الحرية ـ سامر اللمع:
في اليوم السابع للحرب بين «إسرائيل» وإيران، يترقب العالم أجمع قرار الرئيس الأميركي فيما إذا كانت بلاده ستشارك إلى جانب إسرائيل في هذه الحرب أم لا، إذ من المفترض أن يعقد ترامب اليوم الخميس اجتماعاً ثالثاً في غرفة العمليات لبحث الأمر مع مستشاريه وفق ما أفادت وسائل إعلام عربية وأجنبية.
حيث سيتلقى الرئيس الأميركي إحاطة استخباراتية أخرى من فريق مستشاريه في غرفة العمليات حول الخيارات والمخاطر أيضاً.
ويأتي ذلك في ظل تطورات عديدة أهمها فيما يبدو عدم قدرة «إسرائيل» على تحقيق نتائج حاسمة في إنهاء القدرات النووية لإيران وأهمها منشأة «فوردو» النووية، الواقعة في عمق جبال إيران قرب مدينة قُم، والتي تحولت إلى واحدة من أبرز رموز التوتر المتصاعد بين طهران وتل أبيب، وأصبحت اليوم في صلب القرارات المصيرية التي تواجهها الولايات المتحدة وسط الحرب المتفجرة بين الجانبين.
فالنتائج الأولية للضربات الإسرائيلية كشفت عن مفارقة تتمثل في تعزيز الموقف الاستراتيجي لإسرائيل، وفي الوقت نفسه التشكيك في قدرتها على الاستقلال عن الدعم الأمريكي على الصعيد العسكري.
وإذا كان نجاح الحملة العسكرية الإسرائيلية الحالية يتوقف إما على إجبار إيران على الاستسلام من خلال التدمير المنهجي لقدراتها العسكرية والنووية، أو على تهيئة الظروف لحل دبلوماسي يمنعها من مواصلة برنامجها النووي، فإن العمل العسكري الإسرائيلي وحده لا يبدو كافياً لتحقيق أي من النتيجتين دون انخراط أمريكي مباشر في الحرب.
ـ تفاصيل الهجوم الأمريكي المحتمل
في هذا السياق كشفت شبكة «أي بي سي نيوز» عن معلومات جديدة تتعلق بطبيعة الهجوم الأميركي المحتمل على منشأة «فوردو» النووية في إيران.
ونقلت عن مصدر مطلع قوله إن الهجوم الأميركي المحتمل على المنشأة لن يكون بضربة واحدة بل بعدة هجمات.
وأضاف المصدر أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يفكر بضرب منشأة «فوردو» وهناك استعدادات لذلك.
من جانبه، قال موقع «أكسيوس» نقلاً عن مسؤولين أميركيين، إن ترامب طالب بمعرفة مدى نجاح خطة الهجوم على «فوردو» باستخدام القنابل العملاقة الخارقة للتحصينات المعروفة باسم GBU-57)).
وأوضح الموقع أن ترامب يريد التأكد من أن الهجوم على إيران ضروري ولن يجر الولايات المتحدة إلى حرب طويلة الأمد.
ولا تمتلك إسرائيل هذه القنابل ولا القاذفة الأمريكية الشبحية من طراز«B2» اللازمة لإسقاطها، وهو ما يدفع مسؤولين إسرائيليين حاليين وسابقين إلى حث واشنطن على التدخل العسكري المباشر.
ـ مخاوف من المشاركة الأمريكية
المشاركة الأمريكية في التدخل لصالح إسرائيل لضرب منشأة “فوردو” النووية تبدو محفوفة بالمخاوف من تبعات رفض بعض القواعد الشعبية المؤيدة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إذ كشف احتمال توجيه ضربة أميركية ضد إيران عن انقسامات بين صفوف المؤيدين الذين أوصلوا الرئيس ترامب إلى السلطة، ويحثه بعضهم على عدم الزج بالبلاد في حرب جديدة في الشرق الأوسط.
ووجد بعض أبرز حلفاء ترامب من الجمهوريين أنفسهم في موقف غير عادي بالاختلاف مع رئيس يشاركهم إلى حد كبير سياسة وطنية تدعو لتجنب الدخول في صراعات مع دول أخرى.
وحث اللفتنانت ستيف بانون، وهو واحد من الأصوات المؤثرة في تحالف “أميركا أولا”، أمس الأربعاء، على توخي الحذر بشأن انضمام الجيش الأميركي إلى “إسرائيل” في محاولة تدمير البرنامج النووي الإيراني في غياب اتفاق دبلوماسي.
وقال بانون للصحفيين في فعالية برعاية مؤسسة كريستيان ساينس مونيتور في واشنطن «لا يمكننا أن نفعل ذلك مرة أخرى… سنمزق البلاد. يجب ألا نكرر تجربة العراق».
ويراقب المناهضون للتدخل العسكري من الحزب الجمهوري بقلق تحول ترامب سريعاً من السعي إلى تسوية دبلوماسية سلمية مع إيران إلى احتمال دعم الولايات المتحدة للحملة العسكرية الإسرائيلية، بما في ذلك استخدام القنبلة «الخارقة للتحصينات» والتي تزن 30 ألف رطل.
وتُظهر هذه الانتقادات المعارضة التي قد يواجهها ترامب من جناح «لنجعل أميركا عظيمة مجدداً» اليميني في حال تورطه في القتال، وهي خطوة حذرت إيران من أنها ستكون لها عواقب وخيمة على الأميركيين دون أن تحدد ماهية هذه العواقب.
ـ رأي الكونغرس
في قلب الاستشارات التي يجريها الرئيس الأمريكي, دونالد ترامب, يبرز موقف بعض النواب الأمريكيين من التدخل في الحرب الايرانية الإسرائيلية، حيث قدّم السيناتور تيم كين ديمقراطي عن فرجينيا، والسيناتور بيرني ساندرز «مستقل عن فيرمونت»، يوم الإثنين الماضي، مشروعي قانون في مجلس الشيوخ لمنع إدارة ترامب من استخدام الأموال الفيدرالية لشنّ هجوم عسكري على إيران دون موافقة الكونغرس.
كما أعلن عدد من أعضاء الكونغرس الأمريكي التقدّميين، الثلاثاء، أنهم سيدعمون تشريعاً يُجبر الرئيس دونالد ترامب على الحصول على إذن من المجلس قبل شنّ حرب ضد إيران.
فقد قدّم النائبان توماس ماسي «جمهوري عن كنتاكي» ورو خانا «ديمقراطي عن كاليفورنيا»، مشروع قانون يؤكد المتطلبات القانونية بموجب “قرار سلطات الحرب لعام 1973″، والذي يُلزم الرئيس بإبلاغ الكونغرس خلال 48 ساعة من إرسال القوات لأعمال قتالية، ويحدد مدة العمليات بستين يومًا، مع فترة انسحاب مدتها 30 يومًا، ما لم يصدر الكونغرس إعلان حرب أو تفويضًا باستخدام القوة العسكرية.
ورحبت جماعة “ديمقراطيون من أجل العدالة”، وهي لجنة سياسية تقدّمية، بالمشروع قائلة: “ها هي فرصة للتعاون بين الحزبين لا تضرّ بمصلحة الشعب الأمريكي. على كل عضو في الكونغرس أن يعارض انخراط الولايات المتحدة – سواء عبر التمويل أو الأسلحة أو الجنود – في حرب جديدة لا نهاية لها في الشرق الأوسط”، وفقا لتقرير نشرته صحيفة “كومن دريمز”.
ـ استطلاعات الرأي .. ماذا تقول؟
كشف استطلاع أجرته مجلة The Economist بالتعاون مع YouGov، ونُشر أول أمس, الثلاثاء، أن 16% فقط من الناخبين يرون أنه ينبغي على الولايات المتحدة التدخل في النزاع بين “إسرائيل” وإيران. ومن بين هؤلاء، لم يؤيد الفكرة سوى 10% من المصوّتين لنائبة الرئيس السابقة كامالا هاريس العام الماضي، و19% من مصوّتي ترامب عام 2024، و15% من الديمقراطيين، و11% من المستقلين، و23% من الجمهوريين.
وأظهر استطلاع آخر أجرته مجموعة Bullfinch بتكليف من “Demand Progress”، أن 53% من الناخبين المسجّلين – بمن فيهم 58% من الديمقراطيين، و47% من المستقلين، و56% من الجمهوريين – يرون أن على ترامب الحصول على تفويض من الكونغرس قبل شنّ ضربات ضد دول أجنبية.
وفي ظل هذه المعطيات, يرى مراقبون ومحللون أنه إذا قرر ترامب الدخول في الصراع العسكري سيكون هذا انحرافاً حاداً عن حذره المعتاد بشأن التورط في النزاعات الخارجية. ويمكن أن يؤثر ذلك على حملته لتعزيز العلاقات الجيدة مع الخليج، ويصرف انتباهه عن جهوده للتفاوض على إنهاء الحرب في أوكرانيا وعقد اتفاقات تجارية مع دول العالم.
ويبقى السؤال: هل يقدم ترامب على المشاركة في هذه الحرب لصالح “إسرائيل” أم يرجح منطق التفاوض والدبلوماسية؟ .. وهنا الأمر مرهون بتطورات الميدان في مواجهات عالية من قبل طرفي النزاع.