ما هي تأثيرات تغير المناخ على تقلبات مزاجنا الداخلي؟

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية- إلهام عثمان:

مع تبدل الفصول، لا تتبدل ألوان الطبيعة فحسب، بل تتغير معها أحيانًا ألوان مزاجنا الداخلي، فمع كل انتقال من صيف مشرق إلى خريف كئيب، أو من شتاء بارد إلى ربيع مزهر، يجد الكثيرون أنفسهم في دوامة من التقلبات العاطفية التي قد تتراوح بين الشعور بالخمول العابر والاكتئاب الموسمي العميق.
هذه الظاهرة، التي طالما اعتبرت مجرد “حالة نفسية”، باتت اليوم محور اهتمام علمي يربطها بشكل وثيق بتقلبات المناخ الموسمية وتأثيرها على كيمياء أجسادنا.

-زينو: الأطفال وكبار السن قد يكونون أكثر عرضة للتأثر الجسدي والنفسي

الاختصاصية النفسية هند زينو أوضحت لـ”الحرية”، أن التقلبات المزاجية هي الوجه الآخر لما يُعرف بالاضطراب العاطفي الموسمي، وهو نوع من الاكتئاب الذي يأتي ويذهب مع المواسم، وهو يصيب عادةً الأفراد في أواخر الخريف والشتاء، ثم يتلاشى مع قدوم الربيع والصيف، ومع ذلك، يمكن أن يحدث أيضًا في الصيف لكن بشكل أقل.

أعراضه

تتضمن الأعراض الشائعة لهذا الاضطراب ووفق رأي زينو الإفراط في النوم، تغيرات في الشهية مع رغبة ملحة في تناول الكربوهيدرات، زيادة الوزن، الشعور بالتعب، فقدان الاهتمام بالأنشطة المعتادة، وصعوبة التركيز

– في الحالات الشديدة، لا بد من العلاج السلوكي أو الأدوية المضادة للاكتئاب

كما تؤثر بشكل مباشر على الساعة البيولوجية للجسم، والتي تنظم دورات النوم والاستيقاظ، بالإضافة إلى إفراز الهرمونات مثل الميلاتونين والسيروتونين، فمع قصر ساعات النهار في الشتاء، يزداد إفراز الميلاتونين الذي يسبب الخمول، بينما ينخفض مستوى السيروتونين المرتبط بتحسين المزاج.

استجابات متباينة

وهنا بينت زينو أن هذا التغير في التوازن الكيميائي لا يكون تأثيره على الجميع بنفس الشدة، بل يختلف بشكل كبير من شخص لآخر، فبعض الأفراد لديهم حساسية فسيولوجية أكبر للتغيرات في الضوء ودرجة الحرارة، بينما يلعب الدعم الاجتماعي والصحة النفسية العامة دوراً وقائياً.
كما أن الفئات العمرية تظهر تبايناً واضحاً؛ فالأطفال وكبار السن قد يكونون أكثر عرضة للتأثر الجسدي والنفسي بسبب ضعف آليات التكيف لديهم، في حين أن المراهقين والشباب قد يظهرون مستويات أعلى من القلق البيئي والغضب المرتبط بالمستقبل

آليات بيولوجية

وأضافت زينو: الآليات البيولوجية تتعدد لاسيما أنها تربط بين تغير الفصول والمزاج، مبينة أن نقص التعرض لضوء الشمس الطبيعي في فصلي الخريف والشتاء عامل رئيسي في تنظيم المزاح كما يؤثر الضوء على إنتاج فيتامين د، الذي له دور في تنظيم المزاج.

كما يؤثر أيضاً على مستويات السيروتونين هرمونات السعادة، وأن قلة الضوء تزيد من إنتاج الميلاتونين (هرمون النوم) وتقلل من إنتاج السيروتونين (ناقل عصبي مرتبط بالسعادة)، ما يؤدي إلى الشعور بالخمول والاكتئاب، وغالباً ما يقل النشاط البدني في الفصول الباردة، هذا ما أكدته زينو، ما يحرم الجسم من فوائد الرياضة في تحسين المزاج وتقليل التوتر.

طرق مجدية

هنا تنصح زينو بعدة طرق للتعامل مع التقلبات الموسمية، كالتعرض للضوء الساطع قدر الإمكان، سواء بالخروج في الأيام المشمسة أو باستخدام صناديق العلاج بالضوء، كما أن ممارسة الرياضة بانتظام، والحفاظ على نظام غذائي متوازن، وبناء شبكة دعم اجتماعي قوية، يمكن أن تحدث فرقًا كبيراً.
أما في الحالات الشديدة، قد يكون العلاج السلوكي المعرفي أو الأدوية المضادة للاكتئاب ضرورة لا بد منها.

Leave a Comment
آخر الأخبار