الحرية- إلهام عثمان:
في عيد الأم، تتجلى مشاعر متناقضة في قلوب البعض؛ فبينما يعبر البعض عن فرحتهم بالاحتفال بوجود أمهاتهم وتقديرها، هناك من يعيشون في ظلال ذكريات مؤلمة، ينظر هؤلاء إلى صور الأمهات ويشعرون بدفء حنانهن، في حين تنهمر الدموع على وجوههم لشوقٍ عميقٍ لشخص لم يعد بينهم، إنه ألم الفقد، يعكس هذا التباين الوجداني جمال الحب الذي تختزنه قلوب الأبناء للأم، وكذلك الفقدان المؤلم الذي يرافق غيابها. كأن عيد الأم يطرح علينا تساؤلات عن المعاني الحقيقية للحياة، ويحثنا على استحضار الأوقات التي كانت تملؤها البهجة والدعم والعطاء اللامحدود.
تبقى حاضرة
أم رياض امرأة ستينية تقول: مضى على وفاة والدتي أعوام طويلة، وما زلت أذكرها كل يوم، إلا أن هذا اليوم يؤلمني جداً، فرغم فرحتي بأبنائي من حولي، إلا أنني أشعر بفقدانها وبفراغ كبير لا يمكن ملؤه مهما حاولنا.
بينما تضيف نعيمة: بعد وفاة والدتي أصبحت ألوان الحياة باهتة، فتعلقي بوالدتي كسرني من الداخل، ورغم محاولتي التعايش إلا أنني أشعر بالوحدة ويعدّ هذا اليوم من الأيام الصعبة.
علي، شاب في منتصف العشرينيات، يقول: “بينما يحتفل البعض بوجود أمهاتهم، أشعر كأنني سيئ الحظ لأنني أفتقد اللحظات الصغيرة التي كانت تجعل حياتي مليئة بالدفء. لا يوجد شيء يمكن أن يملأ الفراغ الذي تركته، لكنني أحاول أن أحتفظ بذكرياتها ككنز في قلبي”.
تقاليد
الخبيرة الإجتماعية آية رضا بينت من خلال حديثها لصحيفة” الحرية”، أن عيد الأم يرتبط بتقاليد وممارسات خاصة، حيث يعبّر الأبناء عن تقديرهم لجهود الأمهات، ومع ذلك، تتسرب مشاعر الحنين إلى ماضٍ جميل، هذه المشاعر تكون أكثر وضوحاً في قلوب من فقدوا أمهاتهم، إذ يتساءلون: “ماذا سيكون لو كانت أمي هنا اليوم؟”.
دروس من القيم
في هذه الأوقات، من المهم إدراك القيم التي غرستها الأمهات في نفوس أبنائهن، هذا ما أكدته رضا، على أهمية الاعتراف بمكانة الأمهات في حياتنا: “الأم ليست مجرد شخصية في حياتنا، بل هي مركز الحب والعطاء. عندما نفقدها، نكون أمام تحدٍّ للتعامل مع الأحاسيس المعقدة المتعلقة بالفقد، لذلك، من الضروري أن نقدر الأمهات في حياتنا، وأن نكون حاضرين لهن ونعبّر عن مشاعرنا في كل الفرص المتاحة”.
نعمة
في ظل مشاعر الفقد، تبين رضا أنه لابد أن نحاول التعبير عن تقديرنا بطريقة ملموسة لهن، ويكون ذلك بقضاء لحظات ذات معنى مع الأمهات، يمكن أن تكون هذه اللحظات بسيطة مثل تناول العشاء معاً أو التحدث عن الذكريات، وتضيف أنه ليس بالضرورة أن تكون الهدايا مادية، بل يمكن أن تكون رسالة تعبّر عن المشاعر،
كما أنه من المهم أن نتذكر أن روح الأمهات تبقى حاضرة معنا، فيمكن الاحتفال بها رغم عدم وجودها من خلال فعل الخير ومساعدة الفقراء، بطريقة تعكس القيم التي غرسوها في أنفسنا.
احتفالاً بعيد الأم، لا ننسى أن نتوجه بأفكارنا وقلوبنا إلى الأمهات الغائبات، ونعبر عن تقديرنا للذكريات التي تركنها خلفهن كدليل يضيء لنا الطريق ويعزز من قوتنا في مواجهة الحياة.
وختمت رضا: عيد الأم هو أكثر من مجرد يوم للاحتفال؛ إنه تذكير بأهمية الأمهات، سواء كن حاضرات أو غائبات، يصبح من الضروري أن ننظر إلى ما تقدمه الأمهات من تضحيات، وأن ندرك كم هو مهم أن نظهر لهن تقديرنا في كل لحظة. فالأمهات لا يتركن أثراً في حياتنا فحسب، بل يشكلن جزءاً لا يتجزأ من كياننا ومن ذكرياتنا الأليمة والجميلة على حدّ سواء.