ملف «الحرية».. بداية الخيط لمعالجة المشكلات وتوفير بيئة صالحة للعمل.. المجالس الاستشارية إيقاع تنفيذي يحمل خبرات الماضي وكفاءات المستقبل

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية– مركزان الخليل:
تحاول الحكومة اليوم الخروج من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي خلّفها النظام البائد، والتي تمددت لسنوات طويلة، فقدت خلالها كلَّ أسباب المعالجة، وحتى إيجاد الحلول المناسبة، مستخدمين حججاً كثيرة، منها الحصار الاقتصادي، و العقوبات، والإرهاب وغيرها، متناسين تماماً فساد الجهاز الإداري، وثقافة الرشوة التي عمموها كأسلوب لمعالجة الأخطاء وتكريس نهجهم في إدارة الدولة، الأمر الذي أوجد حالة من الضعف في بنية الإدارة العامة في الدولة، وقدرتها على إيجاد الحلول لكثير من القضايا والمشكلات العامة، سواء على صعيد الحالة الاقتصادية والاجتماعية، وحتى الإدارية والتي مازالت تعاني من ترهل واسع وضعف في الأداء..!

بيئة مناسبة
واليوم تبدأ خطوتها الأولى في معالجة ما ذكر، من خلال إجراء قد يكون بداية الخيط في حلّ المشكلات، وتوفير بيئة مناسبة لتنفيذ توجهات الحكومة في عملية بناء وتطوير القاعدة الاقتصادية في سوريا، وتحقيق قفزات نوعية في آلية العمل الإداري، في مقدمة هذه الخطوة، قرار بتشكيل المجالس الاستشارية لدى الجهات العامة، تضم فيها كفاءات وخبراء يتمتعون بالسمعة الجيدة، والقدرة على إيجاد الحلول في الوقت المناسب..

خبير: المجالس وكفاءاتها تسمح بإدارة صحيحة وسداد في الرأي وإيجاد أرضية مناسبة لتحديد هوية الاستثمارات

فهذا الإجراء يحمل الكثير من الأهمية وفق رأي الخبير الاقتصادي المهندس جمال شعيب الذي أكد خلال لقاء “الحرية ” معه أهمية إحداث مجالس استشارية في المفاصل الأساسية للعمل الحكومي، وخاصة ما يتعلق بالقطاع الإنتاجي والصناعي والخدمات وغيرها، موضحاً تمتع المجالس بالخبرة والكفاءة التي تسمح بالإدارة الصحيحة وإبداء الرأي السديد والسليم، في القضايا الملحّة وغيرها، وذلك وفقاً لمهام كلّ مجلس، والتي غالباً ما تتضمن: اقتراح السياسة العامة للجهة صاحبة المجلس، سواء أكانت وزارة أم مؤسسة حكومية، أو أيَّ جهات أخرى، ووضع أسس عامة للتنسيق فيما بين الجهات العامة ذات العلاقة المشتركة في جبهات العمل، واقتراح السياسة العامة للمنتجات والسلع والخدمات التي تقدمها الجهات العامة، والأهم إبداء الرأي في المشاريع الاستثمارية الإستراتيجية، وتعديلات القوانين، والأنظمة النافذة، كي تتماشى مع التوجهات الحكومية الجديدة التي تهدف إلى إعادة ترتيب البيت الداخلي للاقتصاد الوطني..

مهام خاصة
وبالتالي التوجه الجديد في رأي “شعيب” لإحداث مجالس استشارية في الجهات العامة، خطوة أكثر من مهمة، لأنها تتمتع بالأهلية والكفاءة في إبداء الرأي والنصيحة، لتكون عنصر مساعد للإدارة وفق رؤية شمولية الحل لأي مشكلة، إلى جانب المساهمة في إصدار القرارات الإستراتيجية المتعلقة بنشاط كل جهة، وبما يحقق المصلحة المشتركة، والحفاظ على هوية المؤسسات والشركات التي عدّها القانون رقم 2 للعام 2005 تاجراً في علاقاتها مع الغير، وتمارس جميع النشاطات المترتبة على ذلك والتي تحاكي الواقع الإنتاجي والاستثماري بما يتفق مع السياسة العامة للدولة، ويعدّ المجلس الاستشاري في أي جهة عامة، السلطة المختصة في رسم السياسة التي تسير عليها الجهة العامة، لتحقيق الغاية والأهداف التي وجدت من أجلها، ولاسيما ما يتعلق بخطط الإنتاج، وتحقيق الريعية الاقتصادية، والأهم إيجاد البيئة المناسبة التي تكفل استثماراً أمثل للموارد المالية، ورسم سياسة استيعابية لقوة العمل القادمة إلى السوق، وقدرتها أيضاً على تأمين فرص عمل وفق برامج تفضيلية تخدم فيها مصالح المؤسسة العامة من جهة، والعمالة القادمة من جهة أخرى، ناهيك بمسؤوليات أخرى يقوم بها المجلس الاستشاري خلال ممارسة العمل اليومي..

الابتعاد عن الشخصنة
وبالتالي هذا النوع من العمل الإداري ليس بالجديد، بل هناك حالات مشابهة، منها على سبيل المثال مجالس الإدارة في المؤسسات والشركات الصناعية والإنتاجية الأخرى، إلّا أنها لم تلقَ النجاح المطلوب، ولم تحقق الريعية الاقتصادية المطلوبة، بل كانت إدارة معرقلة للعمل في معظم مراحل العمل، بسبب قوى النفوذ المتداخلة مع بعضها، والمصالح الشخصية التي غالباً ما تكون القرارات لصالحها، وهذا سرّ الفشل الذي صاحب هذا النوع من العمل الإداري خلال السنوات السابقة..
وحتى تنجح المجالس الاستشارية الجديدة في عملها، لابدّ أن تكون الخبرة والكفاءة والحرص على المصلحة العامة جوهرها ومقياس عملها، والابتعاد كلياً عن حسابات الأنا وشخصنة العمل، عندها تتحرر الإدارة من ضغوطات العمل وتخرج بقرارات مناسبة تخدم العملية الإنتاجية والإدارية في الوقت نفسه، إلى جانب تحقيق العائد المادي الذي يؤمن فرص متجددة لتحسين مستوى المعيشة للمواطن، لأنها الغاية والهدف من كلّ النشاطات الاقتصادية العامة والخاصة..

اقرأ أيضاً:

ملف «الحرية».. النهوض بالقطاع أصبح واجباً.. 195 دولة حول العالم تستقبل الصناعات الغذائية السورية

Leave a Comment
آخر الأخبار