بعد تمدّدها..” باحثة زراعية ” تحذر من مخاطر استخدامات المياه الكبريتية على المزروعات

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – محمد زكريا:
كثر في الآونة الأخيرة لجوء بعض المزارعين إلى حفر آبار عميقة ذات المياه الكبريتية، ويتم سحبها إلى برك وتبريدها على مراحل قبل استخدامها في ري المحاصيل المزروعة، حيث بدأ انتشار ذلك في مناطق متعددة، ولاسيما الشمالية والشمالية الشرقية للبلاد.
وحسب الكثير من الخبراء الزراعيين، فإن لاستخدام المياه الكبريتية في سقاية و ري المحاصيل الزراعية الكثير من الآثار السلبية على النباتات والتربة.

آثار سلبية

وحسب الباحثة الزراعية الدكتورة انتصار الجباوي، فإن من هذه الآثار السلبية، أنها تحمل زيادة ملوحة التربة، فالمياه الكبريتيّة غالباً ما تكون مرتفعة الملوحة، وعند استخدامها لري المحاصيل، فإن الأملاح تتراكم في التربة بمرور الوقت، وتراكم الأملاح يقلل من قدرة النباتات على امتصاص الماء، ما يؤدي إلى ضعف نمو النباتات أو حتى موتها، كما يكون لها تأثير مباشر على النباتات، ولاسيما أن بعض النباتات حساسة جداً للأملاح، وقد تتأثر مباشرة بالمحتوى العالي من الكبريتات في الماء، وبالتالي قد يؤدي ذلك إلى ظهور أعراض مثل اصفرار الأوراق (الكلورة)، وجفاف الحواف، وانخفاض الإنتاجية.
كما يؤدي استخدامها إلى تغير خصائص التربة، ومنه فاستخدام المياه الكبريتيّة بشكل مستمر يمكن أن يغير خصائص التربة الكيميائية، ما يجعلها أقل خصوبة وأكثر حمضية أو قلوية، وهذا التغيير يمكن أن يؤثر على قدرة النباتات بالحصول على العناصر الغذائية الأساسية مثل الفوسفور والحديد والمغنيسيوم، كما ينتج عن استخدام المياه الكبريتية تدهور البنية التحتية للتربة، حيث ظهور الأملاح المتراكمة في التربة يمكن أن يؤدي إلى تدهور بنية التربة، ما يجعلها أكثر كثافة وأقل قدرة على الاحتفاظ بالماء والهواء، و بالنتيجة هذا التدهور يؤثر سلباً على جذور النباتات ويقلل من قدرتها على النمو والانتشار.

زيادة في التكاليف
وبينت الجباوي أنه مع زيادة تملح التربة تزداد تكاليف الزراعة، وقد يحتاج المزارعون إلى استخدام المزيد من المياه العذبة (إن وجدت) لغسل الأملاح من التربة، ما يزيد من تكاليف الزراعة، كما قد يحتاجون إلى استخدام الأسمدة والمخصبات لإصلاح التربة، وهو أمر مكلف وغير مستدام على المدى الطويل.

يؤثر على نوعية المحاصيل

كما أن من التأثيرات لجهة استخدام المياه الكبريتية التأثير على نوعية المحاصيل، حتى لو لم تظهر أعراض واضحة على النباتات، فإن تراكم الأملاح يمكن أن يؤثر على جودة المحاصيل المنتجة، مثل انخفاض القيمة الغذائية أو تغيير الطعم والمذاق، كما لها أيضاً تأثير طويل الأمد على البيئة لجهة استنزاف المياه الجوفية العميقة (المياه الكبريتيّة) يمكن أن يؤدي إلى استنزاف الموارد المائية غير المتجدد، بالإضافة إلى ذلك فإن تصريف المياه المالحة المستخدمة في الري إلى الأراضي المجاورة أو المجاري المائية يمكن أن يؤدي إلى تلوث بيئي واسع.

حلول مفيدة
وأوضحت الجباوي لصحيفة الحرية أنه يمكن للمزارعين اتباع بعض الخطوات، بغية التخفيف من الآثار السلبية لاستخدام المياه الكبريتيّة في الري، منها تحسين إدارة المياه، وذلك باستخدام تقنيات الري الحديثة مثل الري بالتنقيط لتقليل الهدر وتقليل تراكم الأملاح، إضافة إلى دمج الري بالمياه الكبريتيّة مع المياه العذبة إن أمكن، فضلاً عن غسل الأملاح من التربة، من خلال القيام بغسل التربة بشكل دوري باستخدام المياه العذبة لمنع تراكم الأملاح، مشيرة إلى أنه يمكن زراعة محاصيل مقاومة للملوحة من خلال اختيار محاصيل زراعية مقاومة للملوحة مثل الشعير وبعض أنواع الخضروات، إضافة إلى تحسين خصوبة التربة من خلال إضافة المواد العضوية مثل السماد الطبيعي لتحسين خصوبة التربة وهيكلها، مع مراقبة جودة المياه والتربة، كما من الضروري أن يقوم المزارعون بإجراء اختبارات دورية لمراقبة مستوى الملوحة والأملاح في التربة والمياه.
وأمام هذه الظاهرة، لابد من أن يتم العمل من قبل المعنيين في وزارة الزراعة من رسم خطط استراتيجية طويلة الأمد لمواجهة تحديات الجفاف ونقص المياه، بما في ذلك البحث عن بدائل مستدامة مثل تحلية المياه أو إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة.

Leave a Comment
آخر الأخبار