بعد الخطوة الاستثمارية السعودية تجاه سوريا.. توجيه رأس المال نحو الاحتياجات التنموية وتعزيز جاذبية دمشق كوجهة استثمارية

مدة القراءة 7 دقيقة/دقائق

الحرية_ رشا عيسى: 

بانتظار دخول الاستثمارات السعودية الضخمة في سوريا حيز التنفيذ والتي أُعلن عنها خلال المنتدى السوري_ السعودي 2025 الأسبوع الفائت في دمشق، يبقى السؤال كيف يمكن تعزيز سوريا كواجهة استثمارية، والاستفادة من زخم الخطوة الاقتصادية للمملكة تجاه سوريا؟ لأن ما يلي هذه الخطوة يحتاج استراتيجية مناسبة لتوجيه الاستثمارات اللاحقة، وتعزيز جاذبية دمشق كوجهة استثمارية.

 احتياجات تنموية

والسؤال هنا، ما هي الاستراتيجية الأفضل لتوجيه الاستثمارات الأجنبية في سوريا؟! رئيس مجلس إدارة الجمعية السورية لمستشاري الإدارة الدكتور هشام خياط يجيب عن السؤال السابق بالتأكيد لـ( الحرية) على أهمية توجيه رأس المال الأجنبي نحو احتياجات سوريا التنموية، ولضمان توجيه الاستثمارات الأجنبية، وبالأخص السعودية، نحو الأولويات الاقتصادية والاجتماعية السورية، أوصى بمجموعة نقاط،أبرزها تفعيل إطار قانون الاستثمار المعدل (المرسوم 114 لعام 2025) حيث يوفر القانون تسهيلات تشمل تملك الأراضي من دون قيود، فتح حسابات بالعملات الأجنبية، وحرية تحويل الأرباح مع ضمانات ضد الحجز التعسفي، كما نصح بتخصيص حوافز إضافية (مثل إعفاءات ضريبية ممتدة بنسبة 75% لمدة 10 سنوات) للقطاعات ذات الأولوية مثل إعادة الإعمار، الطاقة المتجددة، والزراعة، مع إنشاء دليل استثماري يوضح هذه الفرص.

خياط: توجيه رأس المال الأجنبي نحو احتياجات سوريا التنموية

التحول إلى الإنتاجية

وبين خياط أهمية الاستفادة من الصندوق السيادي السوري _ الصندوق، المُنشأ ضمن حزمة المراسيم الاقتصادية_, حيث يُمكنه تحويل الأصول الحكومية غير النشطة إلى مشاريع إنتاجية، مع ضرورة استخدامه لتمويل مشاريع مشتركة مع مستثمرين سعوديين في قطاعات مثل البنية التحتية والطاقة، مع ضمان عائدات تعود بالنفع على الاقتصاد الوطني، موضحاً ضرورة التنسيق عبر المجلس الأعلى للتنمية الاقتصادية حيث يُنصح بتفعيل المجلس المُنشأ ضمن حزمة المراسيم، كمنصة استراتيجية لتحديد القطاعات ذات الأولوية ومواءمتها مع اهتمامات المستثمرين السعوديين، مثل مشاريع الإسكان والتكنولوجيا الرقمية، بالتعاون مع مجلس الأعمال السعودي السوري.

مناطق اقتصادية خاصة

وتحدث خياط عن أهمية إنشاء مناطق اقتصادية خاصة لجهة أن القانون المعدل يدعم إنشاء مناطق اقتصادية ببنية تحتية جاهزة وحوافز ضريبية، وتطوير مناطق مخصصة للصناعات الخفيفة والتكنولوجيا، مع الترويج لها عبر حملات استهدافية للمستثمرين السعوديين.

و تعزيز الحوكمة عبر إنشاء هيئة رقابية مستقلة تابعة للمجلس الأعلى لضمان تخصيص الاستثمارات بشفافية، مع نشر تقارير دورية لتعزيز ثقة المستثمرين وتجنب الانتقادات المتعلقة بغياب الرقابة.

أولويات

و أكد خياط أن أولويات الاستثمار تُحدد بناءً على الحاجة الاقتصادية والاجتماعية، و استناداً إلى الاحتياجات السورية وسياق المنتدى السوري _ السعودي، وتشمل الأولويات:

خياط: فتح حسابات بالعملات الأجنبية وحرية تحويل الأرباح مع ضمانات ضد الحجز التعسفي

إعادة الإعمار والبنية التحتية حيث إن مشاريع مثل المشروع السكني التجاري في حمص (بقيمة مليارية)، ومصنع فيحاء للإسمنت تُعالج أضرار الحرب وتوفر فرص عمل (50 ألف فرصة مباشرة)، ما يعزز الاستقرار الاجتماعي.

وأيضاً الطاقة المتجددة عبر استهداف مشاريع الطاقة الشمسية والرياح، مع الاستفادة من اهتمامات شركات مثل أرامكو، لدعم استقرار الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.

وكذلك الزراعة والأمن الغذائي و تعزيز الاستثمارات في الزراعة المستدامة عبر إعفاءات ضريبية (75% لمدة 10 سنوات) لتقليل الاعتماد على الواردات الغذائية ودعم الأمن الغذائي

والتكنولوجيا والاتصالات و تطوير البنية الرقمية عبر شراكات مع شركات مثل stc، ما يدعم التحول الرقمي ويحسن كفاءة القطاعات، و التركيز على ترميم المواقع الأثرية وتطوير السياحة الثقافية والدينية لجذب العملة الأجنبية، و دعم إنشاء فروع لبنوك دولية وتطوير الأسواق المالية بالتعاون مع مجموعة تداول السعودية لتعزيز الثقة الاقتصادية.

تمكين بيئة الاستثمار

وأكد خياط أنه لتمكين بيئة الاستثمار لجذب رؤوس الأموال وإيجاد بيئة استثمارية جاذبة، لابد من تفعيل قانون الاستثمار المعدل و الترويج لتسهيلات القانون (تملك الأراضي، تحويل الأرباح) عبر حملات تسويقية موجهة، مع إنشاء منصة رقمية توضح الفرص الاستثمارية.

خياط: تعزيز الحوكمة عبر إنشاء هيئة رقابية مستقلة

والتأكيد على دور الصندوق السيادي والمجلس الأعلى و استخدام الصندوق لتمويل مشاريع مشتركة، والمجلس لتقليل البيروقراطية عبر تنسيق الموافقات. يُنصح بتفعيل هيئة الاستثمار السورية كمركز لتسهيل الإجراءات، وتحسين البنية التحتية و توجيه تمويل الصندوق السيادي لإعادة تأهيل الطرق، الكهرباء، والاتصالات، ما يقلل تكاليف الاستثمار ويعزز الجاذبية،

ونشر تقارير دورية عن تخصيص الاستثمارات، مع إنشاء آليات شكاوى للمستثمرين لمعالجة أي تحديات إدارية،و

الاستفادة من رفع العقوبات في تموز 2025، بدعم السعودية وقطر، لتسهيل الوصول إلى قروض دولية وتعزيز الشراكات الإقليمية.

معوقات

وبالنسبة لمعوقات الاستثمار وسبل التغلب عليها، حدد خياط المعوقات بالبنية التحتية المتضررة فالأضرار الناتجة عن الحرب تزيد تكاليف الاستثمار، والتحديات الأمنية حيث تعاني بعض المناطق عدم الاستقرار الأمني.

خياط: تعزيز الأمن و التنسيق مع شركاء دوليين لتأمين المناطق الاقتصادية، مع التركيز على دمشق وحلب

بالإضافة إلى ما ذكر هناك ضعف الحوكمة ومخاوف المستثمرين من غياب الرقابة على الصندوق السيادي وتخصيص المشاريع، إلى جانب العقوبات المتبقية حيث بعض القيود قد تؤثر على تدفق رأس المال، فضلاً عن

النظام المالي الضعيف حيث غياب الوصول إلى SWIFT ومحدودية السيولة المصرفية تعوق الاستثمارات.

والحلول الأفضل لمعالجة الخلل حددها خياط بجملة بنود، أولها، إعادة تأهيل البنية التحتية وتوجيه تمويل الصندوق السيادي لمشاريع إعادة إعمار الطرق والكهرباء، مع إعطاء الأولوية للمناطق الاقتصادية الرئيسية.

وثانيها، تعزيز الأمن و التنسيق مع شركاء دوليين لتأمين المناطق الاقتصادية، مع التركيز على دمشق وحلب.

وثالثها، تحسين الحوكمة وإنشاء هيئة رقابية مستقلة تابعة للمجلس الأعلى، مع نشر تقارير مالية دورية لتعزيز الثقة.

ورابعها، معالجة العقوبات ومواصلة التعاون مع السعودية وقطر لرفع القيود المتبقية، مع الاستفادة من الإعفاءات الحالية.

وآخرها، تطوير النظام المالي وإنشاء شراكات مع مؤسسات مثل مجموعة تداول السعودية لتطوير الأسواق المالية، وتسهيل إعادة ربط النظام المصرفي بـ SWIFT.

ورأى خياط أن منتدى الاستثمار السعودي_ السوري 2025 يوفر فرصة لتسريع التعافي الاقتصادي عبر استثمارات بقيمة 5.6-6.4 مليارات دولار, لافتاً إلى أهمية تفعيل الأطر القانونية والمؤسسية (قانون الاستثمار المعدل، الصندوق السيادي، المجلس الأعلى) لتوجيه الاستثمارات نحو إعادة الإعمار، الطاقة، والزراعة، مع تعزيز الشفافية والبنية التحتية لخلق بيئة استثمارية مستدامة، ومعالجة المعوقات عبر تحسين الحوكمة وتطوير النظام المالي ستعزز جاذبية سوريا كوجهة استثمارية.

Leave a Comment
آخر الأخبار