من تماثيل الخصب إلى النقود البيزنطية: “معبد كونكورديا” نافذة على تاريخ الساحل السوري

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية- ثناء عليان :

تزخر محافظة طرطوس بعدد كبير من المواقع الأثرية والأوابد التاريخية التي تدل على حضارة الإنسان السوري، منها ما هو معروف وآخر غير معروف كـ “معبد كونكورديا” الذي يقع بالقرب من الكراجات الجديدة، ضمن المخطط التنظيمي لمدينة طرطوس، على الضفة الجنوبية لنهر الغمقة بارتفاع / 18م / عن سطح البحر.

  اكتشاف الموقع

رئيس شعبة التنقيب في دائرة آثار طرطوس الآثاري سعد علي أكد لـ “الحرية” أن “معبد كونكورديا”، يتوسط عدة مواقع أثرية مهمة منها تل الغمقة (أوهيدرا القديمة) الذي يبعد عنه حوالي /500م/ باتجاه الغرب، وخربة اللبنة التي تبعد حوالي/3كم/ جنوباً ومقابر عازار في الجنوب الغربي على بعد / 2كم/.

وبيّن علي أنه تم اكتشافه عام 2001 أثناء تنفيذ مشروع الكراجات الجديدة لمحافظة طرطوس، حيث لوحظ وجود دلائل أثرية في الجهة الشمالية الشرقية من المشروع، وعلى ضوء ذلك تم إعلام دائرة آثار طرطوس لتباشر أعمال التنقيب للكشف والتحري لمعرفة ماهية هذه الدلائل.

تماثيل ولقى أثرية

وبعد عدة مواسم تنقيب تركزت الأعمال ضمن التل، وتم الكشف من خلالها عن الجدار الجنوبي والغربي للهيكل المركزي (السيلا) مع بعض الأرضيات من الحجارة الرملية مع متابعة كشف الجهة الشمالية من الهيكل للبحث فيما إذا كانت هناك أبنية ملحقة بالمعبد، حيث تم الكشف عن أجزاء جدران لكنها غير عميقة، كما تم العثور على لقى هامة جداً منها تمثال من البرونز يمثل الآلهة “كونكورديا” ربة الخصب والعطاء وحامية المحاصيل (وعليه أخذ الموقع اسمه منها).

كما تم العثور –حسب علي- على جزء من تمثال مصنوع من حجر البازلت لامرأة يمثل جذع الجسم، حيث يظهر الصدر بارزاً واليدين مضمومتين إلى الصدر، واليد اليسرى مزينة بسوارين وتحمل فيها عنقود عنب، وعلى الجهة الخلفية تظهر كتابة فينيقية مؤلفة من سطرين، كما تم العثور على جزء من فرن دائري من الفخار ومجموعة الأواني الفخارية مع بعض النقود البرونزية التي تعود إلى القرن الرابع الميلادي والقرن السابع الميلادي، وفصوص خواتم زجاجية وغيرها.

أسبار وتنقيبات

ويذكر علي أنه تم أيضاً الكشف عن جزء من السور الكبير الذي يمتد في الجهة الشمالية للتل باتجاه شرق غرب، بالإضافة إلى جزء من السور الشرقي مع بقايا البرج الدفاعي في الزاوية الشمالية الشرقية من السور الشرقي، كما ظهرت بعض بقايا الجدران في وسط الموقع ومن الجهة الشمالية والجنوبية للسور.

بالإضافة إلى ذلك -يضيف علي- تم القيام بتنفيذ أسبار أسفل التل من الجهة الغربية بالقرب من نهاية السور الحديدي الجنوبي (عند بداية السور الأسمنتي الذي توجد أمامه الغرف الصغيرة) حيث ظهرت أرضية الصخر الطبيعي، كما تبين وجود امتداد للسور نحو الغرب.

وعند سفح التل من جهة الشمال، أسفرت التنقيبات التي جرت في هذا المكان عن ظهور مجموعة من القبور الفردية، أما القسم المتبقي من الجهة الشمالية فلم تتم فيه أعمال تنقيب حتى تاريخه.

أهمية المعبد الأثرية

ويؤكد علي أن أهمية الموقع تأتي من كونه نقطة وصل بين مجموعة مواقع أثرية هامة منها تل الغمقة وموقع خربة اللبنة وموقع عمريت الأثري، بالإضافة لوقوعه بجوار نهر الغمقة وما يحمله من أهمية وجود معبد كهذا على ضفاف النهر.

وأشار إلى أن اللقى الأثرية التي ظهرت في الموقع على امتداد مواسم العمل، أرّخت عدة سويات من الفترة الفينيقية وحتى الفترة البيزنطية، وعليه قامت دائرة آثار طرطوس في العام 2021م بإعداد إضبارة لتسجيل الموقع على لائحة التراث الوطني بموجب القرار رقم /208/أ لعام2021.

وختم مؤكداً أنه تمت أعمال تنظيف وتعشيب للموقع في العامين السابقين، وسيتم وضعه ضمن خطة التنقيب ليتم الكشف عن المزيد من المعالم الأثرية فيه.

Leave a Comment
آخر الأخبار