الحرية- متابعة مها سلطان:
هل كوريا الشمالية اليوم تختلف عن كوريا الشمالية في عام 2019، عندما التقى الرئيس الأميركي دونالد ترامب (في ولايته الأولى) زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون؟
مناسبة السؤال- الذي طرحته صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية في مقال لها اليوم- هي اللقاء المرتقب بينهما خلال الأيام القليلة المقبلة، بالتزامن مع لقاء آخر مرتقب بين ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ.
وأرفقت واشنطن بوست هذا السؤال بسؤال آخر حول إمكانية أن يسفر لقاء ترامب بكيم عن الاعتراف بانضمام كوريا الشمالية إلى النادي النووي.
وتعرض الصحيفة الأميركية لأسلوب ترامب «غير التقليدي» في السياسة الخارجية، والذي يركز على العلاقات الشخصية ويتجنب التحضيرات الدقيقة التي عادة ما تُجرى في القمم عالية المخاطر. وفي بعض الأحيان أثمر هذا الأسلوب عن اختراقات دبلوماسية مفاجئة. وستشكل رغبة ترامب المعلنة في لقاء كيم هذا الأسبوع خلال جولته الآسيوية اختباراً لأسلوب ترامب الارتجالي.
وكان ترامب صرح أمس الاثنين بأنه قد يؤجل عودته المقررة إلى واشنطن إذا وافق كيم على اللقاء. وفي حال عقد لقاء، فسيكون هذا رابع لقاء مباشر بين ترامب وكيم. وكان آخر لقاء لهما في عام 2019، واستغرق 36 ساعة، خلال رحلة آسيوية مماثلة، بعد أن غرّد ترامب قائلاً: سألتقي به عند حدود المنطقة منزوعة السلاح لمصافحته والتحية!.
والتقى الزعيمان في اليوم التالي في المنطقة التي تفصل بين الكوريتين الشمالية والجنوبية.
وترى واشنطن بوست أن اللقاء قد يسهم في تخفيف حدة التوترات في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. ولكن في الوقت نفسه، لم تسفر القمم الثلاث التي عقدها ترامب مع كيم خلال ولايته الأولى عن أي نتائج جوهرية، كما لم تسفر زيارتهما الأولى في سنغافورة عن إعلان مشترك، أما زيارتهما الثانية في هانوي، فقد انتهت بانسحاب ترامب بعد فشل التوصل إلى اتفاق بشأن كبح جماح سعي بيونغ يانغ لامتلاك أسلحة نووية، وسرعان ما تبع الزيارة الثالثة مزيد من العداء بعد أن رفض ترامب بحكمة إلغاء مناورة عسكرية مشتركة مُخطط لها منذ فترة طويلة مع كوريا الجنوبية.
وتقول واشنطن بوست: كوريا الشمالية اليوم ليست نفسها التي واجهها ترامب في ولايته الأولى. فقد توسّعت ترسانة البلاد من الرؤوس النووية إلى حوالي 50 رأساً، وفقاً لجمعية الحد من الأسلحة، وتمتلك بيونغ يانغ ما يكفي من المواد الانشطارية لإنتاج عدة رؤوس نووية إضافية سنوياً. كما تمتلك عدة صواريخ باليستية عابرة للقارات، قادرة على الوصول إلى أي مكان في البر الرئيسي الأمريكي.
وتضيف: يريد كيم الاعتراف بكوريا الشمالية كدولة نووية. وبينما أبدى كيم استعداده لعقد اجتماع، قال إن ذلك لن يتحقق إلا إذا تخلت الولايات المتحدة عن «هوسها الفارغ بنزع السلاح النووي» وسعت بدلاً من ذلك إلى «التعايش السلمي»، وقد يميل ترامب إلى استئناف «علاقته الرائعة» مع كيم؛ فقد قال يوم الجمعة الماضي: عندما تقول إنه يجب الاعتراف بهم كقوة نووية، حسناً، لديهم الكثير من الأسلحة النووية، سأقول ذلك.
لقد بدا ذلك نذير شؤم كتلميح إلى استعداده للاعتراف بانضمام كوريا الشمالية الدائم إلى النادي النووي. وسيكون هذا التنازل الكبير خطأً فادحاً. فالتخلي عن الهدف طويل الأمد المتمثل في نزع السلاح النووي من شأنه أن يُغذي الحديث في اليابان وكوريا الجنوبية عن حاجتهما إلى امتلاك أسلحة نووية أيضاً. ويخشى كلا الحليفين بالفعل من أن الولايات المتحدة لم تعد شريكاً أمنياً موثوقاً به.
وفي غضون ذلك، عزز كيم علاقاته مع روسيا والصين. وأرسلت كوريا الشمالية جنوداً للقتال، والموت، في حرب روسيا ضد أوكرانيا. وكان كيم ضيف شرف في بكين، إلى جانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بمناسبة الذكرى الثمانين لهزيمة الصين لليابان في الحرب العالمية الثانية.
وتختم واشنطن بوست: لقد أدى أسلوب ترامب الدبلوماسي غير المألوف إلى وقف إطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين العشرين الأحياء. كما تمكن من حثّ حلفاء أمريكا في حلف شمال الأطلسي (ناتو) على زيادة إنفاقهم الدفاعي. وتتطلب المحادثات مع كيم أهدافاً وخطوطاً حمراء تتجلى في إقناعه بالتخلي عن طموحاته النووية والحفاظ على توافق حلفاء أمريكا والاستعداد للانسحاب من أي اتفاق سيء، فهل سيحقق لقاء ترامب المرتقب مع الزعيم الكوري الشمالي مصالح الولايات المتحدة؟