أصبحت ضرورة وبديلاً عن التقليدية.. ما هي الضوابط المناسبة للتجارة الإلكترونية؟

مدة القراءة 7 دقيقة/دقائق

الحرية- باديه الونوس:

تكاد تشكل التجارة أو ما يسمى بالتسويق الإلكتروني عالماً رقمياً جديداً موازياً للعالم الحقيقي يؤمن أنشطة بيع وشراء وفرص عمل لشريحة من الشباب كما للشركات لإثبات ذاتها أمام عملائها، لكن في ظل الظروف السائدة يشير الواقع إلى الكثير من المخالفات أو حالات احتيال وخيبات الأمل تتخلل هذه التجارة كما التجارة التقليدية، الأمر الذي يتطلب العمل لتنظيمها وقوننتها، إذ يرى أهل الشأن أنه لا يحلّ التسويق الإلكتروني محل التقليدي بل يكمله، والسؤال الذي يبرز كيف تتم السيطرة على هذه السوق وما هي الحلول التي تعترض التحديات وكذلك الضوابط القانونية؟

حالات احتيال

عبر هذا الفضاء الساحر الذي يتوفر بيسر وسهولة بين أيدي الجميع، بأحدث فنون الدعاية والترويج لكل البضائع بدءاً من أبسط الأشياء منها بيع المؤونة أو الطبخة مروراً بالمفروشات والأدوات الكهربائية وليس انتهاءً بالعقارات ليمتد الأمر إلى الإعلان عن فرص عمل محلية أو خارجية وبالدولار وغيرها الكثير يكون الإعلان عن كل شيء، وأيضاً الاحتيال على كل شيء.

مخالفة للمواصفات

كثيراً ما نسمع عن حالات احتيال ونصب تحدث لمتعاملين مع شركات التسويق الإلكتروني كما حدث مع أمجد الذي اعتقد أنه وجد ضالته في مواصفات فرن الغاز حتى لو كان متهالكاً ومستعملاً وبسعر مقبول، إلا أنه بعد فترة قصيرة اكتشف أنه غير جاهز للعمل، ومخالف لما تم الإعلان عنه عبر إحدى الصفحات لكن بعد أن دفع ثمنه مبلغاً قصم ظهره…!
لم تؤيد لينا طالبة جامعية أبداً التعامل أو شراء أدنى الأشياء عبر وسائل التواصل لأنه من خلال تجربتها تؤكد أن السوق الإلكترونية لا تتسم بالموثوقية أو المواصفات المطلوبة على عكس المواصفات التي تعلنها تلك الصفحات.

د. عكاري: توفّر وصولاً جماهيرياً واسعاً بتكلفة أقل من القنوات التقليدية

تتبع السعر والخدمة

لأهل الاختصاص آراؤهم واقتراحاتهم لتجاوز التحديات، إذ يؤكد د. خضر عكاري (هندسة المعلوماتية) في جامعة دمشق أن التسويق الإلكتروني يمثل منظومة متكاملة لإيصال القيمة عبر المنصات الرقمية ويوفّر وصولاً جماهيرياً واسعاً بتكلفة أقل من القنوات التقليدية ويتيح استهدافاً دقيقاً قابلاً للقياس، وأصبح ضرورياً في سوريا بسبب اعتماد الناس على الهواتف والشبكات الاجتماعية في البحث والمقارنة والشراء. وأضاف د. عكاري أن الاقتصاد المتقلب يدفع المستهلك إلى تتبع السعر والخدمة لحظة بلحظة. وكذلك المنظومات المصرفية والتطبيقات المحلية تفتح قنوات دفع وخدمات، من قبيل هل تظهر أمام عميلك قبل منافسك وهل تعرف تكلفة اكتساب عميل واحد.

تحديات عملية

تكمن الأهمية في القدرة على بناء علاقة مباشرة مع العميل وجمع بيانات سلوكه واتخاذ قرارات يومية بالاعتماد على المؤشرات وفق د. عكاري لافتاً إلى أنه تظهر تحديات عملية تشمل فجوة الاتصال واختلاف السرعات وضعف الثقة وعمليات الدفع والتسليم وارتفاع المرتجعات وتقلب الأسعار.

حلول لتجاوز عقبات التسويق

يبين د. عكاري أنه تعالج هذه التحديات بحزمة حلول واضحة منها: اعتماد نموذج هجين للدفع يجمع بين النقد عند التسليم وخيارات إلكترونية عند الإمكان. إضافة إلى إبراز مواصفات دقيقة قابلة للقياس وصور وفيديو قصير وجداول مقاسات ودردشة قبل التأكيد، واتباع سياسة إرجاع مكتوبة ومعلنة وهوية تجارية موثقة إضافة إلى رقم مرجعي لكل طلب، والأهم من ذلك إدارة لوجستية بالمناطق ومواعيد تسليم محددة داخل المدن وبين المحافظات، بموازاة توفر لوحة مؤشرات تتابع تكلفة النقرة وتكلفة الاكتساب ومعدل التحويل ونسبة المرتجعات وتحديث الأسعار يومياً.

الحل قبل البيع..

من المعروف أنه تحدث بعض الخلافات عند عدم مطابقة المواصفات وغير ذلك، الحل وفق د. عكاري يبدأ قبل البيع بعرض شفاف للسعر والكفالة والمواد وإصدار فاتورة، أثناء التسليم يفيد فحص سريع وتصوير فتح الطرد عند الحاجة وبعد التسليم يعتمد مسار شكاوى موحد وخيارات تبديل واسترداد واضحة مع توثيق كامل.
وأشار إلى أنه يحتاج التسويق الإلكتروني إلى ضوابط السوق نفسها إعلان سعر وفاتورة وهوية بائع وحماية بيانات، لا يحل محل التسويق التقليدي بل يكمله. الرقمي أسرع في الاستهداف والقياس والتعديل الفوري بينما يحافظ التقليدي على بناء الوعي المحلي، لافتاً إلى أهمية المزج وفق الفئة والمنتج والميزانية.

عجوب: يجب أن يتمتع المستهلك بثقافة قانونية وأن يعرف حقوقه في مجال التسويق الالكتروني

 

تشريعات ناظمة

هناك مشكلات تعتري بعض التشريعات في سوريا سواء لجهة صياغتها أو لجهة الثغرات التي ترافق تنفيذها ووفق المحامي زهير عجوب خلال السنوات الماضية تم سن العديد من التشريعات الناظمة لعمل التسويق الإلكتروني والمعاملات الإلكترونية منها القانون رقم /3/ لعام 2014 والخاص بتنظيم المعاملات الإلكترونية وكذلك قانون مكافحة الجريمة.

مواكبة التطور الإلكتروني

تتعلق المعلوماتية وتنظيم التواصل على الشبكة الإلكترونية بالقانون رقم /20/ لعام 2022م، وقانون التوقيع الإلكتروني رقم /4/ لعام 2009م. ووفق المحامي عجوب، جاءت هذه التشريعات لمواكبة التطور الإلكتروني الذي شهدته السنوات الأخيرة، حيث أصبح الكمبيوتر وشبكة الإنترنت من متطلبات الحياة اليومية، وقد أفرز هذا التطور شكلاً جديداً من أشكال الكتابة، مما استدعى ضرورة تأييد هذه المعاملات بالقوة القانونية اللازمة، خاصةً في ظل القلق المتزايد حول الأمن والخصوصية على شبكة الإنترنت، والذي يثير مخاوف المتعاملين بسبب انعدام الثقة بها.

الإلمام بثقافة قانونية

لحماية المستهلك وضمان حصوله على حقوقه، يؤكد المحامي عجوب أنه يجب أن يتمتع المستهلك بثقافة قانونية بالحد الأدنى، مما يتطلب اطلاعه على القوانين ومعرفته التامة بحقوقه وواجباته في مجال التسويق الإلكتروني. خصوصاً أن البنية التحتية الرقمية في سوريا تعاني من ضعف، لذا ينبغي على المستهلك أن يكون على دراية بجميع المراحل التي تتطلبها المعاملة الإلكترونية، وأن يعلم كيف يمارس حق العدول عن الشراء وحق الحصول على فاتورة من المنتج، بالإضافة إلى الحالات التي لا يحق له فيها العدول عن الشراء.
كما أن هناك واجبات يجب على البائع أو المنتج الالتزام بها تجاه المستهلك، مثل التعريف بنفسه وعنوانه، وتقديم وصف مفصل لمراحل إنجاز المعاملة والمدة الزمنية اللازمة ونفقات تسليم المنتج.

ثقافة الشكوى

النقطة الأهم وفق المحامي عجوب يجب على المستهلك أن يتمتع بثقافة الشكوى، حيث ينبغي له اللجوء إلى تقديم الشكوى عند وقوع أي مخالفة، أو المبادرة إلى إقامة دعوى قضائية عند حدوث أي جرم يقع عليه في هذا المجال. وهنا يأتي دور جمعية حماية المستهلك التي يجب أن تقدم المساعدة والدفاع عن مصالح المستهلك وإرشاده وتثقيفه. يمكن للجمعية التدخل كطرف مع المستهلك في حال أقام دعوى ضد مسبب الضرر، كما يقع على عاتق الجمعية مسؤولية تثقيف المستهلكين.
ولا ننسى أن الجهات المعنية تتحمل الدور الأهم في اتخاذ تدابير وإجراءات لحماية المستهلك من الاحتكار وسيطرة السوق. وإذا أقدمت على إجراء تعديلات على التشريعات ذات الصلة، يجب أن تكون هذه التعديلات مرهونة بالظروف الطارئة أو المتغيرة مع دراسة متأنية، إذ إن التعديلات الكثيرة قد تؤدي إلى فقدان الثقة بالتشريعات وزعزعة ما ينبغي أن تتصف به من ثبات.

Leave a Comment
آخر الأخبار