الحرية- حسيبة صالح:
انطلق بازار ألوان سورية ليضيء ثلاثة أيام من الفرح والإبداع في قلب دمشق، وتحديداً في فندق البوابات السبع.
منذ خمسة عشر عاماً، تقود رنا طباع هذا المشروع الذي أصبح أكثر من مجرد سوق؛ إنه مساحة وجدانية واجتماعية تحتضن السيدات السوريات وأعمالهن اليدوية، ليكون كل لون حكاية، وكل طاولة نافذة على قصة امرأة تنسج من شغلها حياةً وأملاً.
البازار يترافق سنوياً مع الأعياد المجيدة ورأس السنة، ليضيف هذا العام فرحة التحرير إلى أجوائه، ويؤكد أن الفن اليدوي ليس مجرد منتج، بل هو ذاكرة وهوية ووسيلة للرزق والتمكين.

من مناسبة إلى موعد شهري
تقول الطباع في تصريح لـ”الحرية”: ما بدأ كبازار موسمي مرتبط بالأعياد، تحول اليوم إلى موعد شهري ثابت بطلب من المشاركات، ليصبح باب رزق مستداماً يتيح لهن التحضير الدائم لأعمالهن وعرضها لجمهور واسع. ومع مرور السنوات، كوّن البازار قاعدة من الزبائن الدائمين والجدد، ليصبح واحداً من أنجح البازارات في دمشق، محققاً نتائج إيجابية على مستوى الدعم الاقتصادي والاجتماعي للمرأة.
قصص من قلب الطاولات
منال السيد، المشاركة منذ عام 2018، تصف البازار بأنه عائلة واحدة، تمنحها فرصة عرض منتجاتها في ظل صعوبة استئجار محل بسبب ارتفاع الأسعار.
الدكتورة لمى اختريني، حولت هوايتها في صناعة “الكوكيز” والحلويات إلى مشروع عبر صفحة “بيك لولو”، لتجد في البازار نافذة تعريفية أتاحت للناس تذوق منتجاتها وحبها.
عمر مارديني، عبر طاولة “مائدة المالكي”، يقدم منتجات بيتية من تفريز ومربيات وأنجينا، مؤكداً أن الإقبال الكبير يساهم في تطوير الصناعة اليدوية.
مشروع نقشة سكر بقيادة سيدنا سمارة ووالدتها، يمزج بين الشوكولا البلجيكية والنكهات الدمشقية الأصيلة مثل ماء الورد والنارنج، ليضيف طابعاً سورياً جديداً على الحلويات.
كنانة بلال، بفن الرسم على الزجاج والريزين، وجدت في البازار منصة للتسويق والانتشار، مع تقدير خاص لجهد الأعمال اليدوية التي تتطلب وقتاً وصبراً.
رجاء حمدان، بحبال الخيش والكروشيه، ترى في البازار حالة اجتماعية مليئة بالحب، إلى جانب كونه مساحة للتسويق.
كارول من “مارغريت كرافت”، تقدم هدايا ولادات مطرزة وكروشيه، وتؤكد أن البازار عرف الناس بعملها العائلي.
زبيدة الترك، من جمعية جذور التنموية، أطلقت مشروع “فارم جذور” لدعم سيدات منطقة برشين، حيث تُعرض منتجات طبيعية مثل التين والزبيب والخل والسماق، لتصبح معروفة ضمن البازار وتحقق تمكيناً حقيقياً للمرأة.
مساحة للتكافل
بازار ألوان سورية ليس مجرد سوق، بل هو لوحة فسيفسائية من قصص النساء السوريات، حيث تمتزج الألوان بالحكايات، والمنتجات بالذاكرة، والرزق بالأمل. إنه مساحة للتكافل، ولإعادة تعريف العمل اليدوي كقيمة ثقافية واقتصادية واجتماعية. ومع كل دورة جديدة، يكبر هذا البازار كما تكبر العائلة التي صنعته، ليبقى شاهداً على أن المرأة السورية قادرة على تحويل الإبداع إلى حياة، والحكاية إلى مستقبل.