الحرية- سامي عيسى:
ما تسعى إليه الحكومة اليوم، البحث عن مصادر قوة تشغيلية جديدة، تستهدف فيها مكونات الاقتصاد الوطني، بأبعاده المختلفة، “الإنتاجية منها والخدمي”، لكن المكون الأهم العنصر البشري، بما يحمله من يد منتجة، وخبرات وكفاءات علمية وفنية، تقوم عليها المكونات الأخرى في جميع حساباتها..!
وهذه مسألة ليست بخافية على أحد، فكل المشاريع التي تطرحها الحكومة اليوم، تستهدف فرص العمل والشباب الوافد إلى سوق العمل، وقبل هذا وذاك، البحث عن حلول للتخلص من أوجه البطالة المختلفة والمتنوعة..!
فالبطالة في بلدنا لها حساباتها الخاصة، فما هي عليه قبل الأزمة، ليست كما في سنواتها وما بعدها، إلا أن ما قبلها كان مرتبط بأمرين: الأول نقص في فرص العمل، والمصادر المولدة لها، والثاني لا يخفى على أحد البطالة المقنعة، التي دمرت القطاعات الإنتاجية من مكوناتها الداخلية..!
أما خلال الأزمة فهي بطالة ناجمة عن التدمير والتخريب لمكونات الاقتصاد الوطني، خلال سنوات الحرب، وتدمير وسرقة المنشآت الصناعية للقطاعين العام والخاص، الأمر الذي أدى لخروج مئات الآلاف من العمال لمواقع العمل، وهنا تكون البطالة أمراً مفتعلاً لزيادة أعباء الحكومة، وفرض حالة من الشلل في التفكير الاقتصادي والاجتماعي في ظل تراجع مقدرات الدولة بسبب الحرب، وما جرته من ويلات، والحصار الاقتصادي على سورية من جهة، والتدمير والتخريب الممنهج لمكونات الاقتصاد ومصادر قوته من جهة أخرى.
وبالتالي هنا “البطالة” بمفهومها الاقتصادي، تشكل أهم العقبات المعيقة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وخاصة إذا كانت في صفوف الشباب الوافدين إلى سوق العمل، وهذا بدوره يترك ٱثاراً واضحة على المستويات الاقتصادية، والاجتماعية والثقافية والسياسية والنفسية، وهذا ما أكدته الأزمة الحالية من خلال انحراف الشباب العاطل عن العمل، وهروب الآلاف من اليد العاملة إلى الخارج من جهة أخرى، وذلك بدعم من جهات خارجية لها مصلحة في إفراغ العمالة “المشغلة” لعجلة الإنتاج وما يحمل ذلك، من خطورة كبيرة على واقع العمل، وتفريغ العمالة من هويتها وانتمائها الوطني..!
أمام ذلك لابد من معالجة فورية لهذه الظاهرة، ووضع حلول جذرية، تأخذ حيزاً مهماً من اهتمام الحكومة خلال المرحلة الحالية والمقبلة أيضاً، لأن حجم خطورتها يوازي ما تم تخريبه خلال سنوات الحرب بأضعاف أضعافه..!
وهنا نرى أن معالجة ذلك يبدأ من خطوة في غاية الأهمية، تكمن في تشخيص دقيق لواقع البطالة، وتقديم الأرقام الصحيحة، ودراستها من قبل خبراء الاقتصاد والاجتماع، والاختصاصيين من أهل الخبرة واعتماد الأرقام الصحيحة، لوضع الحلول المناسبة لها.
والأهم مشاركة الفعاليات الاقتصادية، وفعاليات المجتمع الأهلي والقطاع الخاص في وضع الحلول، وتحديد الأولويات للمرحلة المقبلة، ووضع استراتيجية تتضمن تشريحاً كاملاً للفئات العمالية وتصنيفها، وفق تراتبية كل فئة، وبذلك نكون قد وضعنا الخطوة الأولى لحل مشكلة من “أخطر وأعقد” مشكلات القطاع الاقتصادي والإنتاجي.. !
والأهم أن بوابة الحل، دخلتها الحكومة من خلال سلسلة من المشاريع الاستثمارية في القطاعات الإنتاجية والخدمية، وفق استراتيجية تسمح بمولدات جديدة للمشروعات، وعلى كتفها تُحل مشكلة البطالة المتنوعة في البلاد، الأمر الذي يؤكد أن أبواب الحل باتت قريبة، إن لم تكن في يد الحكومة.
Issa.samy68@gmail.com