الحرية- نهى علي:
لم تنخفض أسعار العقارات كما ينتظر كثيرون، وبما يوازي أو يقترب من المعدلات التي تروجها وسائل التواصل الاجتماعي، وصفحات تجارية تروج شائعات وأخرى تنفي، والأهداف بالعموم ترتبط بأبعاد تجارية ومصلحية، بدليل أن راغبي الشراء يصطدمون بمعدلات سعرية مرتفعة، لا سيما في مراكز المدن ومعظم المناطق المنظمة.
و من خلال المتابعة وسؤال أصحاب مكاتب تجارة و وساطة عقارية، يمكن الاستنتاج أن عروض البيع وانخفاض الأسعار يتركز في مناطق العشوائيات حول المدن الكبرى لا سيما دمشق المحاطة بطوق كامل من أحزمة السكن العشوائي.
في مثل هذا التشتت في الرؤية، تزداد التساؤلات من قبل الباحثين عن فرصة لشراء مسكن، لا سيما السوريين المقيمين في الخارج ممن لديهم مدخرات و يفكرون بحيازة منزل لهم أو لذويهم من الأصول والفروع المقيمين في الداخل السوري، أو يبحثون عن وعاء ادخاري لأموالهم التي جمعوها في المغترب، فالسوريون معتادون على العقار كأهم وعاء ادخاري مضمون.
فضلية: العقار اليوم غير مستقر لا إيجاباً ولا سلباً بحكم ارتباطه بالحالة العامة وظروف الترقّب في البلد
وعاء ادخاري باقٍ
وهذا مايؤكده أستاذ الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور عابد فضلية، إذ يلفت إلى أن العقار في سورية مازال الوعاء الادخاري، لكنه يرى أن العقار اليوم غير مستقر لا إيجاباً ولا سلباً بحكم ارتباطه بالحالة العامة و ظروف الترقّب في البلد .
و يبيّن فضليّة في تصريحه ل “الحرية” أنه من غير المنطقي توقع أسعار العقارات، وما يجري اليوم هو توقع نظري ينحو باتجاه الانخفاض تبعاً لنظرية العرض والطلب.
موضحاّ أن المغتربين يبنون قرارتهم في شراء العقارات على نصائح أقربائهم أو معارفهم داخل سورية وبالتالي ليسوا بعيدين عن الواقع .
المشهد العقاري مازال ضبابياً بالمطلق، لكن الحقيقة التي يجمع عليها كل المهتمين أن الانخفاض الذي يجري ترويجه على الصفحات، غير مقترن بالواقع.
الجبّان: هبوط الأسعار لا يتعدى الشائعات التي يجري تداولها عبر صفحات الفيسبوك ووسائل التواصل الاجتماعي
شائعات وترقّب
وهذا ما يراه المطوّر العقاري ياسر الجبّان، الذي يؤكد لصحيفتنا أن الأحاديث عن هبوط الأسعار لا يتعدى الشائعات التي يجري تداولها عبر صفحات الفيسبوك ووسائل التواصل الاجتماعي.
ويظن أن مثل هذه الحملات تكون منظمة أحياناً وممنهجة بقصد التأثير على السوق وزيادة المعروض للبيع و دفع مالكي الشقق السكنية على سبيل الادخار سابقاً “بما أن العقار كان وسيلة ادخارية آمنة ومضمونة الأرباح”، للتخلي والبيع مدفوعين بمخاوف من انهيارات أكثر في الأسعار، بالتالي يكون هناك متمولون جاهزون للشراء وتحقيق علاوات كبيرة عندما تستقر أوضاع السوق قليلاً، وهذا النوع من عمليات البيوع نسميه شعبياً “بيعة مضطر”.
وينفي الجبّان أن تكون هناك معطيات مؤثرة بالعمق على أسعار العقارات بما أن التكاليف المدفوعة كبيرة ولم تتراجع أسعار مواد البناء بالشكل الذي يروج له بعضهم ويؤدي إلى ذلك الهبوط الذي يجري الحديث عنه في سوق العقار.
لكن المطور العقاري يلفت إلى حالة الجمود المسيطرة حالياّ على السوق، فهناك ظاهرة اسمها التريث تحكم عمليات البيع والشراء، وانتظار عودة السوق إلى طبيعتها.. ويؤكد أنه يتلقى اتصالات واستفسارات كثيرة يومياً من سوريين في الخارج أو ذوي مغتربين يسألون عن الأسعار وعروض البيع، لكن عمليات البيع الفعلية فهي قليلة جداً، وهذا مانسميه جمود على ارتفاع.
جمود مشروع
وبيّن الجبّان أن مثل هذا الجمود طبيعي في مثل هذا التحول الكبير الذي جرى في سورية، و الواعد بانفتاح غير مسبوق منذ سنوات وعودة المهجرين إلى ديارهم، بالتالي تكون حالة الترقب هي السائدة من دون قرارات حقيقية بالبيع أو الشراء.
ويضيف: سوف يزداد الطلب بشكل كبير على العقار عندما تنطلق عملية الإعمار و تتدفق الأموال مع السوريين العائدين إلى بلدهم بعد سقوط النظام البائد.
ويختم الجبّان بأن الطلب سيزداد على العقارات في المناطق المحيطة بدمشق “الريف”، وربما مثلها باقي المدن السورية، بعد عودة المرونة في التنقل وزوال الحواجز و العرقلة والتكاليف الإضافية التي كانت تفرض على وسائل النقل و تستوفى من المواطن في المحصلة .
ويوضح أن أسعار الشقق في الأرياف المحيطة بدمشق وباقي المدن السورية هي أقل بالتأكيد، لأن أسعار الأراضي المعدة للبناء أقل وليس لأن أسعار مواد البناء مختلفة، فهي كما نعلم ذاتها في الريف والمدينة.
في المحصّلة يجمع معظم المعنيين بالشأن العقاري، على أن الصورة لن تتضح قبل معاودة الاقتصاد السوري انتعاشه وتفاعل كافة قطاعاته.
وكذلك انطلاق ورشة استثمار عقاري مرتبطة بإعادة إعمار البلاد، عندها سيتم تحديد تكلفة التشييد العقاري، وستخضع التفاوتات السعرية لاعتبارات أخرى تتعلق بالموقع والبعد والقرب من مراكز المدن، وكذلك الخدمات والتجمعات النموذجية.