«قيصر» العقبة الأخيرة أمام استقرار العلاقات السورية الأميركية وتحقيق الانتعاش الاقتصادي

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – لوريس عمران:

شهدت العلاقات السورية–الأميركية خلال الأشهر الـ11 الماضية تحولاً غير مسبوق، تُوِّج بالزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس أحمد الشرع إلى واشنطن. الزيارة أزالت عدداً من الحواجز التي كانت تعوق التواصل المباشر بين العاصمتين، وفتحت قناة سياسية ودبلوماسية فعّالة، تعزّزت بلقاءات الرئيس مع عدد من أعضاء الكونغرس، ومن بينهم النائب برايان ماست، الذي يُعدّ من أبرز المعارضين لرفع «قانون قيصر».

ورغم أن الإدارة الأميركية رفعت جميع العقوبات التنفيذية المفروضة سابقاً على سوريا، إلا أن العقبة الأساسية تبقى متمثلة في «قانون قيصر» الذي أقرّه الكونغرس ويحتاج إلغاؤه إلى مسار تشريعي مختلف عن صلاحيات السلطة التنفيذية.

وهنا يبرز رأي المستشار السياسي إسماعيل باقر، المقيم في واشنطن، إذ يرى أن تجاوز هذه العقبة هو الضمانة الحقيقية لاستدامة التقدم السياسي بين دمشق وواشنطن. نظراً لصعوبة إعادة العمل به بعد إلغائه داخل الكونغرس، ويرى أن إخراج الملف من دائرة التجاذب بين الحزبين (الجمهوري والديمقراطي) سيحوّل العلاقة بين دمشق وواشنطن إلى علاقة مستقرة وغير خاضعة لتبدّل الإدارات.

وأشار باقر خلال حديثة لصحيفة «الحرية» إلى أن استعداد الكونغرس لاتخاذ خطوة متقدمة تجاه سوريا مرتبط بالتطورات الداخلية التي شهدتها البلاد خلال المرحلة الأخيرة، وبالإجراءات التي اتخذتها الحكومة السورية، إذ راقب عدد من النواب هذه التطورات عن قرب، ما خلق مناخاً من الثقة غاب في السنوات السابقة. كما يبرز نجاح تمرير إلغاء «قانون قيصر» في مجلس الشيوخ بوصفه مؤشراً واضحاً على هذا التوجّه، مبيناً أن المرحلة الأكثر تعقيداً تبقى في مجلس النواب، حيث تتباين المواقف بين 435 نائباً لكلّ منهم حساباته السياسية الخاصة.

وفي هذا السياق، ألقى باقر الضوء على الدور المتوقع للجالية السورية في الولايات المتحدة، القادرة على التأثير عبر التواصل المباشر مع ممثليها وشرح أهمية منح الاقتصاد السوري فرصة حقيقية للتعافي عبر إلغاء القانون.

واعتبر أن التحولات الإقليمية والدولية الأخيرة أسهمت في تعزيز هذا المسار، ولا سيما زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى البيت الأبيض، وما حملته من استثمارات ضخمة في الاقتصاد الأميركي.

ومع تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب في المكتب البيضاوي حول أهمية رفع العقوبات، بات واضحاً أن الملف السوري يندرج اليوم ضمن أجندة اقتصادية مشتركة بين الحزبين.

وأضاف باقر أن الضغط السعودي، المصحوب باستثمارات كبرى، جعل مسار إلغاء القانون أقرب من أي وقت مضى، ليس فقط كخطوة سياسية خارجية، بل كجزء من حسابات اقتصادية داخلية للمشرّع الأميركي.

ولفت إلى أن سلسلة اللقاءات التي أُجرِيت في السابع عشر من نوفمبر/تشرين الثاني مع 12 نائباً من المؤثرين في لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس، عكست تغيراً واضحاً في المناخ السياسي داخل المؤسسة التشريعية. ورغم بقاء بعض التحفّظات، فإن غالبية المواقف التي سُجّلت بدت أكثر انفتاحاً، ما يعكس تحوّلاً حقيقياً تقوده الثقة السياسية وتقديرات الفرص الاقتصادية في آن واحد.

ويرى باقر أن إلغاء «قانون قيصر» بالكامل سيُحدث أثراً مباشراً وسريعاً على الاقتصاد السوري، خصوصاً في القطاع المصرفي الذي يشكّل القاعدة الأساسية لانطلاق أي دورة اقتصادية، موضحاً أن سوريا ليست ممنوعة تقنياً من استخدام نظام «سويفت» لكن تردد البنوك الأجنبية في تنفيذ التحويلات المرتبطة بها يبقى العائق الفعلي، وبعد رفع العقوبات، يتوقع أن تستعيد المصارف الإقليمية والدولية ثقتها في التعامل مع السوق السورية، ما يسمح بإعادة فتح الحسابات المراسلة واستئناف حركة التحويلات بصورة طبيعية.

وبيّن أن مذكرات التفاهم الموقعة سابقاً ستتحول إلى عقود فعلية، وستبدأ رؤوس الأموال بالتدفق مجدداً، بما يعيد تنشيط الائتمان والاستثمار.

وفي ختام حديثه، أوضح باقر أنه بانطلاق القطاع المصرفي ستشهد قطاعات الصناعة والطاقة والاتصالات وسائر قطاعات الإنتاج حراكاً اقتصادياً واسعاً، يعكس بداية دورة انتعاش جديدة في البلاد.

Leave a Comment
آخر الأخبار