تجار اللاذقية يتلمسون الأمل بعد إلغاء قانون قيصر

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – لوريس عمران:

في حي السجن وسط مدينة اللاذقية، حيث تختلط رائحة البحر برطوبة الأبنية القديمة، يجلس أبو سعيد النجار الذي تجاوز منتصف العقد الرابع، أمام ورشته التي كانت تضج بالحياة ذات يوم، إذ كان صوت “المناشر والمطارق” يملأ المكان، أما اليوم فلم يبقَ سوى صدى خطوات المارين، بعدما تراجع عمله نتيجة العقوبات التي فرضها قانون قيصر والأزمة الاقتصادية التي عصفت بسوريا.

يقول أحمد (ز) الملقب بأبو سعيد لـ” الحرية ” : إن ورشته كانت مصدر رزق كريماً له ولعائلته، وكان يعمل إلى جانبه شابان يتعلمان منه مهنة النجارة، مبيناً أن  العقوبات جعلت الخشب المستورد نادراً، وارتفعت أسعار الأدوات حتى تحولت كثير من معداته إلى قطع لا يستطيع تشغيلها أو إصلاحها. وأضاف أنه أمام هذا الواقع اضطر لإغلاق نصف الورشة والاستغناء عن العمال الذين كانوا يعتمدون على هذا العمل في تأمين معيشتهم وحال ابو سعيد هو حال الكثيرين من حرفيي النجارة

الدواء… معاناة تثقل الحياة اليومية

وأشار  أبو سعيد  إلى أن أزمته لم تقف عند حدود نقص المواد الأولية، بل امتدت إلى دواء ابنه الأصغر المصاب بمرض مزمن. مضيفاً أنه يتنقل بين صيدليات المدينة بحثاً عن العلاج الذي بات يسعر بالدولار، بينما دخله اليومي بالليرة السورية لا يكفي لسد الحاجات الأساسية.

منوهاً بأن رحلة البحث عن الدواء، أصبحت معركة يومية من أجل البقاء.

غلاء يلتهم القدرة على العيش

وبينما يسترجع سنوات الضيق الماضية، أكد أبو سعيد أن الغلاء الذي اجتاح الأسواق جعل الحياة في حي السجن أكثر قسوة. فالأجور لم تتغير، فيما الأسعار تتضاعف بلا توقف. مبيناً أنه اضطر لبيع ما تبقى من أثاث منزله وبعض القطع الخشبية التي صنعها بيديه لتأمين الطعام والضروريات لعائلته.

وأشار  إلى أنه لم يكن وحده من تضرر فالحي كله تراجع نبضه. ورش عديدة أغلقت أبوابها، وشباب كثر غادروا بحثاً عن فرصة أفضل ، إضافة إلى أن العلاقات الاجتماعية تأثرت، فقد أصبحت هموم المعيشة تقف بين الناس وبين أبسط لحظات الراحة.

إلغاء قانون قيصر… أمل مشوب بالحذر

ومع انتشار الأخبار عن رفع العقوبات، يتحدث أبو سعيد بنبرة تجمع بين الأمل والخشية. إذ يرى أن عودة الاستيراد عبر المرفأ قد تخفف من حدة  الأسعار، وتعيد للخشب والأدوات توفرها، ما قد يمنح ورشته فرصة للانتعاش مجدداً، مبيناً أن  استقرار الأسعار يساهم في تخفيف معاناة المرضى، ويجعل الدواء في متناول الجميع.

ندوب السنوات الماضية ما زالت واضحة

ورغم ذلك، أشار  أبو سعيد إلى أن انتهاء العقوبات لا يعني انتهاء الألم. فسنوات الضغوط الاقتصادية والاجتماعية تركت ندوباً عميقة، وتعافيها يحتاج زمناً طويلاً. أما الخسائر التي طالت أهالي الحي، فهي ليست مما يعوّض بسهولة، فالإحياء الحقيقي يتطلب إرادة ودعماً يلامس واقع الناس.

وفي ختام حديثه أكد أبو سعيد أن  رفع العقوبات ليس مجرد خطوة سياسية، بل نافذة تفتح على غد جديد. مبيناً أن سنوات الحرب أنهكتنا لكن لا يزال في قلوبنا  نور لا ينطفىء وقدرة على النهوض من جديد ، مضيفاً أننا نطمح إلى حياة كريمة نصنعها بأيدينا، وإلى مستقبل تشرق فيه أبواب الخير لمن صبر وتمسك بالأمل.

Leave a Comment
آخر الأخبار