الحرية – باسمة اسماعيل:
تتجه الأنظار إلى قوائم الناجحين في كل موسم نتائج، فيما تتوارى أسماء الراسبين أو من لم يحققوا الدرجات المرجوة، خلف صمت ثقيل ونظرات مشوبة بالشفقة أو الانتقاد، وبينما يحتفي الأهل والمجتمع بالأوائل والمتفوقين، يواجه آخرون سيلاً من العبارات المحبطة والمقارنات المؤلمة، التي قد تترك آثاراً نفسية أعمق من الرسوب نفسه.
رأي اختصاصي
ترى المرشدة التربوية هيام أحمد، إن التعامل القاسي أو المتهكم مع الطالب الراسب يزيد من شعوره بالفشل ويعمق الإحباط لديه، وقد يدفعه للانسحاب الاجتماعي أو كراهية الدراسة، مشيرة إلى أن الرسوب لا يعني نهاية المطاف، بل هو فرصة لإعادة التقييم وتحديد نقاط الضعف والعمل على تحسينها.
ثقافة مجتمع
وبينت هيام في تصريحها ل “الحرية” أن ثقافة المجتمع في الغالب، ما زالت تربط قيمة الفرد بتحصيله الأكاديمي، وتتجاهل أن النجاح في الحياة له أوجه متعددة، مؤكدة أن احتواء الطلاب المتعثرين ودعمهم ينعكس إيجاباً على اندماجهم وإصرارهم على التعويض في المستقبل.
أصوات من الميدان ما بين الفرح والصدمة
الطالبة الناجحة لمى عباس عبرت عن مشاعرها بالفرح والفخر لنجاحها، لكنها تألمت كما ذكرت ل “الحرية” رؤية زملائها يتعرضون للسخرية أو التهميش من أهاليهم وذويهم والمحيط بهم،
أما الطالب أحمد، الذي رسب هذا العام، فيروي قصته، العلامات كانت صدمة، لكن الكلمات التي سمعتها من بعض الأقارب كانت أقسى، شعرت أنني عديم القيمة، على الرغم من أنهم يعلمون بظروفي وبأنني معيل لأسرتي كون والدي مريضاً، المجتمع لا يرحم الراسب فليس بالضرورة أن يكون فاشلاً.
وجهة نظر الأهالي
من جهتها أم أحمد ترى أن النقد المباشر قد يدفع الابن للعمل بجدية، بينما يرد والد آخر الكلمات الجارحة قد تهدم الثقة بالنفس، الأفضل تشجيعه بدلاً من إحباطه.
الأثر النفسي
وأشارت المرشدة إلى أن أسلوب التعامل مع الراسب، قد يحوله إما إلى تجربة تعليمية محفزة أو إلى جرح نفسي طويل الأمد، فالدعم العاطفي، وتقديم خطة واقعية للتحسين، يخففان من أثر الرسوب ويمنحان الطالب طاقة للعودة أقوى.
ولفت إلى أنه تظل الشهادة مجرد محطة على طريق طويل، وليست الخاتمة الحاسمة لقصة الإنسان، كم من طالب تعثر يوماً ثم نهض ليكتب فصولاً ملهمة في حياته، وكم من ناجح أكاديمي لم يجد طريقه لاحقاً، ما يحتاجه الطالب الراسب أو المتعثر ليس كلمات تجرحه، بل يد تمتد نحوه وتشجعه على المحاولة مجدداً، فالمجتمعات التي تحتفي بالمحاولات كما تحتفي بالإنجازات، هي المجتمعات التي تصنع قصص النجاح الحقيقية.