“بعد شلل 8 أشهر”.. عودة براءة الذمة المالية تُنعش سوق العقارات في حلب

مدة القراءة 8 دقيقة/دقائق

الحرية- أنطوان بصمه جي:
استأنفت مديرية مالية محافظة حلب إصدار براءة الذمة المالية اللازمة لإجراءات نقل الملكيات العقارية، يوم الأحد الفائت، بعد توقف دام عدة أشهر شلّ حركة البيع والشراء، وترك آثاراً سلبية واضحة على السوق العقارية في مدينة حلب وكل المحافظات السورية.
وتعد براءة الذمة المالية وثيقة مالية رسمية تُصدرها مديريات المالية في المحافظات السورية، وتُعد شرطاً أساسياً لإتمام أي معاملة عقارية مثل بيع العقار أو فراغه وكذلك الهبة أو التنازل، وحصر الإرث أو تثبيت الملكية، وهي بمنزلة تأكيد على خلو العقار من أي ضرائب أو مستحقات مالية لمصلحة الدولة.
وأوضح مدير مالية محافظة حلب الجديد عبد الله محمد رزوق خلال لقاء خاص لصحيفتنا “الحرية” أن خدمة منح براءة الذمة المالية توقّفت منذ 8 كانون الأول 2024، أي بعد سقوط النظام السابق، ولم يكن يُسمح بإتمام معاملات نقل الملكية أو إجراء “الفراغ” أو التنازل أو الهبة أو أي تثبيت في السجل العقاري، وحتى لا توجد براءة ذمة مالية مرتبطة، وذلك منعاً لعمليات الاحتيال والتزوير وتهريب الأموال والممتلكات وللحفاظ على حقوق المالكين الحقيقيين.

مدير مالية محافظة حلب: إنجاز 311 إضبارة براءة ذمة ومعالجة استعلامات تخص 787 بائعاً خلال اليوم الأول بعد رفع التجميد

311 إضبارة براءة ذمة في اليوم الأول

وتمكّنت مديرية مالية محافظة حلب من تحقيق إنجاز ملحوظ في اليوم الأول، حيث تم إنجاز 311 إضبارة براءة ذمة، ومعالجة استعلامات تخص 787 بائعاً، وتفعيل نظام معالجة يراعي تعدد الشركاء في الملكية، بحسب ما كشفه مدير مالية حلب، ما يُعدّ مؤشراً إيجابياً على الجاهزية الميدانية والمرونة في التعامل مع المرحلة الانتقالية.

محافظة حلب كانت أشد المتضررين

وتابع مدير مالية محافظة حلب أن العوائق في محافظة حلب كانت أشد بسبب توقف الموافقات الأمنية تماماً ضد أشخاص معينين (مثل المتخلفين عن الخدمة أو أولياء دم أو أقارب من يُصنّفون “معارضة”)، ما عرقل منح براءة الذمة العقارية عملياً، لذا توقفت المعاملات العقارية المرتبطة ببراءة الذمة في حلب منذ 8 كانون الأول 2024 و في كل المحافظات السورية، ومع تطبيق التعميم الوزاري بدءاً من 30 حزيران و3 آب 2025، عادت براءة الذمة لكل المواطنين باستثناء الأسماء المدرجة أمنياً في القوائم التي لا تزال محرومة من السماح بـنقل ملكياتهم.

 

جدول زمني للأحداث

قبل عام 2015 كانت الموافقات الأمنية مطلوبة مسبقاً لنقل الملكية العقارية، وبعد هذا تمت زيادة التشديد على الموافقات الأمنية كشرط أساسي، في 8 كانون الأول 2024 يوم التحرير توقّف إصدار براءة الذمة المالية لجميع المعاملات العقارية، وفي يوم 21 حزيران 2025 تم إصدار تعميم بإعادة منح البراءة اعتباراً من 30 حزيران مع استثناء القوائم الأمنية، والبدء بتطبيق المنح تدريجياً في مديريات المالية، وفي 3 آب تم استئناف عام وكامل لمنح براءة الذمة لجميع المواطنين في المحافظات، مع استثناء القوائم الأمنية.

آلية عمل جديدة ونظام مبسّط

وعن الآلية الجديدة لمنح براءة الذمة المالية، بيّن رزوق أنه تم اعتماد نظام جديد مبسّط لإصدار براءة الذمة، يضمن انسيابية المعالجة مع الحفاظ على المتطلبات الرقابية، بهدف تسهيل المعاملات وتحفيز السوق العقارية، ويتضمن إلغاء شرط الموافقة الأمنية واستبداله بوثيقة تُعرف بـ “لا مانع من إجراء التصرف العقاري”، تُصدرها وزارة الداخلية خلال مدة قصيرة، وتكون صالحة لمدة ثلاثة أشهر، ريثما يتم الانتهاء من إعداد قانون جديد للبيوع العقارية، موضحاً أن هذا التعديل أزال واحدة من أكبر العراقيل السابقة التي كانت تؤدي إلى تعطيل المعاملات لأشهر أو حتى سنوات، كذلك إلغاء شرط الإيداع المصرفي المسبق، حيث لم يعد المشتري ملزماً بإثبات تحويل أو إيداع ثمن العقار في أحد المصارف الرسمية، كما كان معمولاً به سابقاً ويمكن الآن الاكتفاء بإثباتات الدفع أو الاتفاق بين الأطراف.

ربط إلكتروني لاختصار الوقت

وأضاف مدير مالية محافظة حلب أنه تم ربط مديريات المالية مع المصالح العقارية إلكترونياً، ما يختصر وقت المعاملة، إذ أصبح بالإمكان إنجاز براءة الذمة خلال 2 إلى 3 أيام عمل فقط ، في حال اكتمال الأوراق وعدم وجود عوائق ضريبية، مضيفاً أنه رغم التسهيلات الجديدة، تبقى هناك استثناءات محددة تسري على بعض الحالات، منها يُمنع إصدار براءة الذمة لأشخاص مدرجين على قوائم الحجز أو الممنوعين أمنياً من التصرف، حسب ما ترد به التعليمات من الجهات المختصة، وهذه القوائم تُحدّث بشكل دوري بالتنسيق مع وزارة الداخلية، وتشمل عادةً المطلوبين بقرارات قضائية، المتخلفين عن تسوية أوضاعهم الضريبية أو القانونية، ومن شملهم الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة.

أوراق وثبوتيات

وللحصول على براءة الذمة، أوضح مدير مالية محافظة حلب أنه يجب على المكلف التوجّه إلى دائرة العقارات في مديرية مالية حلب، مصطحباً الأوراق التالية صورة عن سند الملكية (الطابو) – عقد البيع أو التنازل أو الاتفاق بين الطرفين – صورة عن الهويات الشخصية – طلب براءة ذمة مع طوابع مالية – وثيقة ” لا مانع من التصرف العقاري” (عند اللزوم) – بيان القيمة الرائجة للعقار تستخرج من قسم الواردات في المديرية.

صعوبات لوجستية وتنظيمية

وعن الصعوبات اللوجستية التي تواجه مديرية مالية حلب في اليوم الأول من إعادة تفعيل براءة الذمة العقارية، أشار مدير مالية محافظة حلب إلى وجود صعوبات لوجستية وتنظيمية منها ضغط استثنائي على الكادر والموارد، حيث شهد اليوم الأول استقبال أعداد كبيرة من المواطنين، ما أدى إلى ازدحام غير مسبوق في قسم العقارات وهذا الضغط واجهه عدد محدود من الموظفين المؤهلين، خصوصاً مع النقص العام في الكادر الفني بسبب تسرب الخبرات خلال السنوات الماضية، وكثافة عدد الأضابير والاستعلامات تجاوز الطاقة الاستيعابية، حيث تم إنجاز 311 إضبارة براءة ذمة خلال اليوم الأول فقط، وهو رقم كبير نسبياً مقارنة بالقدرات التشغيلية اليومية المعتادة، كما تم إجراء الاستعلام الأمني والضريبي عن 787 بائعاً، في إطار التدقيق على الملكيات، ومعرفة الوضع المالي والضريبي لكل طرف في العقود العقارية.

تحديات عديدة

ومن التحديات التي واجهت قسم الاستعلام والتدقيق هو وجود أكثر من بائع في الإضبارة الواحدة (مثل حالات الشراكة في العقار أو الإرث) وهذا يعني أن العدد الحقيقي للمعاملات لا يعكس تماماً حجم الجهد المبذول، فإضبارة واحدة قد تشمل استعلامات عن 3 أو 4 بائعين شركاء، ما يزيد من حجم العمل المطلوب لكل معاملة، وكشف مدير مالية حلب إلى وجود تحديات تقنية وبنيوية كضعف البنية التحتية الإلكترونية، حيث إن النظام الإلكتروني غير مهيّأ بعد لاستيعاب هذا الكم من الطلبات في وقت واحد، وتأخرت عمليات الربط مع السجل العقاري والدوائر الأخرى، ما أبطأ من سير المعاملة، ونقص المعدات والربط الداخلي من قلة أجهزة الحواسيب والطابعات الفعالة داخل القسم، وغياب شبكة اتصال داخلية فعالة بين الشعب (الاستعلام – التدقيق – الأتمتة – الأرشفة)، ومن الصعوبات التي تندرج تحت إدارة تدفق المواطنين، هي عدم وجود نظام “دور رقمي”.

ـ توقعات قريبة المدى

توقع مدير مالية حلب أن تأتي هذه الخطوة ضمن سلسلة من الإجراءات الإصلاحية التي تهدف إلى إعادة تنشيط الحركة العقارية، وتخفيف البيروقراطية، وزيادة الإيرادات العامة دون التضييق على المواطن، كما تمهد هذه التعديلات لصدور قانون البيوع العقارية الجديد المرتقب، الذي يُتوقع أن يعيد هيكلة ضريبة البيع ويمنح مرونة أكبر للمواطنين.
يذكر أن وزارة المالية أوقفت إصدار براءة الذمة بشكل احترازي خوفًا من تحويل أملاك “كبار المُدانين” خارج تداول المدنيين، وكان الهدف حماية المال العام ومنع التلاعب العقاري، بناءً على قوائم أعدتها وزارة الداخلية التي تُدرج الأشخاص وأقاربهم المحرومين من التعامل العقاري، وتمنع وزارة المالية منح براءة الذمة لهم.

Leave a Comment
آخر الأخبار