الحريّة – نهى علي:
تعكف الدولة السورية حالياً، و بتكثيف لافت، على إعادة بناء قدرات البلاد في مختلف القطاعات، وإعادة إنعاش شاملة فيما هو أشبه بورشة العمل المتكاملة.
واللافت للانتباه حجم وتعدد “مسارات المصافحة الفعّالة” مع منظومة مع الشركاء الخارجيين، الذين أشرع قرار رفع العقوبات الأميركية والأوروبية عن سوريا، بوابات بعتبات عالية أمام آفاق تعاون كبيرة ومتعددة.
بالأمس كانت الانعطافة الفارقة على مستوى التأسيس لمستقبل قطاع الطاقة السوري..وقبله اتفاقات ومذكرات تفاهم لاستثمار المرافق البحرية، وسلاسل الميزات السورية النابعة من عمق الخصوصية السورية، و متوالية شراكات لفت إليها وزير الاقتصاد والصناعة.
وحزمة إنجازات ترتقي إلى مستوى المفاجآت، عنوانها قطف ثمار الانفراج المتمثّل برفع العقوبات، والانطلاق نحو مستقبل سوريا الواعد.
ضرورة ملحّة
من هنا يصف الخبير الاقتصادي والمصرفي د. إبراهيم نافع قوشجي، الشراكات الاستثمارية السورية مع الخارج، بأنها البوابة الواسعة المفضية إلى فضاء النمو الاقتصادي والتنمية المطلوبة.
د. قوشجي: شراكات استثمارية تفضي إلى فضاء تنموي جديد
ويثمّن د. قوشجي في تصريحه لصحيفتنا “الحرية” ما للانفتاح السوري البراغماتي على التعاون الإقليمي والدولي ، ولاسيما في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجه سوريا.
حيث بات الانفتاح الجاد والبراغماتي على التعاون الإقليمي والدولي ضرورة ملحّة لتعزيز التنمية المستدامة، وتفعيل فرص الاستثمار الأجنبي في القطاعات الإستراتيجية.
إذ لم يعد الانفتاح الاقتصادي خياراً، بل أصبح ركيزة أساسية لدفع عجلة النمو، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي عبر استقطاب رؤوس الأموال والتقنيات الحديثة، والاستفادة من الموقع الجغرافي المتميز الذي يجعل سوريا نقطة وصل بين الأسواق الإقليمية والدولية.
تعزيز البنى الحيوية
ومع تواتر تبلور صكوك الشراكات مع الخارج، يبدو واضحاً نجاح خطوات الإدارة الحكومية الجديدة باتجاه تكثيف مساعي إعادة تأسيس وتعزيز البنى الحيوية.
الانفتاح الجادّ والبراغماتي ركيزة للاستقرار الاقتصادي
وهنا يلفت الخبير قوشجي إلى وضوح ونجاح توجه الحكومة نحو تفعيل الاتفاقيات الجديدة، بما في ذلك تعزيز دور “هيئة المنافذ البحرية” التي تمثل محوراً استثمارياً رئيساً، خاصة مع التطور الملحوظ في حركة التجارة والنقل البحري…ومن خلال دعم المشاريع التي تستفيد من الموانئ السورية، يتم تأمين تدفق البضائع، وتنشيط الحركة التجارية، ما يفتح المجال أمام الاستثمارات المرتبطة بالخدمات اللوجستية والتصدير.
استثمار الجغرافيا
فاستثمارات الموقع الجغرافي، من وجهة نظر د. قوشجي تبدو محور جذب واستقطاب مرن ورشيق للمستثمرين.
إذ تتمتع سوريا بموقع إستراتيجي يجعلها نقطة عبور مثالية بين الأسواق العربية والأوروبية، ما يعزز فرص بناء شراكات استثمارية طويلة الأمد. فقد شهدت الفترة الأخيرة تدفق العديد من العروض الاستثمارية، بعضها بات في طور الاتفاق والتنفيذ، مستهدفة قطاعات الطاقة، والبنى التحتية، والصناعة، والسياحة، ما يؤكد أن الاقتصاد السوري بدأ يشهد تحولات إيجابية رغم التحديات الراهنة.
مسار انتعاش عبر شراكات قائمة على المصالح المشتركة
سياسات واضحة
يلفت الخبير الاقتصادي والمصرفي إلى أن تعزيز التعاون الاقتصادي مع الخارج لا يقتصر على جذب الاستثمارات، بل يتطلب وجود سياسات واضحة تُحفّز بيئة الأعمال، وتُشجع على الشراكات الفاعلة التي تسهم في نقل المعرفة والتكنولوجيا، وتخلق فرصاً لزيادة الإنتاجية وتوسيع نطاق التجارة الخارجية. من هنا، فإن المضي قدماً في تفعيل هذه الاتفاقيات يعد خطوة جوهرية نحو مستقبل اقتصادي أكثر استقراراً، حيث تتجلى فوائد الانفتاح في تحسين الخدمات، وتعزيز النمو الصناعي، وتوفير فرص عمل، ما يسهم في إعادة هيكلة الاقتصاد على أسس أكثر صلابة.
فتبنّي نهج اقتصادي حر ومرن يعزز من دور سوريا كوجهة استثمارية واعدة، حيث يوفر الموقع الجغرافي والموانئ البحرية فرصاً إستراتيجية لجذب رؤوس الأموال الأجنبية، ويضع البلاد على مسار الانتعاش الاقتصادي عبر شراكات قائمة على المصالح المشتركة والتخطيط بعيد المدى.
تحوّل شامل
في هذا السياق يتفاءل الدكتور المهندس البحري سلمان ريا بأفق سوري مختلف كلياً في المشهد الدولي والإقليمي، على خلفية النشاط والسعي المكثّف لإعادة تشكيل واستثمار مقومات القوة الاقتصادية السورية، ويرى أن سوريا ” على أعتاب تحوّل لوجستي شامل”.
د. ريا: إعادة تشكيل واستثمار مقومات القوة الاقتصادية
وقبل توقيع اتفاقات الطاقة الواعدة..كان الدكتور ريّا قد أشار لصحيفتنا إلى الشراكة الإستراتيجية مع شركة CMA CGM لتعزيز البنية التحتية وإنشاء موانئ جافة بنموذج النقل المتعدد الوسائط.
و لفت إلى أنّ هذه الخطوة تُجسّد انتقال سوريا نحو نموذج اقتصادي لامركزي أكثر كفاءة.. مشيداً بالإعلان مؤخراً عن توقيع مذكرة تفاهم إستراتيجية بين الهيئة العامة للمنافذ البحرية وشركة CMA CGM الفرنسية، وهي إحدى أكبر شركات الشحن والنقل البحري والخدمات اللوجستية في العالم، لإنشاء وتشغيل منظومة موانئ جافة متقدمة في مناطق حرة ذات طابع حيوي اقتصادي وتجاري.
خطوات جديدة ضمن رؤية وطنية لإعادة تموضع سوريا كمركز إقليمي
رؤية متكاملة
الخطوات الجدية والجديدة باتجاه بناء الشراكات الفعّالة تأتي – برأي د. ريا – ضمن رؤية وطنية لإعادة تموضع سوريا كمركز لوجستي إقليمي يخدم حركة التجارة بين الشرق والغرب، ويستثمر موقعها الجغرافي الإستراتيجي في قلب الممرات الاقتصادية الدولية. وتُعزز هذه الإستراتيجية من اللامركزية الاقتصادية عبر توزيع المحاور اللوجستية على كامل الجغرافيا السورية، وتحويل المناطق الحرة إلى عقد تشغيلية ضمن شبكة متكاملة من الخدمات التجارية والنقل المتطور.
علامات فا
رقة
كما يرى أنّ هذه المشاريع تمثل علامة فارقة في عمق المستقبل السوري، وتؤكد على انتقال البلاد إلى نماذج تشغيل حديثة تستند إلى تكامل سلاسل التوريد، ونقل المعرفة، وتوطين التكنولوجيا، في إطار سياسة انفتاح محسوبة تسعى إلى تحقيق الاستدامة الاقتصادية وتعزيز السيادة على الموارد الحيوية.