الجامعي محمود رضوان أن الانتعاش الأخير ليس مجرد أرقامٍ في سجلات التجار، بل هو إعلان عن شعبٍ يرفض أن يكون ضحية، الفرحة التي حملتها وجوه الأمهات والأطفال الذين اختاروا ألعابهم بأنفسهم، تُذكّر بأن الاقتصاد ليس أرقاماً فحسب، بل قصص إنسان يستحق الحياة. قد تكون المنحة الرئاسية شمعة أضاءت الطريق، لكن الأكيد أن السوريين، بصبرهم وإبداعهم، هم من سيحملون النور إلى ما بعد العيد.

Leave a Comment
آخر الأخبار