ما بين الواقع والصواب..

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية- سامي عيسى:

لا نريد العودة إلى الجدل ، حول مسألة “منظومة الدعم” ، أنها خاطئة ، بل كانت حاجة اقتصادية بمضمون اجتماعي، يحمل أبعاداً إنسانية مرتبطة بالطبقات الاجتماعية، وخاصة الوسطى والفقيرة منها…
لكن الإشكال الأكبر في التطبيق، وترجمة هذا الدعم بالصورة الصحيحة على أرض الواقع، الأمر الذي سمح بدخول متنفذين ومنتفعين إلى جسم هذا الدعم، وحدوث تشوهات كثيرة تراكمت خلال السنوات الماضية، ما أفقد برنامج الدعم محتواه الاقتصادي والاجتماعي، وأصبح عبئاً ثقيلاً على الخزينة العامة..
وهذا بدوره دفع للتفكير في كيفية معالجة التشوه، وإيجاد البدائل، لكن في كل مرة “كانت حسابات الحقل خلاف البيدر” بسبب الاجتهادات وتضارب الآراء، والنتيجة توقف المعالجة، وتصحيح تشوهات الدعم، والأخطر، حالة البقاء واستمرار المنتفعين وخسارة خزينة الدولة لملياراتها…!
وهذه حقيقة لا يمكن نكرانها، فالمساحة واسعة للدعم، الكهرباء والمحروقات، ورغيف الخبز، مروراً بالصحة والتعليم، والصناعة والزراعة، وحتى وسائل النقل العامة والخاصة، وغيرها من مساحات الدعم التي كانت تحتاج لإعادة تصويب، ومعالجة تشوهاتها، وإيصالها إلى الفئات المستحقة فعلاً..
وهنا يمكننا القول، لو تمت المعالجة، وفق تطورات الحالة الاقتصادية العامة، لما وصلت برامج الدعم لهذا المستوى، الذي شهدناه سابقاً وحدوث فجوة كبيرة، بين الداعم والمدعوم، تسقط فيها حسابات القوة الشرائية، والقدرة على ردم الفجوة بين الواقع والمطلوب، وإسقاط تسعيرة الكهرباء الجديدة خير دليل وهي قرار صائب ، فقد جاءت لمعالجة تشوهات دعم قطاع الطاقة، لكن في ظل ظروف اقتصادية صعبة، وقوة شرائية متدهورة، وضعف كبير في مداخيل غالبية الأسر السورية ..
الحكومة اليوم امتلكت الجرأة وأعلنت صراحة تصحيح تشوهات واقع دعم الطاقة، واعتبرتها خطوة جريئة، تحسب لها، لم تتخذها حكومة سبقتها، واعتبرتها بداية إصلاح قطاع الطاقة الكهربائية، باتجاه بناء الحالة الكهربائية العامة، وفق منهجية تنهي كل إشكالات الفساد والترهل، والسرقة والفاقد الفني والتجاري، الذي أرهق الخزينة العامة، ودمر بنية الشبكة الكهربائية..
دون تجاهل ما يحمله هذا القرار وفق رأي “أهل الطاقة” في إنقاذ ما تبقى من القطاع، والحد من الخسائر المتلاحقة، وتحقيق الجودة المطلوبة للطاقة واستمرارية التغذية..
والأمر لا يقف عند ذلك، فهناك تباين كبير في الآراء سواء مواطنين، أم فعاليات اقتصادية وصناعية، وحتى الزراعية التي أعلنت معاناة جديدة تتعلق بمنظومة الإنتاج، وتضعف من كفاءتها، وقدرتها التنافسية، دون أن ننسى الأسر السورية المحدودة الدخل، وتأثرها بالتعرفة الجديدة، فهناك الآلاف منها سوف تستغني عن الطاقة، وتعود بدائيات الإنارة..!
وهنا لا بد من التأكيد أن الخطوة جاءت لمعالجة تشوهات منظومة الدعم، لكن حبذا لو جاءت على مراحل، تتماشى مع تحسن الواقع المعيشي، وزيادة الدخل، إلى جانب تحسن واقع الإنتاج الكلي، الأمر الذي يخفف من العبء الذي فرضته الشريحة الجديدة لأسعار الكهرباء..

Issa.samy68@gmail.com

Leave a Comment
آخر الأخبار