الحرية- حنان علي:
“يمنع الاقتراب من الأشجار المزينة بالأضواء، فلا تستدعي الجن لإضفاء المزيد من السحر”، لافتة رفعت إبان موسم الأعياد في الهند ساقتني للتفكر بالعبارات الفكاهية المنقوشة على السيارات ولافتات الأماكن العامة والخاصة، وما تحمله من شخصية صاحبها وطباعه. «هذه الشاحنة تحمل أمنيات الناس، يرجى الصلاة لتحقيقها» أو «عزيزي الحرامي.. السيارة مفتوحة ما في داعي تكسر الشباك»، أو بلهجة تهديد كتبها سائق مركبة صغيرة: «بس إكبر بورجيكم».. لعلّ البعض ممن يتمتعون بحسّ الفكاهة ما برحوا يعبّرون عن مرحهم بسبل غير مألوفة، فيطلقون تحذيرات، أو رسائل غير عادية تهدف إلى لفت انتباه الناس أو الترفيه عنهم، وكثيراً ما تتمثل كشكلٍ من أشكال التعبير الإبداعي أو تتراءى كوسيلة لمزج بعض المرح مع التحذير من المواقف الخطرة.
تحذيرات مختلفة الجنسيات
مع تطور وسائل الاتصال والتواصل، أصبح الناس أكثر قرباً و قدرة على تبادل الثقافات والعادات، هذا بدوره أدى لتشابه في العبارات التحذيرية المرحة التي يستخدمها الشعوب في مختلف أنحاء العالم… فما لبثت وسيلة فعالة لجذب انتباه الناس وتحفيزهم على اتخاذ الاحتياطات اللازمة في مواجهة المخاطر أو التواصل بشكلّ فعال بطريقةٍ تجمع بين الجدية والمرح معاً.. بعض العبارات مكتوبة بمبادرة شخصية غير قابلة للتفسير، وبعضها شديد اللهجة، وأخرى لا تنتمي للمنطق بشيء، وهنا بعض الجمل غير المألوفة في أماكن متفرقة حول العالم، نستهلها بما وُجد في أحد المطاعم في الإمارات العربية المتحدة: «الابتعاد عن التحدث باللغة الإنكليزية في هذا المطعم، قد يؤدي إلى تفاعل مفاجئ مع النحل المحلي». أما في الأردن فقد رفعت لافتة تحذر من الموسيقا بالقول: «يمنع رفع صوت الموسيقا في هذه الحديقة، كي لا تنتقل النباتات إلى وضعية الرقص» .. أما أحد العراقيين فقد ساءه صوت مغنٍ اختار المكتبة مسرحاً فأطلق عبارته التحذيرية: «يمنع الغناء بصوت عالٍ في هذه المكتبة، كي لا تسارع الأرواح للانضمام إلى الجوقة». كذلك فعل مواطن يمني محذراً من الاقتراب من بئر قديمة، ومنذراً: «ابتعد تفادياً لاستدعاء الجن لإخراجك إن سقطت».
وفي اليابان رفعت داخل إحدى الحارات لافتة تقول: «شكلت القطط المحلية اتحاداً.. من فضلك لا تزعجها أثناء القيلولة».. أما في شوارع هولندا فوجد تحذير من «الدراجات منخفضة الطيران»! كما تم التنبيه في أحد حمامات السباحة الأسترالية: «يمنع الغوص في الطرف الضحل، يشمل هذا التحذير حورية البحر»، كذلك لم تنج حديقة للملاهي في الولايات المتحدة الأمريكية من إشعار حكيم يقول: «من فضلك لا تطعم الكسالى»، كذلك حال الشاطئ في منطقة البحر الكاريبي المحذر من تساقط جوز الهند الأكثر خطورة من أسماك القرش. بينما أصر شبان في إسبانيا على إسداء النصيحة للفتيات: «هذه المنطقة عرضة لحفلات الرقص العفوية، يرجى الاستعداد لطلب رقمك في أي وقت».
ردود الفعل
تستند بعض التحذيرات إلى الفولكلور المحلي أو الأساطير، ما يضيف تطوراً ثقافياً أو إقليمياً إلى الرسالة، لكن ردود فعل الناس اختلفت تجاه هذه التحذيرات غير المألوفة، فقد وجدها البعض مسلية وقدروا إبداع مطلقيها أو حس فكاهتهم، أو قاموا بالتقاط الصور لمشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي أو حتى الانخراط في محادثات مع الأصدقاء لإثارة الضحك بينما آخرون فاجأتهم غرابتها خاصة مع جهلهم بالسياق الثقافي أو التقاليد المحلية، فتساءلوا إن كانت التحذيرات خطيرة أو مجرد دعابة عابرة. لكن معظم الرسائل الغريبة تلك لا تهدف في النهاية إلا للتخفيف من التوتر والقلق المرتبطين بالمخاطر، وعلى الأغلب تجذب انتباه الناس وتترك عن الأمكنة انطباعاً لا ينسى.