الحرية- علام العبد:
اشتهرت قرية “الحميرة” في القلمون الغربي بمحافظة ريف دمشق بزراعة المشمش، لهذا بات يطلق عليها “العاصمة” الزراعية للمشمش، الذي أضحى جزءاً مهماً من القطاع الزراعي في مناطق القلمون التي تُعتبر مناسبة لزراعة هذا النوع من الفاكهة، حيث تنتشر بكثرة في قرية الحميرة، وتتأثر هذه الزراعة بالظروف المناخية والتربة، وتحتاج إلى مناخ معتدل، وهذا يتوافق مع العديد من مناطق القلمون، فهناك فرص لتطوير زراعة المشمش في القرية المذكورة من خلال استخدام تقنيات زراعية حديثة، وتحسين إدارة المياه، وتطوير أصناف أكثر مقاومة للظروف المناخية.
بشكل عام، زراعة المشمش في الحميرة جزء مهم من القطاع الزراعي، ولكنها تواجه بعض التحديات التي تتطلب معالجة لضمان استمراريتها وتطورها.
مكانة خاصة
يشير رئيس الرابطة الفلاحية في منطقة النبك أيمن النفوري، إلى المكانة الخاصة لمشمش الحميرة في نفوس السوريين.
وذكر في تصريح لصحيفتنا “الحرية”، أن المساحة المزروعة بأشجار المشمش في القرية 178 هكتاراً، وجميعها تروى بشبكة ري حديث من جمعية مستخدمي المياه في القرية من بئر زراعي عن طريق عدادات نظامية، وأن العدد الكلي لأشجار السقي 44500 شجرة، المثمر منها 33500 شجرة، وقدر مردود الشجرة بــ 35 كغ، ويتوقع إنتاج 1100 طن.
ولفت إلى أن الأصناف المزروعة 90 % مشمش بذري، 10 % طعم، ويستمر القطاف وجني الثمار في قرية الحميرة لمدة 30 يوماً، وقدر سعر الكيلو غرام الواحد من ثمار المشمش 3500 ليرة سورية، وأن طبيعة الأصناف المزروعة والمناخ والتربة في المنطقة، جعلت الثمار الناتجة مرغوبة في صناعة قمر الدين من حيث اللون والحموضة وكمية الرطوبة.
معامل لصناعة قمر الدين
وعن معامل قمر الدين في “الحميرة”، أوضح أن القرية تمتلك أربعة معامل، ثلاثة منها في الخدمة، وواحد متوقف عن العمل، وهذه المعامل ساعدت على تصريف الإنتاج، ما يعطي سعراً جيداً للثمار.
منوهاً بأن كل 6 كغ مشمش تعطي 1 كغ قمر الدين، وكل 750 كغ مشمش تحتاج 300 كغ من القطر الصناعي، وقدرت تكلفة إنشاء المعمل بـ12 مليار ليرة سورية، وسعر1 كغ قمر الدين 124 ألف ليرة سورية، ونحو 85% من إنتاج قمر الدين يصدر إلى مصر ودول الخليج.
معوقات التصنيع
وحول معوقات عمل معامل قمر الدين يضيف النفوري: تعترض عملية تصنيعه الكثير من القضايا والمشكلات، منها تكسر دفوف التجفيف وغلاء ثمنها، حيث يصل سعر اللوح إلى 120 ألف ليرة سورية، وغلاء ثمن القطر الصناعي، حيث يصل سعر البرميل إلى 2.9 مليون ليرة سورية، وانخفاض أسعار المنتج، وعدم توفر المازوت وانقطاع الكهرباء، ومنافسة المنتج الخارجي، والتراجع في الطلب الخارجي في مصر، ومنافسة الفواكه المجففة، كالجزر والتفاح وتصنيعها بطريقة مشابهة لصناعة قمر الدين، الغش في صناعة المنتج، وصعوبة الحصول على ثمن المنتج المباع للخارج.
مقترحات تطويرية
واقترح النفوري تسهيل التصدير لتصريف الإنتاج، ومشاركة الإعلام في الدعاية بشكل جيد للمنتج، ورفع الضرائب عن القطر الصناعي وعدم تجميد ثمنه في البنوك، وإلزام وزن التصدير 500غ للقطعة وليس 400غ، حيث إن 100غ الفرق تعود ربحاً للتاجر وليس للمصنع، وحفر بئر زراعي ثان في قرية الحميرة، ومنع حفر وردم الآبار في حوض قناة مزرعة البريكة لمنع جفافها، وتأسيس جمعية فلاحية تعاونية إنتاجية لتطوير أشجار المشمش في قرية الحميرة.
تجربة رائدة
من جانبه، أوضح رئيس جمعية مستخدمي المياه في قرية الحميرة مصطفى شرف إلى أن قلة المياه وغلاء الأسمدة وموجة الصقيع والجفاف، تقف عائقاً كبيراً أمام زراعة المشمش في المنطقة، مشيراً في تصريح لـ”الحرية” إلى أن الجمعية نجحت في تجربة رائدة منذ 15 عاماً، عندما قامت بتوصيل المياه إلى القرية عبر شبكة وطولها 3 كم وإنشاء أحواض مائية سعة 900 متر مكعب ومن ثم توزيع مياه الأحواض المائية عن طريق شبكات الري، إلا أنها لم تكفِ، فالحاجة تكمن في حفر بئر أخرى والإمكانيات لا تسمح، فالمياه الجوفية في المنطقة عميقة قد تصل إلى عمق 1070 متراً.
نقص في المياه
فيما بيّن أحمد مصطفى البريدي صاحب منشأة لتصنيع قمر الدين في الحميرة، أن السوق السورية استطاعت التنفس اليوم بعد إلغاء العقوبات التي رافقت الأزمة السورية، حيث كانت تعتمد على العديد من الصادرات الغذائية إلى الخارج، ومنها قمر الدين.
وبيّن أن السلعة الأساسية التي كان ومازال يعتمد على تصديرها من سوريا في شهر رمضان هي “قمر الدين”، لكونها المصنّع الرئيس لهذه السلعة، منوهاً إلى أن إنتاج المنشأة يصدر إلى السعودية ومصر، بالإضافة إلى السوق المحلية. وأن أبرز ما يعانيه في منشأته نقص المياه، وأحد الحلول المساعدة السماح بحفر بئر في المنشأة.
معاناة بالجملة
يذكر أن مزارعي المشمش في قرية الحميرة يعانون مثلهم مثل بقية المناطق السورية المشهورة بزراعته وإنتاجه من تدني الأسعار التي باتت تفرض على المحصول من التجار والسماسرة، وعدم تصريفه وغياب الدعم اللازم من قبل الجهات المعنية.
فقد أكدوا أن أصحاب معامل صناعة “قمر الدين” يتحكمون بأسعار المشمش ويفرضون السعر الذي يروق لهم، وأشاروا إلى أنه يخشى من المشمش التركي الذي يغرق أسواق الشمال السوري، وناشدوا وزارة الزراعة لحماية الأسواق الداخلية وتأمين استمراريتهم في المنطقة التي تعتمد على الزراعة مصدر رزق لعائلاتهم.
كما طالب عدد منهم برفع أسعار المشمش في ظل الظروف المالية والاقتصادية التي يعانيها الفلاح، وخاصة في هذا الوقت الذي ترتفع فيه درجات الحرارة، ما يساعد على نضوج الثمار بسرعة أكبر وزيادة الكميات المعروضة.