تخفيض أسعار المشتقات النفطية في سورية.. أثر مباشر على النقل والإنتاج والتدفئة

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية ـ نهلة أبو تك:

في ظل المساعي الحكومية لضبط الأسعار وتحفيز النشاط الاقتصادي، جاء قرار تخفيض أسعار المشتقات النفطية في سورية ليشكّل واحدة من أبرز الخطوات الاقتصادية الأخيرة، وسط ترقّب الشارع لمدى انعكاس هذا القرار على تكاليف النقل والإنتاج والتدفئة مع اقتراب فصل الشتاء.
شهدت سورية مؤخراً تخفيضاً متفاوتاً في أسعار المشتقات النفطية، شمل البنزين والمازوت والغاز المنزلي والصناعي بنسب تراوحت بين 12% و30%، ما ألقى بظلاله على قطاعات النقل والإنتاج وحتى على نفقات الأسر السورية.
الخبير الاقتصادي الدكتور علي محمد أوضح في تصريح لـ”الحرية ” أن هذا القرار «يُعدّ جيداً نوعاً ما، لا سيما بالنسبة لمادة البنزين التي انخفض سعرها بنسبة 30%، ما يسهم في تخفيض تكلفة شراء المادة لأصحاب السيارات الخاصة، ويخفف في الوقت ذاته من أعباء التنقل على المواطنين الذين يستخدمون سيارات الأجرة العامة في بعض تنقلاتهم».
وأضاف: الانخفاض في أسعار البنزين سينعكس كذلك على بعض أنواع السيارات الصغيرة التي تُستخدم في نقل الخضار والفواكه والمستلزمات بين أسواق الهال والمحال التجارية – مثل سيارات السوزوكي – ما يعني انخفاضاً في تكلفة النقل لكل كيلوغرام من البضائع المنقولة بهذه الوسائل.

المازوت… أثر أوسع على النقل والإنتاج..

وفيما يخص مادة المازوت التي انخفض سعرها بنسبة 27%، بيّن الدكتور محمد أن أثر هذا التخفيض سيكون «أوسع وأعمق» من البنزين، نظراً لاعتماد معظم وسائل النقل العام والشاحنات عليه، من باصات وسرافيس وسيارات نقل كبيرة تعمل بين المحافظات أو ضمنها.
وأوضح أن هذا التخفيض «يسهم في تقليص تعرفة الركوب بمختلف أنواعها داخل المدن وخارجها»، إضافة إلى تخفيض التكاليف التشغيلية للشاحنات التي تنقل البضائع والمواد بين المحافظات.
وأشار إلى أن مادة المازوت تدخل بشكل أساسي في العملية الإنتاجية للمصانع والمعامل والورش، وهي عنصر مهم من عناصر التكلفة «ولذلك فإن تخفيض سعرها يعني تخفيضاً في بنود النفقات التشغيلية للمعمل، ما يؤدي إلى زيادة صافي الربح، على أن ينعكس ذلك على سعر المنتج النهائي في الأسواق، خصوصاً في ظل ظروف المنافسة».
لكنه أوضح أن «مدى مساهمة مادة المازوت في التكلفة يختلف من معمل إلى آخر تبعاً للظروف الإنتاجية، ونسبة اعتماد كل منشأة على مصادر طاقة أخرى كالكهرباء أو الطاقة الشمسية».

تدفئة أقل تكلفة وتوفير ملحوظ للأسر..

وأضاف الدكتور محمد: شريحة المستفيدين من تخفيض المازوت ستكون الأكبر حالياً، لاسيما مع إقبال العائلات على شراء مازوت التدفئة مع بداية فصل الشتاء، موضحاً أن الأسرة التي تحتاج إلى نحو 200 ليتر مازوت ستدفع حالياً 1,755,000 ليرة سورية مقارنة مع 2,223,000 ليرة سابقاً، أي أن حجم التوفير يبلغ نحو 468 ألف ليرة، وهو مبلغ له أثر واضح على دخل الأسر في ظل الظروف المعيشية الحالية.

الغاز المنزلي والصناعي… تخفيض محدود وتأثير أقل

أما مادة الغاز المنزلي والصناعي، فقد شملها التخفيض بنسبة تقارب 12% فقط، ويعتبر الدكتور محمد أن هذا الانخفاض «يبقى محدود التأثير مقارنة بتخفيض المازوت»، مشيراً إلى أن أثره على التكاليف العامة والأسعار النهائية للمنتجات سيكون أقل وضوحاً.

انعكاسات اقتصادية متوقعة..

ويخلص الخبير الاقتصادي إلى أن التخفيضات الأخيرة في أسعار المشتقات النفطية، تمثل خطوة إيجابية باتجاه تخفيف الأعباء المعيشية والإنتاجية، مؤكداً ضرورة أن ترافقها رقابة حقيقية على الأسواق لضمان انعكاسها الفعلي على الأسعار والخدمات، وعدم احتفاظ بعض الفعاليات التجارية بهوامش ربح مرتفعة رغم انخفاض التكاليف التشغيلية.

في سياق السياسة الاقتصادية العامة..

يأتي هذا القرار ضمن توجه اقتصادي حكومي يهدف إلى ضبط الأسعار وتنشيط حركة السوق بعد فترة من الركود النسبي، مع التركيز على تحفيز الإنتاج المحلي ودعم القدرة الشرائية للمواطنين. ويرى مراقبون أن استمرار هذه الإجراءات، إلى جانب تشديد الرقابة وتشجيع الاستثمار، قد يسهم في تحقيق توازن تدريجي بين الأسعار والدخل، ما يعزز فرص الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي خلال المرحلة المقبلة.

 

Leave a Comment
آخر الأخبار