الحرية- باسم المحمد:
أرقام مليارية بالدولار يتم تداولها عن احتياجات سوريا لإعادة الإعمار والانطلاق من جديد، هذه الأرقام تصدرها مؤسسات دولية وجهات بحثية وخبراء من كل حدب وصوب.
كسوريين لا يمكننا تخيل أن تلك الأرقام الفلكية التي تصل حتى الألف مليار دولار في بعض التوقعات.. ولا نعرف من هي الدول أو الجهات القادرة على تأمين ذلك، وما هو المقابل؟ لأن زمن التعاون الدولي ولّى، وزمن البحبوحة والأعمال الخيرية بين الدول أصبح من التاريخ، وفي حده الأقصى قد يكون طائرة مساعدات أو عدة طائرات أوقات الكوارث والحروب.
احتياجات الاقتصاد السوري لا يمكن حصرها بعد سنوات طويلة من الحرب والحصار، والفساد، وهجرة الشباب، وهروب رؤوس الأموال والصناعيين والحرفيين، لكن هل نستسلم ونبقى في انتظار الحلول من الخارج (والتي لن تأتي)؟!
عبر العصور علّم السوريون البشرية معنى الإبداع والإعجاز في مختلف ميادين الحياة، بدءاً من الكتابة مروراً بالتجارة والزراعة والصناعة وصولاً إلى الطب والبحوث، ولم يكونوا يوماً من الشعوب التي تنتظر “إحسان” غيرها كي تعيش، بل كانوا ملاذاً لجميع شعوب الأرض الباحثة عن الأمان والاستقرار المعيشي، لما في أرضهم من خير وفي قلوبهم من رحمة.
أمام حكومتنا الجديدة الكثير من العمل الذي لا يحتمل التأجيل، ولا يختلف كثيرون على إمكانيات معظم وزارئها ولا سيما في الجانب الاقتصادي، لهذا يجب أن تقوم بترتيب أولويات البلد على أساس عدم الحصول على أي معونات دولية، ومن ثم تصيغ الاستراتيجيات وترسم السياسات الناجعة.
برأيي الشخصي فإن الاستقرار الأمني والسياسي هو البداية في عودة سوريا التي نتمنى، يليها وضع القوانين والتشريعات الواضحة واللازمة لجذب رأس المال السوري أولاً، والذي يشمل استعادة العقول المهاجرة قبل الأموال الهاربة، وترتيب البيت الداخلي بجهود الجميع وفق مبادىء الحوكمة والشفافية، وإفساح المجال لكل من يستطيع تقديم قيمة مضافة في مستقبل بلدنا، وحصر ما لدينا من إمكانات مادية وبشرية، وإنتاج معادلة سوريا المستقبل.
وبعدها لن ننتظر مؤتمرات المانحين ولا تبرعات “المحسنين”، بل ستتسابق الشركات الدولية قبل الدول على حجز دور لها للعمل والاستثمار، ليس حباً بالسوريين أو شفقة عليهم، بل لتحقيق المصالح وكسب الأرباح.
سوريا حالياً تعتبر بلداً بكراً من الناحية الاستثمارية، ولن تحتاج إلى كثير من العناء في جذب الباحثين عن استثمار أموالهم لما فيها من ثروات طبيعية وكنوز تاريخية وموارد بشرية، شريطة أن نستغل فرصة التحرير التي كلفتنا الكثير من الشهداء والدماء، وأن نحسن الإدارة بإرادة قوية.