الحرية- وليد الزعبي:
يحسب قرار خدمة الريف بالنسبة إلى الصيادلة على التوجهات الصائبة قبل نحو عقدين من الزمن، إذ أسهم بتأمين صرف الدواء للمرضى بالقرب من أماكن إقامتهم، نظراً لقلة الخريجين وعدم الإقبال الطوعي على الأرياف حينها لضعف حركة العمل فيها.
لكن اليوم ومع كثرة الخريجين بهذا الاختصاص إلى درجة وجود فائض، أصبحت التغطية كاملة لجميع الأرياف، لدرجة أنه في بعض البلدات الصغيرة التي لا يتجاوز عدد سكانها مثلاً عشرة آلاف نسمة، توجد أكثر من خمس عشرة صيدلية.
الانعكاس الأكثر سلبية، هو أن إكراه الصيدلاني على خدمة الريف لسنتين اثنتين، فسح المجال لدخول متطفلين كُثر على خط المهنة، إذ إن الصيدلاني وخاصة إذا كان من سكان إحدى المدن، يرى من غير المجدي افتتاح صيدلية في أي من الأرياف بموجب ترخيص مؤقت ليعود بعدها ويحصل على ترخيص دائم يخوّله مزاولة المهنة في المدينة.
ولذلك يستغل الكثيرون ممن وجدوا في المهنة استثماراً مقبولاً، حاجة الصيدلاني لقضاء خدمة الريف ويستأجرون شهادته، وكلما انقضت سنتان يستبدلونها بأخرى من جنسها نفسه، أما الأجور فهي بخسة جداً، ولن يتخيل أحد أنها بين خمسين ومئة ألف ليرة فقط.
والخطورة تكمن في أن المتطفلين غير المؤهلين، وبعضهم لا يكاد يفك الخط – كما يُقال – يدير شأناً ليس هامشياً بل يتعلق بصحة المواطنين، وأي خطأ في صرف الدواء لا شك سيهدد سلامتهم، وخاصة أن الدارج في محيطنا توجه أغلبية الناس في الحالات المرضية البسيطة للصيدلية مباشرة من دون الرجوع للأطباء تجنباً لتحمل أعباء “الكشفيات” الباهظة، ويشرحون للقائم على الصيدلية أوجاعهم ليصف لهم الدواء.
إن الإبقاء على خدمة الريف للصيدلاني في محافظة درعا، وقد يكون مثلها العديد من المحافظات، لم يُعدّ مبرراً في ظل انتفاء الحاجة، ويمكن من خلال سبر توزع الصيدليات في الأرياف عبر سجلات نقابتها أو مديرية الصحة معرفة مدى إشباعها بها، وذلك لرفع هذا العبء عن الصيدلاني وتجنيبه مغبة ارتكاب مخالفة تأجير شهادته، والمهم أكثر الإسهام بتحييد أحد عوامل دخول متطفلين غير مؤهلين لهذه المهنة الصحية الحيوية.