الحرّية- هبا علي أحمد:
مما لاشك فيه أن النهوض بالاقتصاد السوري يحتاج إلى الكثير من الخطوات الداخلية والخارجية على السواء، من هنا فإن استعادة العلاقات التجارية السورية مع غير دولة، إقليمياً ودولياً، من شأنه أن يوفر الكثير من الفرص بما يصب في خدمة الاقتصاد الوطني في مختلف القطاعات رغم التحدّيات التي يمكن العمل على تجاوزها، وبمعنى آخر فإن استعادة العلاقات التجارية السورية مع الدول الأخرى تفتح آفاقاً مهمة لإنعاش الاقتصاد السوري، ولكنها تأتي أيضاً مع تحدّيات كبيرة.
-استعادة العلاقات التجارية السورية مع الدول الأخرى يمكن أن تفتح آفاقاً مهمة لإنعاش الاقتصاد السوري
كما إن استعادة العلاقات التجارية يمكن أن تُمكّن الزراعة من أن تصبح مجدداً رافعة اقتصادية، وتُعيد الحياة للصناعة السورية، لكن ذلك يتطلب بنية تحتية مناسبة، إصلاحات اقتصادية، وتحسين بيئة الاستثمار، كما يرى الأستاذ في كلية الاقتصاد في جامعة حلب، الدكتور حسن حزوري.
-الزراعة من أبرز القطاعات التي تستفيد من استعادة العلاقات..حيث تمتلك سوريا مقوّمات زراعية قوية
– الفرص
وأشار حزوري في حديث لصحيفة “الحرّية” إلى الفرص الناتجة عن استعادة العلاقات التجارية السورية مع الدول الأخرى، منها إنعاش الاقتصاد السوري من حيث استئناف التبادل التجاري الذي يسهم في زيادة الصادرات والواردات، ما يوفر إيرادات وفرص عمل جديدة، إلى جانب جذب الاستثمارات، فتحسن العلاقات قد يشجع رؤوس الأموال الأجنبية على دخول السوق السورية، خاصة في مشاريع إعادة الإعمار.
تحسين البنية التحتية، فمن شأن التعاون مع دول تمتلك قدرات تقنية وتمويلية يمكن أن يساعد في إعادة تأهيل شبكات النقل، الكهرباء، والمصانع، أضف إلى ذلك نقل التكنولوجيا، إذ إن فتح الأسواق والتعاون الاقتصادي يعزز من فرص إدخال تقنيات جديدة ورفع كفاءة الإنتاج.
-القطاع الخاص يمكنه التحرك بسرعة أكبر لعقد اتفاقات مع شركات أجنبية والترويج للمنتجات السورية
– التحدّيات
لكن هناك الكثير من التحدّيات التي تقف عائقاً وحجر عثرة في طريق استعادة العلاقات التجارية، أبرزها كما يرى الدكتور حزوري، العقوبات الدولية الغربية والأمريكية التي لا تزال تعرقل حركة الأموال والبضائع، مع الفساد وضعف الحوكمة، فغياب بيئة قانونية شفافة يقلّل من ثقة المستثمرين، إلى جانب تهالك البنية التحتية فالتدمير الواسع لقطاعات النقل والطاقة يقلّل من قدرة سوريا على تصدير أو استيراد السلع بكفاءة، كما أن عدم الاستقرار الأمني والسياسي يحد من قدرة الشركاء الدوليين على التعامل بثقة واستمرارية.
– قطاعات مُستفيدة
وتعد الزراعة من أبرز القطاعات التي تستفيد بشكل خاص، حيث تمتلك سوريا مقوّمات زراعية قوية وبالتالي فإن استعادة العلاقات قد تفتح أسواق تصدير جديدة، وإلى جانب الزراعة، هناك الصناعات النسيجية والغذائية، وهذان القطاعان كانا من الأعمدة الأساسية للاقتصاد السوري قبل الحرب.
ولفت حزوري إلى قطاع البناء والإعمار، حيث يوجد طلب هائل على مشاريع إعادة الإعمار، ويمكن أن تستفيد من الاستثمارات الأجنبية، وقطاع الخدمات اللوجستية والنقل إذ إن الانفتاح التجاري يتطلب تطوير الموانئ، الطرق، والسكك الحديدية.
– استعادة العلاقات تؤثر مباشرة على الميزان التجاري السوري سواء إيجابياً أو سلبياً في المدى القصير والمتوسط
-دور القطاع الخاص
عند الحديث عن استعاد العلاقات التجارية يبرز دور القطاع الخاص كعامل أساس في تعزيز التجارة الخارجية من حيث ما يمتلكه من مرونة وحرية الحركة لا تتوفر للقطاع العام، فالقطاع الخاص يمكنه تكوين شراكات دولية والتحرك بسرعة أكبر لعقد اتفاقات مع شركات أجنبية، والترويج للمنتجات السورية من خلال المعارض الدولية والحملات التسويقية، حسب حزوري الذي يُضيف إلى ما سبق ذكره، الاستثمار في الجودة والتغليف لتأهيل المنتجات السورية للمنافسة في الأسواق العالمية والضغط باتجاه تحسين البيئة التشريعية من خلال غرف التجارة والصناعة لتعزيز بيئة أعمال أكثر انفتاحاً وشفافية.
– الآثار المترتبة
ومن البدهي أن استعادة العلاقات التجارية من شأنه أن يترك أثراً على مختلف قطاعات الاقتصاد ولعلّ أبرزها الزراعة والصناعة، ويستعرض الدكتور حزوري الآثار المترتبة على ذلك:
أولاً: القطاع الزراعي:
أولاً: القطاع الزراعي:
1.فتح أسواق التصدير: تصدير المنتجات الزراعية مثل الزيتون، القطن، الحبوب، والحمضيات كان من أهم موارد سوريا قبل الحرب، فإعادة العلاقات تعني فتح أسواق إقليمية وعالمية لهذه المنتجات.
2.إدخال التقنيات الحديثة: التعاون مع دول تمتلك خبرات زراعية متقدمة يتيح تحديث أساليب الري، استخدام البذور المحسّنة، وتقنيات الحصاد، ما يزيد الإنتاجية.
3.توفر المستلزمات الزراعية: استيراد الأسمدة، المبيدات، والآلات الزراعية سيكون أسهل وأرخص، ما يخفض التكاليف على الفلاحين.
4.تمويل المشاريع الزراعية: استعادة العلاقات قد تجذب تمويلاً من منظمات دولية أو صناديق تنموية للمزارعين والمناطق الريفية.
ثانياً: الأثر على القطاع الصناعي
1.إعادة تشغيل المصانع: الصناعات النسيجية، الغذائية، والدوائية يمكن أن تعود للعمل إذا توفر التمويل والمواد الأولية من خلال التجارة.
2.تحسين جودة الإنتاج: دخول شركات أجنبية أو تبادل المعرفة يمكن أن يرفع من جودة المنتجات السورية، ما يساعدها في المنافسة دولياً.
3.خفض كلفة الإنتاج: استيراد المواد الخام بأسعار تنافسية سيخفّض من تكلفة التصنيع محلياً، ويزيد من فرص التصدير.
4.تطوير البنية التحتية الصناعية: العلاقات التجارية قد تشجع استثماراً أجنبياً مباشراً في المدن الصناعية والمرافئ والمناطق الحرة.
– الأثر على الميزان التجاري
وأوضح الدكتور حزوري أن استعادة العلاقات التجارية سيكون لها أيضاً تأثير مباشر على الميزان التجاري السوري، سواء إيجابياً أو سلبياً في المدى القصير والمتوسط، ويتوقف ذلك على طريقة إدارة العلاقات والانفتاح.
وحول التأثير الإيجابي المحتمل، لفت حزوري إلى زيادة الصادرات فمع انفتاح الأسواق الخارجية، يمكن لسوريا تصدير منتجات زراعية وصناعية، ما يُدخل عملات أجنبية ويُقلل العجز في الميزان التجاري، أضف إلى ذلك تعزيز الإنتاج المحلي عبر استيراد المواد الأولية والآلات الذي يساعد في تنشيط الإنتاج المحلي، ما يُقلل من الاعتماد على السلع المستوردة الجاهزة مستقبلاً، إلى جانب تحسين ميزان المدفوعات من حيث الصادرات والخدمات (مثل السياحة في حال استقرار الأوضاع) التي تُعزّز تدفق العملات الأجنبية، ما يدعم الميزان التجاري ككل.
وفيما يخص التأثير السلبي المحتمل (على المدى القصير) يستعرضها حزوري كما يلي:
أ- زيادة الواردات: في البداية، ستحتاج سوريا لاستيراد كميات كبيرة من السلع الأساسية، المواد الخام، الآلات، وحتى الأغذية، ما قد يُعمّق العجز التجاري مؤقتاً.
ب- ضعف تنافسية بعض المنتجات: المنتجات المحلية قد تواجه صعوبة في منافسة السلع المستوردة ذات الجودة الأفضل والسعر الأقل.
ت- تأثر العملة المحلية: إذا زادت الواردات أكثر من الصادرات، قد يزيد الطلب على العملات الأجنبية، ما يضع ضغطاً على الليرة السورية.
بالنتيجة، الأثر قصير المدى: زيادة العجز التجاري وارد بسبب كثافة الواردات الضرورية.
الأثر متوسط إلى طويل المدى: إذا تمت إدارة الانفتاح التجاري بحكمة، وزادت الصادرات وتحسّن الإنتاج المحلي، يمكن أن يتحول الميزان التجاري تدريجياً لصالح سوريا.